للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المشرق إلى الأسطوان التي دون المربعة التي عند القبر، وعلامة تلك الأسطوان أن لها نجافا «١» طالعا في الرحبة من بين الأساطين، ومن المغرب إلى الأسطوان التي تلي المربعة التي لها نجاف أيضا من بين الأساطين، وظهر ذلك أي حد المسجد بحجارة، وعبارة يحيى: وقد صمد بحجارة تحت الحصباء، منها أرفة عند الأسطوان التي بين أسطوان التوبة وبين القبر في صف الأسطوان التي لها نجاف، ومن المغرب مثل ذلك بأرفة حجارة في الأرض مبنية، وترك مما يلي الشام لم يزد فيه، انتهى كلام ابن زبالة بحروفه.

وقوله: «ومن المغرب مثل ذلك» أي ظهر الحد بأرفة حجارة في الأرض، ولا أدري معنى قوله بأرفة «٢» .

وذكر ابن زبالة أيضا في موضع آخر ذرع مسجد النبي صلّى الله عليه وسلّم الذي كان في زمنه، يعني ما استقر عليه في آخر الأمر، ثم قال: وحده من شرقي المنبر أربع أساطين، ومن غربيه أربع أساطين، انتهى.

والعجب من ابن النجار فمن بعده من المؤرخين حيث لم يتعرضوا لهذا، لكن ابن النجار اعتذر في أول كتابه بأنه كان مجاورا بالمدينة، ولم تكن كتبه حاضرة عنده، وذكر ما يقتضي أنه كتب ذلك مما علق بفكره، والمطري جرى على منواله، وابن زبالة ويحيى عمدة في ذلك؛ فإنهما أقدم من أرخ للمدينة لأن ابن زبالة هو محمد بن الحسن أحد أصحاب الإمام مالك بن أنس، ويؤخذ من كلامه أنه وضع كتابه في صفر سنة تسع وتسعين ومائة، وأما يحيى فهو من أصحاب أصحابه، وكانت وفاته سنة سبع وسبعين ومائتين عن ثلاث وستين سنة، وأما ابن شبة فكان معاصرا ليحيى وقبله بيسير، ولم أظفر من كتابه بهذا المحل المشتمل على ذكر المسجد، ولو ظفرت به لكان الشفاء؛ فإنه يوضح الأمور إيضاحا تاما، وهو إمام ثقة، وابن زبالة وإن كان ضعيفا لكن اعتضد بموافقة يحيى له وروايته لكلامه من غير تعقيب.

ثم ظفرت في كلام المرجاني نقلا عن المحاسبي بما يوافق كلامه؛ فهو العمدة عندي.

قال المرجاني: قال الحارث بن أسد المحاسبي: حد المسجد الأول ستة أساطين في عرضه عن يمين المنبر إلى القناديل التي حذاء الخوجة، وثلاث سوار عن يساره من ناحية المنحرف منه، ومنتهى طوله من قبلته إلى مؤخره حذاء تمام الرابع من طيقان المسجد


(١) النجاف: الناتئ المشرف على الشيء.
(٢) الأرفة: علامة تنصب، تبين الحدّ بين الأرضين.

<<  <  ج: ص:  >  >>