للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بينهم ميراث في الجاهلية، فاشتجروا فيه، فلما رأوا أنهم لا يستقيمون فيه على أمر تداعوا إلى أن يدخلوا حديقة كانت في بني بياضة فيقتتلوا فيها، فدخلوا جميعا ثم أغلقوها، فاقتتلوا حتى لم يبق منهم عين تطرف، فسميت تلك الحديقة «حديقة الموت» وكان بنو مالك بن غضب سوى بني زريق ألف مقاتل في الجاهلية، وأما بنو أجدع فلم يبق منهم أحد، وأما بنو اللين فكان بقي منهم رجلان ثم انقرضا لا عقب لهما.

وذكر ابن حزم: أن زيد بن حبيب بن عبد حارثة بن مالك بن غضب المتقدم ذكر بنيه كان له أخ، وهو عبد الله بن حبيب، وأن عبد الله بن حبيب هذا ولد أبى جبيلة الغساني الذي جلبه مالك بن العجلان لقتل اليهود بالمدينة كما قدمنا الإشارة إليه، والله أعلم.

ونزل بنو ساعدة بن كعب بن الخزرج الأكبر مفترقين في أربع منازل: فنزل بنو عمرو وبنو ثعلبة ابنا الخزرج بن ساعدة دار بني ساعدة التي بين السوق- أي سوق المدينة- وبين بني ضمرة؛ فهي في شرقي سوق المدينة مما يلي الشام. وقال المطري: قرية بني ساعدة عند بئر بضاعة، والبئر وسط بيوتهم. قال ابن زبالة: فابتنوا أطما يقال له «معرض» في الدار المواجهة مسجد بني ساعدة، وهو آخر أطم بني بالمدينة، وقدم رسول الله صلّى الله عليه وسلّم المدينة وهم يبنونه، فاستأذنوه في إتمامه، فأذن لهم فيه، وله يقول شاعرهم:

ونحن حمينا عن بضاعة كلّها ... ونحن بنينا معرضا فهو مشرف

فأصبح معمورا طويلا فدى له ... وتخرب آطام بها وتصفصف

وأطما في دار أبي دجانة الصغرى التي عند بضاعة، ونزلت بنو قشبة- واسم قشبة عامر بن الخزرج بن ساعدة- قريبا من بني حديلة، وابتنوا أطما عند خوخة عمرو بن أمية الضّمري.

قلت: فمنزلهم في شرقي بني ضمرة، والمنزل المذكور قبل، والله أعلم.

ونزلت بنو أبي خزيمة بن ثعلبة بن طريف بن الخزرج بن ساعدة- وهم رهط سعد بن عبادة الدار التي يقال لها جرار سعد وهي جرار كان يسقي الناس فيها الماء بعد موت أمه.

قال ابن زبالة: عرض سوق المدينة ما بين المصلى إلى جرار سعد بن عبادة.

قلت: فهي مما يلي السوق، فإما أن يكون من جهة المشرق والمصلى حده من جهة المغرب، فيشهد ذلك لأنها الموضع المعروف اليوم بين أهل درب السويقة بسقيفة بني ساعدة، ويكون إطلاق السقيفة على ذلك المحل صحيحا، لا كما قال المطري: إنها بقرية ببني ساعدة عند بئر بضاعة؛ لأن سعد بن عبادة لم يكن هناك، وإنما كان مع رهطه في منزلهم، والسقيفة كانت عند منزله، وإما أن يكون جرار سعد مما يلي السوق من جهة

<<  <  ج: ص:  >  >>