للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فأسف العباس لما وضعه رسول الله صلّى الله عليه وسلّم بيده، وقال: والله لقد وضعه رسول الله صلّى الله عليه وسلّم وإن رجليه لعلى عاتقي، فقال عمر للعباس: والله لتردنه ورجلاك على عاتقي، فرده، ثم قال عمر للعباس: اهدم الآن بيدك.

وقد روى أن نزع الميزاب كان قبل ذلك لأجل أنه كان يسكب الماء داخل المسجد للزوقه به «١» ، انتهى لفظ رواية رزين.

وروى يحيى بسند جيد عن سفيان ابن عيينة عن موسى بن أبي عيسى قال: كان في دار العباس ميزاب يصب في المسجد، فجاء عمر فقلعه، فقال العباس: إن النبي صلّى الله عليه وسلّم الذي وضعه بيده، فقال عمر للعباس: لا يكن لك سلّم إلا ظهري حتى ترده مكانه.

وروى ابن إسحاق عن أسباط بن محمد عن هشام بن سعد عن عبد الله بن عباس قال: كان للعباس ميزاب على طريق عمر، فلبس عمر ثيابه يوم الجمعة وقد كان ذبح للعباس فرخان، فلما وافى الميزاب صب فيه ماء من دم الفرخين، فأصاب عمر، فأمر عمر بقلعه، ثم رجع فطرح ثيابه، ثم لبس غيرها، ثم جاء فصلى بالناس، فأتاه العباس فقال:

والله إنه الموضع الذي وضعه رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، فقال عمر للعباس: فأنا أعزم عليك لما صعدت على ظهري حتى تضعه في الموضع الذي وضعه رسول الله صلّى الله عليه وسلّم فيه، ففعل ذلك العباس.

ورواه الإمام أحمد في مسنده من حديث هشام بن سعد عن عبيد الله بن عباس أخي عبد الله فذكره، وكذا رواه ابن سعد، وقال ابن أبي حاتم: إنه سأل أباه عنه، وقال: هو خطأ، وأخرجه ابن سعد من طريق موسى بن عبيدة عن يعقوب أن عمر خرج في يوم جمعة، فذكره بنحوه.

وروى يحيى عن أبي مصعب الزهري الفقيه قال: حدثنا يوسف بن الماجشون عن الثقة أنه كان في دار مروان ميزاب يصب على الناس إذا خرجوا من المسجد في المطر، وكانت دار مروان للعباس بن عبد المطلب، فأمر عمر بن الخطاب بذلك الميزاب فنزع، فجاءه العباس ابن عبد المطلب فقال: أما والله لوضعه رسول الله صلّى الله عليه وسلّم بيده، قال: فأعاده عمر حيث كان، وقال: والله لا تعيده إلا وأنت على رقبتي، فأعاده العباس يومئذ على رقبة عمر.

قلت: وهذه الدار بقية من التي وقع النزاع المتقدم فيها، ونسبتها إلى مروان لما سيأتي أنها دخلت في داره، وروى أنها مربدها، فكأن هذا الميزاب كان في تلك البقية، فيجمع بين الروايات بأنه كان للدار المذكورة ميزابان: ميزاب يصب في المسجد، وميزاب يصب في الطريق، واتفق في كل منهما قصة، ويؤيد ذلك ما رواه يحيى في زيادة عثمان رضي الله


(١) لزق به: اتصل به، لا يكون بينهما فجوة.

<<  <  ج: ص:  >  >>