للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

فجازت الكفّارة في اليمين بالله جَلَّ وَعَزَّ قبل الحنث وبعده بهذه الأخبار الصحاح عن رسول الله .

فأمّا وجه جوازها قبل الحنث من جهة النظر: فلأنَّ عقد اليمين لمّا كان يحله الاستثناء إذا كان متصلاً باليمين على ما بيَّنَّاه، وإنما هو قولٌ، كانت الكفّارة بأن تحل عقد اليمين أولى؛ لأنّها أقوى؛ لأنَّ الكفّارة ترفع حكم الحنث حتى كأنه لم يكن، وكذلك ترفع حكم العقد حتى كأنه لم يكن، ثمّ كان الاستثناء جائزاً بعد العقد وقبل إذا كان متَّصلاً به، جازت الكفّارة مثله.

فإن قيل: إنَّ كفّارة اليمين بمنزلة الزكاة، فلمّا لم يجز تقدُّمه الزكاة عندك قبل حلول الحول، فكذلك يجب أن تكون الكفّارة لا يجوز تقدمتها قبل الحنث (١)؟

قيل له: الزكاة لمّا كان وجوبها معلَّقاً بوقتٍ معلومٍ، لم يجز تقدمتها قبله، كما لا يجوز ذلك في الصلاة والصيام، ولَمَّا كان وقت الكفّارة غير معلَّقٍ بوقتٍ، وإنما هو على حسب ما يريده المكفر من الحنث، كان فعلها جائزاً قبل الحنث وبعده.

فأمّا كفّارة الظهار: فإنها تجب قبل المسيس؛ لشرط الله ﷿ إياها كذلك.

وأمّا جزاء الصيد الذي هو كفارةٌ: فهي تجب أيضاً بعد القتل لا قبله.

وكذلك كفّارة الأذى: تجب بعد حلق الرأس وفعل أشباهه من اللبس والطيب؛ لأنَّ الله ﷿ أوجبها كذلك، ولا خلاف فيه أيضاً نعلمه.


(١) لم أقف على من اعترض على المالكية بهذا الاعتراض.

<<  <  ج: ص:  >  >>