للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ألا ليت شعري

البيتين.

ورواه ابن زبالة بلفظ: «لما قدم رسول الله صلّى الله عليه وسلّم المدينة وعك أصحابه، فخرج يعود أبا بكر، فوجده يهجر «١» ، فقال: يا رسول الله:

لقد لقيت الموت قبل ذوقه

البيت المتقدم، فخرج من عنده، فدخل على بلال فوجده يهجر وهو يقول:

ألا ليت شعري

البيتين المتقدمين، ودخل على أبي أحمد بن جحش فوجده موعوكا، فلما جلس إليه قال:

وا حبذا مكّة من وادي ... أرض بها تكثر عوّادي

أرض بها تضرب أوتادي ... أرض بها أهلي وأولادي

أرض بها أمشي بلا هادي

فخرج رسول الله صلّى الله عليه وسلّم فدعا أن ينقل الوباء من المدينة فيجعله بخم.

وفي رواية له أنه «أمر عائشة بالذهاب إلى أبي بكر ومولييه، وأنها رجعت وأخبرته بحالهم، فكره ذلك، ثم عمد إلى بقيع الخيل- وهو سوق المدينة «٢» - فقام فيه ووجهه إلى القبلة، فرفع يديه إلى الله فقال: «اللهم حبّب إلينا المدينة كحبنا مكة أو أشد، اللهم بارك لأهل المدينة في سوقهم، وبارك لهم في صاعهم، وبارك لهم في مدهم، اللهم انقل ما كان بالمدينة من وباء إلى مهيعة» .

قوله «رفع عقيرته» أي صوته، وقوله «بواد» روى «بفخ» وهو وادي الزاهر، والجليل- بالجيم- الثمام، ومجنة- بكسر الميم وفتحها- سوق بأسفل مكة، وقال الأصمعي: بمر الظهران، وشامة وطفيل: جبلان يشرفان على مجنة، قاله ابن الأثير، قال: ويقال «شابة» بالباء الموحدة، وهو جبل حجازي، قال المحب الطبري: وروايته بالباء الموحدة بخط شيخنا الصاغاني، وكتب عليها صح، وقال الطبري: والأشهر أنهما جبلان على مراحل من مكة من جهة اليمن، وقال الخطابي: عينان. وقوله «بطوقه» أي بطاقته، وقوله «بروقه» أي بقرنه، و «مهيعة» هي الجحفة أحد المواقيت المشهورة، وخم: بقربها، وإنما دعا صلّى الله عليه وسلّم بنقل الحمى إليها لأنها كانت دار شرك، ولم تزل من يومئذ أكثر بلاد الله حمى، قال بعضهم:

وإنه ليتقى شرب الماء من عينها التي يقال لها عين خم، فقلّ من شرب منها إلا حم.


(١) هجر المريض: هذي في مرضه وفي نومه.
(٢) البقيع: المكان المتسع فيه أشجار مختلفة. ومقبرة أهل البقيع. وهو سوق المدينة.

<<  <  ج: ص:  >  >>