الذي على يمين مستقبل القبر الشريف، فإذا استقبلها كان محاذيا له، والزيارة من داخل المقصورة أولى؛ لأنه موقف السلف.
والمنقول أن الزائر يقف على نحو أربعة أذرع من رأس القبر، وقال ابن عبد السلام:
على نحو ثلاثة أذرع، وعلى كل حال فذلك من داخل المقصورة بلا شك. وقال ابن حبيب في الواضحة: واقصد القبر الشريف من وجاه القبلة وادن منه. وقال في الإحياء بعد بيان موقف الزائر بنحو ما قدمناه: فينبغي أن تقف بين يديه كما وصفنا، وتزوره ميتا كما كنت تزوره حيا، ولا تقرب من قبره إلا ما كنت تقرب من شخصه الكريم لو كان حيا، اه.
ولينظر الزائر في حال وقوفه إلى أسفل ما يتقبل من جدار الحجرة الشريفة، ملتزما للحياء والأدب التام في ظاهره وباطنه، قال الكرماني من الحنفية: ويضع يمينه على شماله كما في الصلاة.
وقال في الإحياء: واعلم أنه صلى الله عليه وسلم عالم بحضورك وقيامك وزيارتك، وأنه يبلغه سلامك وصلاتك، فمثل صورته الكريمة في خيالك، وأخطر عظيم رتبته في قلبك؛ فقد روى عنه صلى الله تعالى عليه وسلم أن الله تعالى وكّل بقبره ملكا يبلغه السلام ممن يسلم عليه من أمته، هذا في حق من لم يحضر قبره، فكيف بمن فارق الوطن وقطع البوادي شوقا إليه واكتفى بمشاهدة مشهده الكريم إذ فاته مشاهدة غرته الكريمة؟ انتهى.
ثم يسلم الزائر، ولا يرفع صوته ولا يخفيه، بل يقتصد فيقول: السلام عليك يا رسول الله، السلام عليك يا نبي الله، السلام عليك يا خيرة الله، السلام عليك يا حبيب الله، السلام عليك يا سيد المرسلين وخاتم النبيين، السلام عليك يا خير الخلائق أجمعين، السلام عليك يا قائد الغر المحجلين، السلام عليك وعلى آلك وأهل بيتك وأزواجك وأصحابك أجمعين، السلام عليك وعلى سائر الأنبياء والمرسلين وجميع عباد الله الصالحين، جزالك الله عنا يا رسول الله أفضل ما جزى به نبيا ورسولا عن أمته، وصلّى عليك كلما ذكرك الذاكرون وغفل عن ذكرك الغافلون أفضل وأكمل ما صلي على أحد من الخلق أجمعين، أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أنك عبده ورسوله وخيرته من خلقه، وأشهد أنك بلغت الرسالة، وأديت الأمانة، ونصحت الأمة، وكشفت الغمّة، وجاهدت في الله حق جهاده، اللهم آته الوسيلة والفضيلة وابعثه مقاما محمودا الذي وعدته وآته نهاية ما ينبغي أن يسأله السائلون، اللهم صلّ على سيدنا محمد نبيك ورسولك النبي الأمي وعلى آل سيدنا محمد وأزواجه وذريته كما صليت على إبراهيم