يمسون قبر النبي صلى الله عليه وسلم، بل يقومون من ناحيته فيسلمون، قال أبو عبد الله: وكان ابن عمر رضي الله تعالى عنهما يفعل ذلك، انتهى. قال العز: في كتاب العلل والسؤالات لعبد الله بن أحمد بن حنبل عن أبيه رواية أبي علي بن الصوف عنه، قال عبد الله: سألت أبي عن الرجل يمسّ منبر رسول الله صلى الله عليه وسلم، ويتبرك بمسه، ويقبله، ويفعل بالقبر مثل ذلك رجاء ثواب الله تعالى، قال: لا بأس به، قال العز بن جماعة: وهذا يبطل ما نقل عن النووي من الإجماع.
قلت: النووي لم يصرح بنقل الإجماع، لكن قوة كلامه تفهمه.
وقال السبكي في الرد على ابن تيمية في مسألة الزيارة: إن عدم التمسّح بالقبر ليس مما قام الإجماع عليه؛ فقد روى أبو الحسين يحيى بن الحسين بن جعفر بن عبيد الله الحسيني في أخبار المدينة قال: حدثني عمر بن خالد حدثنا أبو نباتة عن كثير بن زيد عن المطلب بن عبد الله بن حنطب قال: أقبل مروان بن الحكم. فإذا رجل ملتزم القبر، فأخذ مروان برقبته ثم قال: هل تدري ما تصنع؟ فأقبل عليه فقال: نعم، إني لم آت الحجر، ولم آت اللّبن، إنما جئت رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم، لا تبكوا على الدين إذا وليه أهله، ولكن ابكوا عليه إذا وليه غير أهله، قال المطلب: وذلك الرجل أبو أيوب الأنصاري. قال السبكي: وأبو نباتة يونس بن يحية، ومن فوقه ثقات، وعمر بن خالد لم أعرفه، فإن صح هذا الإسناد لم يكره مس جدار القبر، وإنما أردنا بذكره القدح في القطع بكراهة ذلك، انتهى.
قلت: سبق في الفصل قبله أن أحمد رواه بأتم من ذلك عن عبد الملك بن عمرو وهو ثقة عن كثير بن زيد، وقد حكم السبكي بتوثيقه، فإنه الذي فوق أبى نباتة في إسناد يحيى، وقد وثقه جماعة، لكن ضعفه النسائي كما سبق.
وتقدم أيضا أن بلالا رضي الله تعالى عنه لما قدم من الشام لزيارة النبي صلى الله تعالى عليه وسلم أتى القبر، فجعل يبكي عنده، ويمرغ وجهه عليه، وإسناده جيد كما سبق.
وفي تحفة ابن عساكر من طريق طاهر بن يحيى الحسيني قال: حدثني أبي عن جدي عن جعفر بن محمد عن أبيه عن علي رضي الله تعالى عنه قال: لما رمس رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم جاءت فاطمة رضي الله تعالى عنها، فوقفت على قبره صلى الله تعالى عليه وسلم، وأخذت قبضة من تراب القبر ووضعت على عينيها وبكت، وأنشأت تقول: