للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عند مزاحم أي الأطم محتبيا قال: اذهب إلى الذين دعوك فانزل عليهم، فقال سعد بن عبادة لا تجد «١» يا رسول الله في نفسك من قوله، فقد قدمت علينا والخزرج تريد أن تملكه عليها، ولكن هذه داري، فمر ببني ساعدة فقال له سعد بن عبادة والمنذر بن عمرو وأبو دجانة: هلم يا رسول الله إلى العز والثروة والقوة والجلد، وسعد يقول: يا رسول الله ليس من قومي أكثر عذقا «٢» ولا فم بئر مني مع الثروة والجلد والعدد والحلقة؛ فيقول رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: بارك الله عليكم، وجعل رسول الله صلّى الله عليه وسلّم يقول: يا أبا ثابت خلّ سبيلها فإنها مأمورة، فمضى، واعترضه سعد بن الربيع وعبد الله بن رواحة وبشير بن سعد فقالوا: يا رسول الله لا تجاوزنا فإنا أهل عدد وثروة وحلقة، قال: بارك الله فيكم، خلوا سبيلها فإنها مأمورة، واعترضه زياد بن لبيد وفروة بن عمرو- أي: من بني بياضة- يقولان: يا رسول الله هلم إلى المواساة والعز والثروة والعدد والقوة، نحن أهل الدرك يا رسول الله، فقال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: خلوا سبيلها فإنها مأمورة، ثم مر ببني عدي بن النجار- وهم أخواله- فقام أبو سليط وصرمة بن أبي أنيس في قومهما فقالا: يا رسول الله نحن أخوالك هلم إلى العدد والمنعة مع القرابة، لا تجاوزنا إلى غيرنا يا رسول الله، ليس أحد من قومنا أولى بك منا لقرابتنا بك، فقال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: خلوا سبيلها فإنها مأمورة، ويقال: إن أول الأنصار اعترضه بنو بياضة، ثم بنو سالم، ثم مال إلى ابن أبي، ثم مر على بني عدي بن النجار، حتى انتهى إلى بني مالك بن النجار.

قلت: وقول بني عدي بن النجار «نحن أخوالك» لأنهم أقاربه من جهة الأمومة؛ لأن سلمى بنت عمرو أحد بني عدي بن النجار كانت أم جده عبد المطلب، وقول البراء في حديث الصحيح «إن النبي صلّى الله عليه وسلّم كان أول ما قدم المدينة نزل على أجداده، أو قال أخواله، من الأنصار» فيه تجوز من حيث إنه صلّى الله عليه وسلّم إنما نزل على إخوتهم بني مالك بن النجار، أو أراد أنه نزل بخطة بني النجار لتقارب منازلهم الجميع ومنهم بنو عدي.

وقال الحافظ ابن حجر في المقدمة في الكلام على الحديث المذكور: هم من بني عمرو بن عوف من الخزرج، وكانت أم عبد المطلب جد النبي صلّى الله عليه وسلّم منهم، واسمها سلمى؛ فهم أجداده حقيقة، وأخواله مجازا، والشك من راوي الخبر، انتهى.

وهو وهم، سببه اشتباه النزول الأول بقباء بهذا النزول الذي وقع فيه الاستقرار، وليس بنو عمرو بن عوف ممن يوصف بذلك، وقد تنبه له في الشرح؛ فذكره على الصواب كما قدمناه، والله أعلم.


(١) الوجد: الحزن والغضب.
(٢) أكثر عذقا: أكثر نخلا.

<<  <  ج: ص:  >  >>