للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال: وقد وجدت له شاهدا من حديث أهل الشام، ثم ساقه من طريق شعيب الخراساني عن عطاء الخراساني عن سعيد بن المسيب أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه لما أراد أن يزيد في مسجد رسول الله صلّى الله عليه وسلّم وقعت منازعة على دار العباس، فذكر نحوه.

وروى ابن زبالة ويحيى من طريقه عن عبد الله بن أبي بكر قال: كان للعباس بيت في قبلة المسجد، وكثر الناس، وضاق المسجد، فقال عمر للعباس: إنك في سعة فأعطني بيتك هذا أوسع به في المسجد، فأبى العباس ذلك عليه، فقال عمر: إني أثمنك وأرضيك، قال:

لا أفعل، لقد ركب رسول الله صلّى الله عليه وسلّم على عاتقي وأصلح ميزابه بيده فلا أفعل، قال عمر:

لآخذنه منك، فقال أحدهما لصاحبه: فاجعل بيني وبينك حكما، فجعلا بينهما أبي بن كعب، فأتياه فاستأذنا على الباب، فحبسهما ساعة ثم أذن لهما وقال: إنما حبستكما أني كنت كما كانت الجارية تغسل رأسي، فقص عليه عمر قصته، ثم قص عباس قصته، فقال:

إن عندي علما مما اختلفتما فيه، ولأقضين بينكما بما سمعت من رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، سمعته يقول: إن داود لما أراد أن يا بني بيت المقدس وكان بيت ليتيمين من بني إسرائيل في قبلة المسجد فأراد منهما البيع فأبيا عليه، فقال: لآخذنه، فأوحى الله عز وجل إلى داود: إن أغنى البيوت عن المظلمة بيتي، وقد حرمت عليك بنيان بيت المقدس، قال: فسليمان، فأعطاه سليمان، فقال عمر لأبي: ومن لي بأن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم قال هذا؟ فقال أبي لعمر:

أتظن أني أكذب على رسول الله صلّى الله عليه وسلّم؟ لتخرجن من بيتي، فخرج إلى الأنصار فقال: أيكم سمع رسول الله صلّى الله عليه وسلّم يقول كذا وكذا؟ فقال هذا: أنا، وقال هذا: أنا، حتى قال ذلك رجال، فلما علم ذلك عمر قال: أما والله لو لم يكن غيرك لأجزت قولك، ولكني أردت أن أستثبت.

وفي رواية ليحيى عن أبي الزناد أن عمر بن الخطاب لما زاد في المسجد دعا من كان له إلى جانبه منزل فقال: اختاروا مني بين ثلاث خصال: إما البيع فأثمن، وإما الهبة فأشكر، وإما الصدقة على مسجد رسول الله صلّى الله عليه وسلّم فأجابه الناس، وكان للعباس دار عن يمين المسجد، فدعاه عمر، فقال: يا أبا الفضل اختر مني بين ثلاث خصال، وذكر نحو ما تقدم، فقال العباس: ما أجيبك إلى شيء مما دعوتني إليه، فقال عمر: إذا أهدمها، فقال العباس: مالك ذلك، وذكر التحاكم إلى أبي، وقصة بيت المقدس مع مخالفة في ذكر قصته لبعض ما تقدم.

وفي رواية له عن ابن عمر أن عمر رضي الله عنه كلّم العباس في داره، وكانت في ما بين موضع الأسطوان المربعة التي تلي دار مروان بن الحكم، قطيعة كان قطع له النبي صلّى الله عليه وسلّم، فكلمه عمر رضي الله عنه يدخلها في المسجد، وأعطاه بها ثمنا حسنا، وقال: يا أبا الفضل إن الناس قد شكوا ضيق مسجدهم، وأحبوا الاتساع، فأبى العباس أن يبيعه، فقال عمر:

<<  <  ج: ص:  >  >>