للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقد تقدم قول مالك رضي الله تعالى عنه في مناظرة المنصور، وأن حرمته صلى الله تعالى عليه وسلم ميتا كحرمته حيا.

ومنها: الحرص على فعل أنواع الخيرات بحسب الإمكان في ذلك المكان، من عيادة مريض، وتشييع جنازة، ومعونة ضعيف، وإغاثة ملهوف، والإحسان إلى المقيمين والواردين، وإكرام الزائرين، ومواسة فقرائهم ولو بلقمة أو تمرة أو سقي الماء إن أمكنه، إلى غير ذلك من أنواع الخير والمعروف.

ومنها: أن لا يضيق على من بها من الفقراء والمحتاجين، بسكنى الأربطة والأخذ من الصدقات، إلا أن يحتاج لذلك فيقتصر على قدر الحاجة، قاله الأقشهري، وهو حسن، قال: ولا ينتحل نحلة صورتها صورة عبادة ومحصولها فائدة دنيوية كإمامة وأذان وتدريس وقراءة ختمة أو خدمة في الحرم، إلا أن يخلص النية في ذلك، أو يكون عاجزا عن قوته، فيأخذ من الصدقات قوته، وما لا بد منه، من غير تعرض لها ولا إشراف نفس.

ومنها: أنه متى اختار الرجوع، وعزم على النهوض إلى وطنه أو غيره، فالمستحب كما قاله النووي وغيره- أن يودع المسجد الشريف بركعتين، ويكون ذلك في المصلى الشريف النبوي، أو ما قرب منه من الروضة الشريفة، ثم يحمد الله تعالى، ويصلى على نبيه صلى الله تعالى عليه وسلم، ويدعو بما أحب، ويقول: اللهم إنا نسألك في سفرنا هذا البرّ والتقوى، ومن العمل ما تحب وترضى. اللهم كن لنا صاحبا في سفرنا، وخليفة على أهلنا. اللهم ذلّل لنا صعوبة سفرنا، وأطو عنا بعده. اللهم إنا نعوذ بك من وعثاء السفر، وكابة المنظر، وسوء المنقلب في الأهل والمال. اللهم اصحبنا بنصح، واقبلنا بذمة. اللهم اكفنا ما أهمّنا وما لا نهتم له، وارجعنا سالمين مع القبول والمغفرة والرضوان، ولا تجعله آخر العهد بهذا المحل الشريف، ويعيد السلام والدعاء المتقدم في الزيارة، ويقول بعده اللهم لا تجعل هذا آخر العهد بحرم رسولك صلى الله تعالى عليه وسلم وحضرته الشريفة، ويسّر لي للعود إلى الحرمين سبيلا سهلة، وارزقني العفو والعافية في الدنيا والآخرة.

وقال الكرماني من الحنفية: إذا اختار الرجوع يستحب له أن يأتي القبر الشريف ويقول بعد السلام والدعاء: ودّعناك يا رسول الله غير مودّع ولا سامحين بفرقتك، نسألك أن تسأل الله تعالى أن لا يقطع آثارنا من زيارة حرمك، وأن يعيدنا سالمين غانمين إلى أوطاننا، وأن يبارك لنا فيما وهب لنا، وأن يرزقنا الشكر على ذلك. اللهم لا تجعل هذا

<<  <  ج: ص:  >  >>