قال الأبهري: فإن قيل: فقد روي عن النّبِيِّ ﵇ أنّه قال لزينب بنت جحشٍ ﵂: «دَعِي الصَّلَاةَ أَيَّامَ أَقْرَائِكِ»، ومحالٌ أن يأمرها بترك الصلاة أيام الطُّهر، فعُلِم بهذا أنَّ الأقراء الحيض؟ قيل له: لسنا ننكر أن اسم القُرء للحيض والطّهر؛ لكنّا نقول: إنّ الذي أريد أن تعتد به المرأة المطلّقة هو الطُّهر، بالدّليل الذي ذكرناه، والقرء الذي تدع الصّلاة فيه هو الحيض؛ لأنّ العرب قد تسمّي الشيئين باسمٍ واحدٍ، والشّيء الواحد بأسماء. قال الأبهري: وقد قال جماعةٌ من أصحاب رسول الله ﷺ أنّ الأقراء هي الأطهار، منهم: عائشة، وابن عمر، وزيد بن ثابتٍ، وسليمان بن يسار، والقاسم بن محمد، وسالم بن عبد الله، وأبان بن عثمان، وابن شهابٍ، وعروة ابن الزّبير، وعمر بن عبد العزيز، وابن قسيطٍ، وربيعة، وغيرهم». وقال في [٧/ ٣٥٨] أيضاً: «واختلف، هل تحلّ بنفس الدُّخول في الحيضة الثالثة: فقال ابن القاسم: وإذا دخلت المطلّقة في الدّم من الحيضة الثّالثة، فقد انقضت عدّتها، وحلّ نكاحها. وقال أشهب: أحبّ إليّ أن لا تنكح؛ لأنّها .... قال الأبهري: وروى مالكٌ، عن نافعٍ، عن ابن عمر أنّه قال: «إِذَا طَلَّقَ الرَّجُلُ امْرَأَتَهُ وَدَخَلَتْ فِي دَمِ الحَيْضَةِ الثَّالِثَةِ، فَقَدْ بَرِئَتْ مِنْهُ وَبَرِئَ مِنْهَا، وَلَا تَرِثُهُ وَلَا يَرِثُهُا». وروى مالكٌ، عن ابن شهابٍ، عن عروةٍ عن عائشة: «أَنَّهَا نَقَلَتْ حَفْصَةَ بِنْتَ عَبْدالرَّحْمَنِ بنِ أَبِي بَكْرٍ حِينَ دَخَلَتْ فِي الدَّمِ مِنَ الحَيْضَةِ الثَّالِثَةِ، فَذَكَرَتْ ذَلِكَ [لعمر، فقال: لِعَمْرَةَ، فَقَالَتْ]: صَدَقَ عُرْوَةُ، وَقَدْ جَادَلَهَا فِي ذَلِكَ نَاسٌ فَقَالُوا: إِنَّ الله ﷿ يَقُولُ: ﴿ثَلَاثَةَ قُرُوءٍ﴾، قَالَتْ عَائِشَةُ: وَتَدْرُونَ مَا الأَقْرَاءُ؟، إِنَّمَا الأَقْرَاءُ الأَطْهَارُ».