للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وقد رَوَى موسى بن إسماعيل (١)، حدثنا وهيب، حدثنا أيوب، عن عكرمة، عن ابن عباس قال: «بَيْنَمَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ يَخْطُبُ، إِذَا هُوَ بِرَجُلٍ قَائِمٍ فِي الشَّمْسِ، فَسَأَلَ عَنْهُ، فَقَالُوا: هُوَ أَبُو إِسْرَائِيلَ، نَذَرَ أَنْ يَقُومَ وَلَا يَقْعُدَ، وَلَا يَسْتَظِلَّ، وَلَا يَتَكَلَّمَ، وَيَصُومَ، فَقَالَ: مُرُوهُ فَلْيَتَكَلَّمْ، وَلْيَسْتَظِلَّ وَيَقْعُدْ، وَيُتِمَّ صَوْمَهُ» (٢).

وقد رَوَى ثابتٌ البناني، عن أنسٍ، عن النبيِّ : «أَنَّهُ رَأَى رَجُلاً يُهَادَى بَيْنَ اثْنَيْنِ، فَسَأَلَ عَنْهُ، فَقَالُوا: نَذَرَ أَنْ يَمْشِيَ، فَقَالَ: إِنَّ اللهَ تَعَالَى لَغَنِيٌّ عَنْ تَعْذِيبِ هَذَا نَفْسَهُ، مُرُوهُ أَنْ يَرْكَبَ» (٣).

وقوله: «إن لم ينو شيئاً فليحج راكباً وليحج بالرّجل»، يعني: أنّه لا ينوي حمله على رقبته، فعليه أن يحجّ راكباً؛ لأنّه لم يرد تعذيب نفسه بالمشي وحمله، وإنما أراد بالحج هو بنفسه وأن يحج معه بالرجل، فعليه أن يفعل ذلك؛ لأنَّ هذا كلّه طاعةٌ لله تعالى، فعليه أن يفي به؛ لقول رسول الله : «مَنْ نَذَرَ أَنْ يُطِيعَ اللهَ فَلْيُطِعْهُ» (٤).

فإن أبى الرّجل أن يحج معه حج هو بنفسه، ولم يكن عليه شيءٌ في الرّجل إذا امتنع أن يحج؛ لأنَّ تركه الحج به ليس هو بفعله واختياره، وإنما هو بفعل غيره، ولا شيء عليه في فعل غيره.

•••


(١) موسى بن إسماعيل المنقري التبوذكي، ثقة ثبت، من صغار التاسعة. تقريب التهذيب، ص (٩٧٧).
(٢) رواه البخاري (٦٧٠٤)، وهو في التحفة [٥/ ١١١].
(٣) متفق عليه: البخاري (١٨٦٥)، مسلم [٥/ ٧٩]، وهو في التحفة [١/ ١٣١].
(٤) تقدَّم ذكره في المسألة ٨٧٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>