للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قلت: وقد سألت عن هذه الجزعة المتولى لأمر حاصل الحرم الشريف وخازن داره- وكان قديم الهجرة- وغيرهما فقالوا: إنه ليس عندهم بالحاصل شيء من ذلك، ولعل ذلك ذهب فيما أخذه الأمير جماز عند كسر حاصل الحرم الشريف، وقد وسع المحراب القبلي عما كان عليه وزيد في طوله بعد هدم الجدار القبلي بعد الحريق الثاني.

وقال ابن زبالة: إن ذرع ما بين المنبر ومقام النبي صلّى الله عليه وسلّم الذي كان يصلي فيه حتى توفي صلّى الله عليه وسلّم أربعة عشر ذراعا وشبرا.

قلت: وقد ذرعت ما بين المنبر الموجود قبل الحريق الثاني وأعلى الحفرة الذي ينزل منه إلى درجتها من ناحية مؤخر المصلى الشريف، فكان أربعة عشر ذراعا، وعرض الدرجة شبر راجح؛ فصح ذلك، وأما حده من جهة المشرق فسيأتي أن جعله على هذه الهيئة الموجودة اليوم أمر حادث.

وقد قال ابن زبالة: إن ذرع ما بين مصلى النبي صلّى الله عليه وسلّم من مسجده الأول وبين أسطوان التوبة سبع عشرة ذراعا، وأسطوان التوبة في جهة المشرق، وقد ذرعت ما بينها وبين درجة الحفرة الشرقية فكانت ست عشرة ذراعا، فعلمنا بذلك أن المصلى الشريف في جانب الحفرة الغربي، وأن ما يلي المشرق منها ليس منه، ويشهد له ما سبق من كلام مالك والإحياء لذكرهما السارية التي عندها الصندوق، بل في خط الأقشهري في مصنفه في الزيادة ضبط قول ابن زبالة فيما بين المصلى الشريف وأسطوان التوبة تسع عشرة ذراعا- بتقديم التاء على السين- وقد ذرعت ما بين طرف أسطوان التوبة الشرقي وبين طرف الحفرة الغربي فكان كذلك.

ونقل الأقشهري أيضا عن أبي غسان أحد أصحاب مالك أن ما بين الحجرة الشريفة ومقام النبي صلّى الله عليه وسلّم الذي كان يقوم فيه ثمانية وثلاثون ذراعا، وأنا ما بينه وبين المنبر الشريف مثل ما سبق عن ابن زبالة، وقد اختبرت ما بين طرف الحفرة الغربي ورخام جدار الحجرة الشريفة فكان ثمانية وثلاثين ذراعا، فعلمنا أن المحاف عليه في حد المصلى الشريف هو طرف الحفرة الغربي، ولم تكن هذه الحفرة في الزمن القديم، ولهذا قال المجد: حكى ابن النجار الإجماع على أن المصلى الشريف لم يغير بتقديم وتأخير، وإنما غيرت هيئته في هذا العصر الأخير بجعل المصلى شبه حفير أو حوض صغير منخفض عن موقف المأمومين نحو ذراع بسبب ترخيمه وتكاثر الرمل المفروش به الروضة.

قلت: وهو الآن شبه حوض مربع ينزل إليه بدرجة طوله ذراعان ونصف وثمن، وعرضه ذراعان ونصف ونصف ثمن، لكن زادوا في طوله في العمارة الحادثة بعد الحريق أرجح من نصف ثمن ذراع ونحوه في العرض.

<<  <  ج: ص:  >  >>