وكلامه في ذلك يوافق ما ذكره ابن زبالة فإنه قال: وحدثني محمد بن إسماعيل عن إسحاق بن مسلم أن الخوخة التي إلى جنب باب زياد في غربي المسجد الشارعة في رحبة القضاء هي يمنى خوخة أبي بكر، لما زيد في المسجد نحّيت فجعلت يمناها: أي: في موازاتها من جهة اليمين، ورحبة القضاء خلف الخوخة المتقدم وصفها من جهة الحصن العتيق المتخذ مدرسة للسلطان الأشرف بعد الحريق الذي أدركناه.
قال الحافظ ابن حجر: وقد جاء في سد الأبواب التي حول المسجد أحاديث يخالف ظاهرها ما تقدم: منها حديث سعد بن أبي وقاص قال: أمر رسول الله صلّى الله عليه وسلّم بسد الأبواب الشارعة في المسجد، وترك باب علي، أخرجه أحمد والنسائي وإسناده قوي، وفي رواية للطبراني في الأوسط رجالها ثقاة: فقالوا يا رسول الله سددت أبوابنا، فقال: ما أنا سددتها ولكن الله سدها، وعن زيد بن أرقم قال: كان لنفر من الصحابة أبواب شارعة في المسجد، فقال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: سدوا هذه الأبواب إلا باب علي، فتكلم ناس في ذلك، فقال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: إني والله ما سددت شيئا ولا فتحته، ولكن أمرت بشيء فاتبعته، أخرجه أحمد والنسائي والحاكم ورجاله ثقات.
قلت: لفظ رواية أحمد: عن زيد بن أرقم قال: كان لنفر من أصحاب رسول الله صلّى الله عليه وسلّم أبواب شارعة في المسجد، قال: فقال يوما: سدوا هذه الأبواب إلا باب علي، فتكلم أناس في ذلك، فقام رسول الله صلّى الله عليه وسلّم فحمد الله وأثنى عليه وقال: أما بعد فإني قد أمرت بسد هذه الأبواب غير باب علي، فقال فيه قائلكم، وإني والله ما سددت شيئا ولا فتحته، الحديث.
وعن ابن عباس قال: أمر رسول الله صلّى الله عليه وسلّم بأبواب المسجد فسدت إلا باب علي، وفي رواية: وأمر بسد أبواب المسجد غير باب علي؛ فكان يدخل المسجد وهو جنب ليس له طريق غيره، أخرجهما أحمد والنسائي، ورجالهما ثقات.
وعن جابر بن سمرة قال: أمر رسول الله صلّى الله عليه وسلّم بسد الأبواب كلها غير باب علي، فربما مر فيه وهو جنب، أخرجه الطبراني.
وعن ابن عمر: كنا نقول في زمن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: رسول الله «خير الناس، ثم أبو بكر، ثم عمر، ولقد أعطى علي بن أبي طالب ثلاث خصال لأن يكون لي واحدة منهن أحب إلي من حمر النعم: زوجه رسول الله صلّى الله عليه وسلّم ابنته وولدت له، وسد الأبواب إلا بابه في المسجد، وأعطى له الراية يوم «١» خيبر، أخرجه أحمد، وإسناده حسن.
وأخرج النسائي من طريق العلاء بن عرار- بمهملات- قال: قلت لابن عمر: أخبرني عن علي وعثمان، فذكر الحديث، وفيه: وأما علي فلا تسأل عنه أحدا، وانظر إلى منزله من
(١) يوم خيبر: يوم قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: «لأعطين الراية غدا رجلا يحبّ الله ورسوله، ويحبه الله ورسوله» .