للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

منها، فقال عمر: اجعل بيني وبينك من شئت، فقال: أبي بن كعب، فانطلقا إلى أبي فقصّا عليه القصة، فقال أبي: إن شئتما حدثتكما بحديث سمعته من رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، فقالا:

حدّثنا، فقال: سمعت رسول الله صلّى الله عليه وسلّم يقول: إن الله أوحى إلى داود أن ابن لي بيتا أذكر فيه، فخط له هذه الخطة خطة بيت المقدس، فإذا تربيعها بزاوية بيت رجل من بني إسرائيل، فسأله داود أن يبيعه إياها، فأبى، فحدث داود نفسه أن يأخذه منه، فأوحى الله إليه: أن يا داود أمرتك أن تبني لي بيتا أذكر فيه، فأردت أن تدخل في بيتي الغصب، وليس من شأني الغصب، وإن عقوبتك ألاتبنيه، قال: يا رب فمن ولدي، قال: فمن ولدك، فأخذ عمر بمجامع أبي بن كعب فقال: جئتك بشيء فجئت بما هو أشد منه، لتخرجن مما قلت، فجاء يقوده حتى دخل المسجد، فأوقفه على حلقة من أصحاب رسول الله صلّى الله عليه وسلّم فيهم أبو ذر، فقال أبي: نشدت الله رجلا سمع رسول الله صلّى الله عليه وسلّم يذكر حديث بيت المقدس حين أمر الله داود أن يبنيه إلا ذكره، فقال أبو ذر:

أنا سمعته من رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، وقال آخر: أنا سمعته، يعني من رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، قال:

فأرسل أبيا، قال: فأقبل أبي على عمر فقال: يا عمر أتتهمني على حديث رسول الله صلّى الله عليه وسلّم؟ فقال عمر: والله يا أبا المنذر ما اتهمتك عليه، ولكن أردت أن يكون الحديث عن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم ظاهرا، قال: وقال عمر للعباس: اذهب فلا أعرض لك في دارك، فقال العباس: أما إذا قلت ذلك فإني قد تصدقت بها على المسلمين أوسع عليهم في مسجدهم، فأما وأنت تخاصمني فلا، قال: فخط له عمر داره التي هي اليوم، وبناها من بيت مال المسلمين.

في سنن البيهقي قبل كتاب الرجعة عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: لما أراد عمر رضي الله عنه أن يزيد في مسجد رسول الله صلّى الله عليه وسلّم وقعت زيادته على دار العباس رضي الله عنه، فأراد عمر أن يدخلها في المسجد ويعوضه منها، فأبى، وقال: قطيعة «١» رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، فاختلفا، فجعل بينهما أبيّ بن كعب رضي الله عنه، فأتياه في منزله، وكان يسمى سيد المسلمين، فأمر لهما بوسادة، فألقيت لهما فجلسا عليها بين يديه، فذكر عمر ما أراد، وذكر العباس قطيعة رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، فقال أبيّ رضي الله عنه: إن الله عز وجل أمر عبده ونبيه داود أن يا بني له بيتا، قال: أي رب، وأين هذا البيت؟ قال: حيث ترى الملك شاهرا


(١) القطيعة: الجزء من الأرض يملّكه الحاكم لمن يريد من أتباعه منحة. (ج) قطائع.

<<  <  ج: ص:  >  >>