للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وماذا عليّ بأن يلعنوا ... وتأتي المنايا بإذلالها

وقالت سارة القرظية ترثي من قتل من قومها:

بأهلي رمّة لم تغن شيئا ... بذي حرض تعفّيها الرياح

كهول من قريظة أتلفتهم ... سيوف الخزرجية والرماح

ولو أذنوا بأمرهم لحالت ... هنالك دونهم حرب رداح «١»

قال أهل السير: ثم انصرف أبو جبيلة راجعا إلى الشام، وقد ذلّل الحجاز والمدينة، ومهّدها للأوس والخزرج.

ونقل المجد عن ياقوت أن تبّعا كان بالمدينة، فإنه قال: وعكس ياقوت قصة افتضاض الأبكار؛ فجعل أنها كانت باليمامة، وأن أهل المدينة مع تبّع هم الذين أزالوا هذه الفضيحة من اليمامة، ثم أورد كلام ياقوت، وليس مضمونه ما ذكره؛ بل مضمونه أن من كان يفعل فيهم هذه الفضيحة باليمامة احتالوا في دفعها وقتلوا من كان يفعل بهم ذلك وغلبوا عليهم، فهرب منهم شخص ولحق بتبع فنصره تبع مع أهل المدينة، وهو خبر ممتنع فلنورده تبعا للمجد، قال ياقوت: إن طسما وجديسا من ولد لاوذ بن إرم بن لاوذ بن سام بن نوح عليه السلام أقاموا باليمامة، وكثروا بها، حتى ملكوا عليهم عمليق الطّسمي- وكان جبارا غشوما، وكان قد قضى بقضاء جائر بين امرأة وزوجها من جديس، فأنشدت المرأة أبياتا بلغته، فأمر ألا تزوج بكر من جديس حتى تدخل عليه فيكون هو الذي يفترعها «٢» - ولقوا منه ذلا، حتى زوجت منهم أخت الأسود بن غفار سيد جديس، وكان جلدا، فلما كانت ليلة الإهداء خرجت والقيان «٣» حولها لتحمل إلى عمليق وهن يضربن بمعازفهن ويقلن:

أبدى بعمليق وقومي فاركبي ... وبادري الصبح بأمر معجب

فسوق تلقين الذي لم تطلبي ... وما لبكر دونه من مهرب

ثم أدخلت على عمليق فافترعها، وقيل: كانت أيدة «٤» ، فامتنعت عليه، فخاف العار فوجأها «٥» بحديدة في قبلها فأدماها، فخرجت وقد تقاصرت إليها نفسها فشقّت ثوبها من خلفها ودماؤها تسيل، فمرت بأخيها في جمع من قومه وهي تبكي وتقول:


(١) حرب رداح. وكتيبة رداح: كثيرة جرارة.
(٢) افترع البكر: افتض بكارتها.
(٣) القيان: الإماء والجواري. وغلب على المغنيات.
(٤) الأيدة: القوية الشديدة.
(٥) وجأها: دفعها ووخزها.

<<  <  ج: ص:  >  >>