ماذا على من شمّ تربة أحمد ... أن لا يشمّ مدى الزمان غواليا
صبّت عليّ مصائب لو أنها ... صبّت على الأيام عدن لياليا
ذكر الخطيب بن حملة أنّ ابن عمر رضي الله تعالى عنهما كان يضع يده اليمنى على القبر الشريف، وأن بلالا رضي الله تعالى عنه وضع خديه عليه أيضا، ثم قال: ورأيت في كتاب السؤالات لعبد الله بن الإمام أحمد، وذكر ما تقدم عن ابن جماعة نقله عنه، ثم قال: ولا شك أن الاستغراق في المحبة يحمل على الإذن في ذلك، والمقصود من ذلك كله الاحترام والتعظيم، والناس تختلف مراتبهم في ذلك كما كانت تختلف في حياته، فأناس حين يرونه لا يملكون أنفسهم بل يبادرون إليه، وأناس فيهم أنة يتأخرون، والكل محل خير، انتهى.
وقال الحافظ ابن حجر: استنبط بعضهم من مشروعية تقبيل الحجر الأسود جواز تقبيل كل من يستحق التعظيم من آدمي وغيره، فأما تقبيل يد الآدمي فسبق في الأدب، وأما غيره فنقل عن أحمد أنه سئل عن تقبيل منبر النبي صلى الله تعالى عليه وسلم وقبره، فلم ير به بأسا، واستبعد بعض أتباعه صحته عنه. ونقل عن ابن أبي الصيف اليماني أحد علماء مكة من الشافعية جواز تقبيل المصحف وأجزاء الحديث وقبور الصالحين.
ونقل الطيب الناشري عن المحب الطبري أنه يجوز تقبيل القبر ومسه؟ قال: وعليه عمل العلماء الصالحين، وأنشد:
لو رأينا لسليمى أثرا ... لسجدنا ألف ألف للأثر
وقال آخر:
أمرّ على الديار ديار ليلى ... أقبل ذا الجدار وذا الجدارا
وما حب الديار شغفن قلبي ... ولكن حب من سكن الديارا
ونقل بعضهم عن أبي خيثمة قال: حدثنا مصعب بن عبد الله حدثنا إسماعيل بن يعقوب التيمي قال: كان ابن المنكدر يجلس مع أصحابه، قال: وكان يصيبه الصمات، فكان يقوم كما هو يضع خده على قبر النبي صلى الله عليه وسلم ثم يرجع، فعوتب في ذلك، فقال: إنه يصيا بني خطرة، فإذا وجدت ذلك استشفيت بقبر النبي صلى الله تعالى عليه وسلم، وكان يأتي موضعا من المسجد في الصحن فيتمرغ فيه ويضطجع، فقبل له في ذلك، فقال: إني رأيت النبي صلى الله تعالى عليه وسلم في هذا الموضع، أراه قال «في النوم» انتهى.
ومنها: اجتناب الانحناء للقبر عند التسليم، قال ابن جماعة: قال بعض العلماء: إنه من البدع، ويظن من لا علم له أنه من شعار التعظيم، وأقبح منه تقبيل الأرض للقبر، لم