للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أنا أعطيك خيرا منها في أي نواحي المدينة شئت، فأبى العباس ذلك، فقال عمر: فتصدق على الناس، فأبى فقال عمر: لآخذنه، فقال العباس: ليس ذلك لك، قال عمر: اجعل بيني وبينك رجلا، فجعلا أبي بن كعب، فأتياه فحبسهما ساعة ثم أذن لهما ثم قال: إن جاريتي كانت تغسل رأسي، فأيكما يستعدي على صاحبه؟ فقال عمر: أنا، جعلناك حكما بيننا، وما رأيت من أمر لزمنا، فقال أبي: ما تقول يا أبا الفضل؟ قال: أقول ذلك، فذهب عمر يتكلم، فقال أبي: تكلم يا أبا الفضل، دعه يابن الخطاب يتكلم لمكانه من نبي الله صلّى الله عليه وسلّم، فتكلم العباس فقال: هذه خطة خطها لي رسول الله صلّى الله عليه وسلّم وابتنيتها وبناها رسول الله صلّى الله عليه وسلّم معي، وهو والله شد هذا الميزاب الذي يصب في المسجد، وذكر القصة أيضا، وأن العباس قال: أما إذ قضيت به لي فهو صدقة على المسلمين أما والله يا عمر لقد هدمت الميزاب وما شددته إلا ورجلاي على عاتقي رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، قال عمر: فو الله لا تشده إلا ورجلاك على عاتقي، قال: ثم هدم الدار ووسع في المسجد وغيّر جذوعا كانت على عهد رسول الله صلّى الله عليه وسلّم كان أسفلها قد أكلته الأرضة.

وقد أورد رزين في كتابه خبر ابن عمر المتقدم، ولفظه: عن نافع عن ابن عمر قال:

إن الناس كثروا في عهد عمر رضي الله عنه، فقالوا له: يا أمير المؤمنين لو وسّعت لنا في المسجد، فزاد فيه عمر، فكلم عمر العباس في داره، وكانت لاصقة بالمسجد، وقال له:

أعطيك خيرا منها وتصدق بها على الناس، فأبى العباس، وقال: خطها لي رسول الله صلّى الله عليه وسلّم ووضع ميزابها بيده، فقال عمر: فإني آخذها، قال العباس: ليس لك ذلك، فجعلا بينهما أبيا، فحجبهما ساعة ثم أذن لهما فقصا عليه خبرهما، فقال: إني سمعت رسول الله صلّى الله عليه وسلّم يقول: لما أراد داود عليه السلام أن يا بني بيت المقدس كان ليتيمين من بني إسرائيل بيت في الموضع الذي خط أن يا بني المسجد عليه، فقال لهما: بيعاه مني ورغبهما في الثمن، فباعاه ثم قالا له: الذي أخذت منا خير أم الذي أعطيتنا؟ قال الذي أخذت، قالا: فإنا لا نجيز البيع، فزادهما حتى كان ذلك منهما ومنه سبع مرات، فقال: أزيدكما كذا وكذا على أن لا تسألاني، فقالا له: نبيعك بحكمنا ولا نسألك، قال: افعلا، فطلبا منه مالا كثيرا، فتعاظم ذلك داود، فأوحى الله سبحانه وتعالى إلى داود: إن كنت إنما تعطيهما من مالك فأنت أعلم، وإن كنت إنما تعطيهما من رزقنا فأعطهما حتى يرضيا فإن أغنى البيوت عن مظلمة بيتي، وقد حرمت عليك بناءه، فقال داود: يا رب فأعطه سليمان، فقضى به أبي للعباس.

فقال العباس: أما إذ قضيت لي به فهو صدقة على المسلمين، فذهب عمر فهدم الميزاب

<<  <  ج: ص:  >  >>