للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال ابن شبة: قال أبو غسان: وسمعت غير واحد ممن يوثق به يذكر أن الموضع الذي دعا عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم من الجبل هو اليوم إلى الأسطوان الوسطى الشارعة في رحبة المسجد.

قلت: ويستفاد منه: أن الصلاة والدعاء هنالك يتحرّى بهما وسط المسجد في الرحبة مما يلي سقفه، ومقتضى الرواية الأولى أن تكون أقرب إلى جهة المغرب، وإذا ضممت إلى ذلك الرواية المتقدمة من أن صلى الله عليه وسلم «خطا خطوة ثم الخطوة الثانية، ثم قام ورفع يديه» ظهر لك أن طريقه صلى الله عليه وسلم كانت من جهة الدرجة الشمالية.

وروى يحيى عن هارون بن كثير عن أبيه عن جده أن رسول الله صلى الله عليه وسلم «دعا يوم الخندق على الأحزاب في موضع الأسطوانة الوسطى من مسجد الفتح» قال يحيى: فدخلت مع الحسين بن عبد الله مسجد الفتح، فلما بلغ الأسطوانة الوسطى من المسجد قال: هذا موضع مصلّى رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي دعا فيه على الأحزاب، وكان يصلي فيه إذا جاء مسجد الفتح.

وروى ابن شبة عن جابر قال: دعا النبي صلى الله عليه وسلم في المسجد المرتفع، ورفع يديه مدا.

وعن سالم أبي النصر قال: دعا النبي صلى الله عليه وسلم يوم الخندق «اللهمّ منزّل الكتاب، ومنشئ السحاب، اهزمهم وانصرنا عليهم» .

وروى ابن زبالة من طريق عمر بن الحكم بن ثوبان قال: أخبرني من صلى وراء النبي صلى الله عليه وسلم في مسجد الفتح ثم دعا فقال: «اللهم لك الحمد هديتني من الضلالة، فلا مكرم لمن أهنت، ولا مهين لمن أكرمت، ولا معزّ لمن أذللت: ولا مذلّ لمن أعززت، ولا ناصر لمن خذلت، ولا خاذل لمن نصرت، ولا معطي لما منعت، ولا مانع لما أعطيت، ولا رازق لمن حرمت، ولا حارم لمن رزقت، ولا رافع لمن خفضت، ولا خافض لمن رفعت، ولا خارق لمن سترت، ولا ساتر لمن خرقت، ولا مقرب لما باعدت، ولا مباعد لما قربت» .

وذكر القرطبي دعاء آخر في رواية يتضمن أن الدعاء وقع من النبي صلى الله عليه وسلم هناك في الليلة التي أرسل الله فيها الريح على الأحزاب، ولا مانع من أن يكون النبي صلى الله عليه وسلم دعا في تلك الليلة أيضا هناك، ولفظه: ولما اشتد الأمر على المسلمين وطال المقام في الخندق قام عليه الصلاة والسلام على التلّ الذي عليه مسجد الفتح في بعض الليالي وتوقّع ما وعده الله من النصر. وقال: من يذهب ليأتينا بخبرهم؟ قال: فانطلق حذيفة بسلاحه، ورفع رسول الله صلى الله عليه وسلم يده يقول: «يا صريخ المكروبين، ويا مجيب المضطرين، ويا كاشف همي وغمي وكربي، فقد ترى حالي وحال أصحابي» فنزل جبريل فقال: إن الله سمع دعوتك وكفاك هول عدوك، فخرّ رسول الله صلى الله عليه وسلم على ركبتيه، وبسط يديه، وأرخى عينيه، وهو يقول: شكرا

<<  <  ج: ص:  >  >>