وروي أن أنس بن مالك رضي الله تعالى عنه رأى رجلا وضع يده على قبر النبي صلى الله تعالى عليه وسلم، فنهاه، وقال: ما كنا نعرف هذا على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقد أنكره مالك والشافعي وأحمد أشدّ الإنكار.
وقال بعض العلماء: إنه إن قصد بوضع اليد مصافحة الميت يرجى أن لا يكون به حرج، ومتابعة الجمهور أحق، انتهى.
وفي تحفة ابن عساكر: ليس من السنة أن يمس جدار القبر المقدس، ولا أن يقبّله، ولا يطوف به كما يفعله الجهال، بل يكره ذلك، ولا يجوز، والوقوف من بعد أقرب إلى الاحترام، ثم روى من طريق أبي نعيم قال: أنبأنا عبد الله بن جعفر بن فارس حدثنا أبو جعفر محمد بن عاصم حدثنا أبو أسامة عن عبيد الله بن نافع أن ابن عمر رضي الله تعالى عنهما كان يكره أن يكثر مس قبر النبي صلى الله تعالى عليه وسلم.
قال البرهان بن فرحون بعد ذكره: وهذا تقييد لما تقدم، وهو عن ابن عمر في القبر نفسه، فالجدر الظاهرة أخف، إذا لم يكثر منه، قال: وهو دال على قرب موقف الزائر، ويفسر معنى الدنو الذي عبر به مالك، انتهى.
وقال أبو بكر الأثرم: قلت لأبي عبد الله يعني أحمد بن حنبل- قبر النبي صلى الله تعالى عليه وسلم يلمس ويتمسح به؟ قال: لا أعرف هذا، قلت: فالمنبر، قال: أما المنبر فنعم، قد جاء فيه شيء يروونه عن ابن أبي فديك عن ابن أبي ذئب عن ابن عمر رضي الله تعالى عنهما أنه مسح المنبر، ويروونه عن سعيد بن المسيب في الرمانة، أي رمانة المنبر قبل احتراقه.
ويروى عن يحيى بن سعيد شيخ مالك أنه حيث أراد الخروج إلى العراق جاء إلى المنبر فمسحه ودعا، فرأيته استحسن ذلك، قلت لأبي عبد الله: إنهم يلصقون بطونهم بجدار القبر، وقلت له: ورأيت أهل العلم من أهل المدينة لا يمسونه، ويقومون ناحيته، ويسلمون، فقال أبو عبد الله: نعم، وهكذا كان ابن عمر رضي الله تعالى عنهما يفعل ذلك، نقله ابن عبد الهادي عن تأليف ابن تيمية.
وقال العز بن جماعة بعد ذكر ما سبق عن النووي: وقال السروجي الحنفي: لا يلصق بطنه بالجدار، ولا يمسه بيده، وقال عياض في الشفاء: ومن كتاب أحمد بن سعيد الهندي فيمن وقف بالقبر: لا يلصق به ولا يمسه ولا يقف عنده طويلا، وقال ابن قدامة من الحنابلة في المغني: ولا يستحب التمسح بحائط قبر النبي صلى الله تعالى عليه وسلم، ولا يقبله، قال أحمد: ما أعرف هذا، قال الأثرم: رأيت أهل العلم من أهل المدينة لا