للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وإلى هذا جنح ابن حبان، وقوى بعضهم ذلك بأن منزل أب بكر كان بالسّنح «١» من عوالي المدينة فلا يكون له خوخة إلى المسجد.

قال الحافظ ابن حجر: وهذا الإستناد ضعيف؛ لأنه لا يلزم من كون منزله كان بالسّنح ألايكون له دار مجاورة للمسجد، ومنزله الذي كان بالسنح هو منزل أصهاره من الأنصار، وقد كان له إذ ذاك زوجة أخرى، وهي أسماء بنت عميس، بالاتفاق، وأم رومان على القول بأنها كانت باقية يومئذ، وقد ذكر عمر بن شبة في أخبار المدينة أن دار أبي بكر التي أذن له في إبقاء الخوخة منها إلى المسجد كانت ملاصقة للمسجد، ولم تزل بيد أبي بكر حتى احتاج إلى شيء يعطيه لبعض من وفد عليه فباعها فاشترتها منه حفصة أم المؤمنين بأربعة آلاف درهم.

قلت: وسيأتي بقية ما ذكره في إدخالها في المسجد في زيادة عمر رضي الله عنه.

وقال ابن شبة أيضا في ذكر دور بني تيم: اتخذ أبو بكر رضي الله عنه دارا في زقاق البقيع قبالة دار عثمان الصغرى، واتخذ منزلا آخر أيضا عند المسجد، وهو المنزل الذي قال فيه رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: سدوا عني هذه الأبواب إلا ما كان من باب أبي بكر.

قال أبو غسان: أخبرني محمد بن إسماعيل بن أبي فديك أن عمه أخبره أن الخوخة الشارعة في دار القضاء في غربي المسجد خوخة أبي بكر الصديق التي قال لها رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: سدوا عني هذه الأبواب إلا ما كان من خوخة أبي بكر الصديق، واتخذ أبو بكر أيضا بيتا بالسنح، اه كلام ابن شبة.

وقال الجمال المطري: وأما خوخة أبي بكر رضي الله عنه فإن ابن النجار قال: قال أهل السير: إن باب أبي بكر كان عربي المسجد، ونقل أيضا أنه كان قريب المنبر، ولما زادوا في المسجد إلى حده في الغرب نقلوا الخوخة «٢» وجعلوها في مثل مكانها أولا، كما نقل باب عثمان إلى موضعه اليوم.

قال المطري: وباب خوخة أبي بكر اليوم هو باب خزانة لبعض حواصل الحرم، إذا دخلت من باب السلام كانت على يسارك قريبا من الباب.

قلت: وهذه الخزانة جعل في جهتها عند عمارة المدرسة الأشرفية ثلاثة أبواب، ومحل الخوخة من ذلك الباب الثالث من على يسارك إذا دخلت من باب السلام، وتعرف قديما بخزانة النورة لوضعها فيها للعمارة.


(١) السّنح: موضع بعوالي المدينة فيه منازل بني الحارث بن الخزرج.
(٢) الخوخة: باب صغير وسط باب كبير نصب حاجزا بين دارين- وهو الكوّة في البيت تؤدّي إليه الضوء.

<<  <  ج: ص:  >  >>