للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .


قال في شرح التفريع [٧/ ٣٦٢]: «واختُلف إذا ارتفع حيضها لمرضٍ:
فروى ابن القاسم عن مالكٍ: أنّها تعتدّ سنةً.
وذكر الأبهري عن أشهبٍ: أنّها تعتدّ بالأقراء وإن تباعد.
فوجه قول ابن القاسم: هو أنّ المرض فيه عادةٌ مستمرةٌ بتأخّر الحيض؛ إذ الأمراض تختلف.
قال الأبهري: لأنّها لمّا ارتفع حيضها لا تدري، هل ارتفع ذلك من إياسٍ أو مرضٍ أو غيره، فقد صارت مرْتابةً في حيضها، وحكم المرتابة أن تنتظر تسعة أشهر، ثمّ تنتظر ثلاثة أشهر.
ووجه قول أشهب: هو أنّ سبب ارتفاع الحيض معروفٌ وهو الرضاع، فإنّ المرض يؤثر في ارتفاعه كما يؤثره الرضاع، وقد يكون فيه ما يحبس الدم ويحرقه، فكان كالرّضاع.
وقال أيضاً في [٧/ ٣٦٢]: «ولو كان ارتفاعه لغير عارضٍ، فإنّها تنتظر سنةً، تسعة أشهرٍ منها استبراءٌ، وثلاثةٌ عدّةٌ؛ لأنّها صارت من أهل الاعتداد بالشّهور.
قال الأبهري: ومما يدل على ذلك قوله تعالى: ﴿وَاللَّائِي يَئِسْنَ مِنَ الْمَحِيضِ مِنْ نِسَائِكُمْ إِنِ ارْتَبْتُمْ فَعِدَّتُهُنَّ ثَلَاثَةُ أَشْهُرٍ وَاللَّائِي لَمْ يَحِضْنَ﴾ فعُلِم بهذه الآية أنّ عدّتها ثلاثة أشهرٍ بعد أن تستبرئ نفسها بتسعة أشهر؛ لجواز أن تكون حاملاً، فتعتدّ الأغلب من مدّة الحمل في النّساء، ثمّ تعتدّ عقيبه.
ولم يجز أن تقعد أبداً حتى يتبيّن أنّها مؤيّسةٌ؛ لأنّ ذلك ضررٌ بها، لا هي ذات زوجٍ ولا معتدّةٌ من زوجٍ؛ لأنّها لو كانت معتدّةً، لكانت إذا أتت بولدٍ لزيادةٍ على أكثر ما تحمل له النّساء، للحق بصاحب العدّة، وهو الزّوج الذي طلّقها، وليس يقول ذلك مخالفنا.
فلا وجه لبقاءِ امرأةٍ في غير عدّةٍ من زوج ومنعها من التزويج؛ لأنّ ذلك ضررٌ بها، ولا يستفيد الزّوج بقعودها شيئاً؛ لأنّ الولد لا يلحق به، فقد زالت الفائدة في قعودها وترك تزويجها، وفي ذلك ضررٌ عليها، فكان أولى ما قيل في ذلك، ما قاله مالكٌ ؛

<<  <  ج: ص:  >  >>