إحداهما: أنّ الأوّل أحقّ بها، والرّواية الأخرى: أنّ الثّاني أحقّ بها، فإن كان الثّاني قد دخل بها، فلا سبيل للأوّل إليها). قال في شرح التفريع [٧/ ٢٧١]: «قال الأبهري: وروى حمّاد بن سلمة: «أَنَّ أَبَا كَنَفٍ طَلَّقَ امْرَأَتَهُ تَطْلِيقَةً وَسَافَرَ، وَكَتَبَ إِلَيْهَا يَرْتَجِعُهَا وَأَشْهَدَ، فَضَاعَ الكِتَابُ وَانْقَضَتْ عِدَّتُهَا وَتَزَوَّجَتْ، ثُمَّ قَدِمَ أَبُو كَنَفٍ فَأَتَى عُمَرَ بْنَ الخَطَّابِ فَأَخْبَرَهُ، فَكَتَبَ عُمَرُ: إِنْ كَانَ دَخَلَ بِهَا زَوْجُهَا، فَقَدْ ذَهَبَتْ مِنْهُ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ دَخَلَ بِهَا فَهِيَ امْرَأَتُهُ، فَأَتَاهَا أَبُو كَيْفٍ وَالنّسَاءُ تُصَنِّعُهَا وَتُهَيِّئُهَا لِزَوْجِهَا، فَقَالَ: اخْرُجْنَ فَإِنَّ لِي حَاجَةً، فَخَرَجْنَ، فَأَغْلَقَ البَابَ وَوَقَعَ بِهَا». وقال أيضاً: «ووجه القول الثّاني ..... قال الأبهري: ولأنّها لو تزوّجت بعد انقضاء العدّة، فقد فعلت ما لها أن تفعله؛ لإباحة الله ﷿ التّزويج لها، وليس عليها أن تعلم أنّ الذي طلّقها ارتجعها أم لا إذا لم تعلم بذلك، بل عليه أن يعلمها ذلك، فلمّا لم يعلمها ذلك فقد قصّر وفرّط، فكان تزويجها جائزاً، كالحاكم إذا حكم بحكمٍ اجتهد فيه وليس فيه تقصيرٌ، ثمّ تبيّن له بعد حكمه وإنفاذه أنّ الحقَّ في غيره، فحكمه ماضٍ ولا يردّ، وكذلك تزويج هذه جائزٌ؛ لأنّه كان لها ذلك في الظّاهر». وقال أيضاً في [٧/ ٢٧٢]: «فإن دخل بها الثّاني فهو أحقّ بها ...... لأنّ الأوّل فعل ما له أن يفعل، وهو زوجٌ في الظّاهر، وكذلك الثّاني فعل ما له أن يفعل وهو زوجٌ في الظّاهر، فاستويا، ثم فضله الثّاني بالدّخول، فكان أولى؛ لقوّة سببه على الأوّل. قال الأبهري: لأنّه لم يبق من حرمة النّكاح شيئاً إلّا وقد ثبت وتناهى، فكان أولى لهذه العلّة».