للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وروى رزين أنه صلّى الله عليه وسلّم سار من قباء ومعه جماعة من الأنصار في السلاح وجميع المهاجرين، وذكر صلاة الجمعة، قال: ثم ركب فجاء بني الحبلى فأراد أن ينزل على عبد الله بن أبي بن سلول، وكان جالسا محتبيا عند أطم له، فقال: اذهب إلى الذين دعوك فانزل عليهم، فقال سعد بن عبادة لرسول الله صلّى الله عليه وسلّم: لا تجد عليه، فإن أهل هذه البحرة كانوا قد أجمعوا على أن يعصّبوه»

ويتوّجوه، فلما رد الله عليه ذلك بالحق الذي أعطاك شرق لذلك «٢» .

قلت: الذي في الصحيح ذكر سعد لذلك في قصة عيادته صلّى الله عليه وسلّم له من مرض بعد سكناه بالمدينة، والذي في كتب السير عن ابن إسحاق أن الجمعة أدركته في وادي رانونا فكانت أول جمعة صلاها بالمدينة، وكانوا أربعين، وقيل: مائة، فأتاه عتبان بن مالك في رجال من بني سالم فقالوا: يا رسول الله أقم عندنا في العدد والعدة والمنعة، قال: خلوا سبيلها فإنها مأمورة، لناقته، فخلوا سبيلها، فانطلقت حتى إذا وازنت دار بني بياضة تلقاه زياد بن لبيد وفروة بن عمرو في رجال من بني بياضة، فأجابهم بمثل ما تقدم، فخلوا سبيلها، حتى إذا وازنت دار بني الحارث بن الخزرج اعترضه سعد بن الربيع وخارجة بن زيد وعبد الله بن رواحة في رجال من بلحارث، فأجابهم بما تقدم، فخلوا سبيلها، فانطلقت حتى إذا مرت بدار عدي بن النجار- وهم أخواله دنيا- اعترضهم سليط بن قيس في رجال منهم، فأجابهم بمثل ما تقدم، حتى إذا أتت دار بني مالك بن النجار بركت على باب مسجده صلّى الله عليه وسلّم ثم وثبت وسارت غير بعيد ورسول الله صلّى الله عليه وسلّم واضع لها زمامها لا يثنيها به، ثم التفتت خلفها فرجعت إلى مبركها أول مرة فبركت فيه، ثم تلحلحت وأرزمت «٣» ووضعت جرانها «٤» فنزل عنها رسول الله صلّى الله عليه وسلّم وفي رواية أنها لما وثبت من مبركها الأول بركت على باب أبي أيوب الأنصاري، ثم ثارت منه وبركت في مبركها الأول، وفي رواية فقال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: هذا المنزل إن شاء الله.

وذكر ابن سيد الناس بعد قصة بني سالم أن راحلته انطلقت حتى وازنت دار بني بياضة، فذكر قصتهم، ثم قال: فانطلقت حتى إذا مرت بدار بني ساعدة اعترضه سعد بن عبادة، وذكر قصتهم، ثم قال: فانطلقت حتى إذا وازنت دار بني الحارث بن الخزرج اعترضه سعد بن الربيع، وذكر قصتهم، ثم ذكر القصة كما قدمناه.


(١) عصّبه القوم: سوّدوه وجعلوه سيدا عليهم.
(٢) شرق لذلك: غصّ وضاق صدره لذلك.
(٣) تحلحلت: تحركت عن موضعها. أرزمت: اشتد صوتها.
(٤) الجران: باطن العنق من البعير وغيره.

<<  <  ج: ص:  >  >>