فلو كان محرّماً لعقد النّكاح، لما جاز أن يستقرّ عليه بالكفّارة؛ لأنّ ما طعن في العقد وحلّه لم يرتفع بالكفارة، كالطّلاق، وإذا كان كذلك، علم أنّ تحريم الظّهار إنّما هو للوطء، فمتى عاد للوطء فقد وجبت عليه الكفّارة؛ لأنّ التحريم يلزمه بقول الظّهار، والكفّارة العود». وقال أيضاً: «فهذا وجه قول مالكٍ: إنّ العود هو الوطء نفسه، حكاه ابن القاسم وابن عبد الحكم. قال الأبهري: وقد قال مالكٌ: إنّ العود هو العزم على الوطء، فمتى عزم على الوطء فقد لزمته الكفّارة، مات أو طلّق، أو ماتت هي، حكاه أشهب عنه. ووجه هذا القول: قوله تعالى: ﴿ثُمَّ يَعُودُونَ لِمَا قَالُوا فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَمَاسَّا﴾ [المجادلة:٣]، فأوجب الله تعالى الكفّارة قبل المسيس، وهي تجب بالعود، فدلّ على أنّ الذي أوجب الكفّارة غير الوطء، وهو العزم عليه؛ لأنّه لو كان العود هو الوطء، لجاز له أن يطأ ثم تلزمه الكفّارة، فلمّا لم يجز له أن يطأ لمنعه تعالى من ذلك، عُلِم أنّ العود هو غير الوطء، وهو العزم عليه». وقال أيضاً في [٧/ ١٣٧]: «وليس العود أيضاً تكرار القول كما يقول المخالف، وذلك أنّ الله تعالى يقول: ﴿وَإِنَّهُمْ لَيَقُولُونَ مُنْكَرًا مِنَ الْقَوْلِ وَزُورًا﴾ [المجادلة:٢]، فكيف يؤمر من قال الزّور والمنكر بأن يعود إليه. قال الأبهري: ولأنّ القول الأوّل لا يخلو من أحد أمرين: إمّا أن يكون قد أوجب التّحريم، فالكفّارة تجب بإزالة التّحريم وهو العزم على الوطءِ أو الوطءُ. أو يكون القول الأوّل لم يوجب تحريماً، فالقول الثّاني مثله، وهذا لا يقوله عالمٌ.