للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

حظيت بهجرة خير من وطئ الثرى ... وأجلهم قدرا، فكيف ثراها؟

كل البلاد إذا ذكرت كأحرف ... في اسم المدينة لا خلت معناها

حاشى مسمى القدس فهي قريبة ... منها، ومكة إنها إياها

لا غرو إلا أن تم لطيفة ... مهما بدت يجلو الظلام سناها

جزم الجميع بأن خير الأرض ما ... قد حاط ذات المصطفى وحواها

ونعم، لقد صدقوا، بساكنها علت ... كالنفس حين زكت زكى مأواها

وبهذه ظهرت مزية طيبة ... فغدت وكل الفضل في معناها

حتى لقد خصت بروضة جنة ... الله شرفها بها وحباها

ما بين قبر للنبي ومنبر ... حيا الإله رسوله وسقاها

هذي محاسنها فهل من عاشق ... كلف شحيح باخل بنواها

إني لأرهب من توقّع بينها ... فيظل قلبي موجعّا أوّاها

ولقلما أبصرت حال مودّع ... إلا رثت نفسي له وشجاها

فلكم أراكم غافلين جماعة ... في إثر أخرى طالبين هواها

قسما لقد أذكى فؤادي بينكم ... نارا، وفجر مقلتيّ مياها

إن كان مزعجكم طلاب معيشة ... فالخير كل الخير في مثواها

أو خفتم ضرا بها فتأملوا ... بركات بلغتها فما أزكاها

إلا إذا يبغى الكثير لشهوة ... ورفاهة لم يدر ما عقباها

والعيش ما يكفي، وليس هو الذي ... يطغى النفوس ولا خسيس مناها

يا رب أسأل منك فضل قناعة ... بيسيرها وتحببا لحماها

ورضاك عني دائما، ولزومها ... حتى توافى مهجتي أخراها

فأنا الذي أعطيت نفسي سؤلها ... وقبلت دعوتها، فيا بشراها

بجوار أوفى العالمين بذمة ... وأعز من بالقرب منه يباهى

من جاء بالآيات والنور الذي ... داوى القلوب من العمى فشفاها

أولى الأنام بخطة الشرف التي ... تدعى الوسيلة خير من يعطاها

إنسان عين الكون، سر وجوده ... يس إكسير المحامد طه

حسبي، فلست أفي بذكر صفاته ... ولو أن لي عدد الحصا أفواها

كثرت محاسنه فأعجز حصرها ... وغدت وما نلفي لها أشباها

إني اهتديت من الكتاب باية ... فعلمت أن علاه ليس يضاهى

ورأيت فضل العالمين محددا ... وفضائل المختار لا تتناهى

<<  <  ج: ص:  >  >>