سنة عشرين وثمان مائة؛ فهذا هو المعتمد، لكن لم يطلع ابن حجر على ما ذكره المراغي من منبر الظاهر برقوق، وجعل إتيان منبر المؤيد هذا بدلا عن منبر الظاهر بيبرس، وكلام المراغي أولى بالاعتماد في ذلك؛ فإنه كان بالمدينة حينئذ، وعلى هذا فمدة الخطبة على منبر الظاهر برقوق ثلاث أو أربع وعشرون سنة، ثم وضع منبر المؤيد.
وأخبرني السراج النفطي أنه صنعه أهل الشام، وجاؤوا به المؤيد ليجعله بمدرسته المؤيدية، فوجدوا أهل مصر قد صنعوا لها منبرا، فجهز المؤيد منبر أهل الشام إلى المدينة الشريفة، وقال لي الجمال عبد الله بن صالح: شاهدت وضعه موضع المنبر الذي كان قبله.
قلت: ويدل على صحة ذلك ما قدمناه من اختبار ذرع ما بينه وبين المصلى الشريف؛ إذ المنقول أن بينهما أربعة عشر ذراعا وشبرا، وقد اختبرته من ناحية المصلى الشريف إلى ما حاذاه من المنبر في المغرب فكان كذلك؛ فوضعه من هذه الجهة صحيح لا شك فيه، وأما من جهة القبلة فقد قال المطري: إن المنبر الذي أدركه بينه وبين الدرابزين الذي في قبلة الروضة مقدار أربعة أذرع وربع ذراع، وقد ذكر الزين المراغي في كتابه ما ذكره المطري من الذرع، ولم يتعقبه؛ فاقتضى أن المنبر الذي تقدم وضعه في زمنه وضع موضع المنبر الذي كان في زمان المطري، وأقر أيضا قول المطري في حدود المسجد أن المنبر لم يغير عن منصبه الأول.
وقد ذكر ابن جماعة أيضا ذرع ما بين المنبر والدرابزين، وهو يعني المنبر الموجود زمن المطري، فقال: إن بينهما ثلاثة أذرع بذراع العمل، وهو أزيد مما ذكره المطري بربع ذراع راجح؛ لأن ذراع العمل كما تقدم ذراع ونصف، وكأن المطري يعني ذراع المدينة اليوم كما يؤخذ من كلام المراغي فيوافق كلام ابن جماعة، والذي بين هذا المنبر الموجود اليوم وبين الدرابزين المذكور ذراعان وثلث بذراع العمل، وذلك ثلاثة أذرع ونصف من الذراع الذي قدمنا أنه المراد عند الإطلاق؛ فيحتمل أن يكون هذا المنبر مقدم الوضع لجهة القبلة على المنبر الذي كان قبله، وهو مقتضى ما نقله الأثبات، لكني أستبعده للأخبار ممن لقيناه بوضعه موضع ذاك.
ثم تبين عند انكشاف الدكة التي تقدم ذكرها من آثار المنبر المحترق قديما ما علمنا به صواب ما ذكره المطري وغيره أن هذا المنبر مقدم الوضع على الذي قبله من جهة القبلة بما يقرب من ذراع، وكذا ظهر زيادته من جهة الشام أيضا على الدكة الأصلية المتقدم وصفها بقريب من ذراع، ووجد محرفا عنها من طرفه الشامي نحو المغرب قدر شبر لما فيها من التيامن الذي تقدمت الإشارة إليه في التنبيه الثالث من الفصل قبله، وكنت قد أيدت وضعه بكونه أقرب إلى ما ورد فيما كان بين المنبر والجدار القبلي كما سيأتي فانكشف الحق لذي