للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال: وبنى لها هناك منهلا بدرج من تحت الدور، يستقي منه أهل المدينة، وجعل لها مصرفا من تحت الأرض بشق وسط المدينة على الموضع المعروف بالبلاط، أي سوق العطارين اليوم، وما والاه من منازل الأشراف أمراء المدينة، يخرج إلى ظاهر المدينة من جهة الشمال شرقي الحصن الذي يسكنه أمير المدينة.

قال: وقد كان جعل منها شعبة صغيرة تدخل إلى صحن المسجد، وجعل لها منهلا بدرج عليه عقد يخرج الماء إليه من فوّارة يتوضأ منها من يحتاج إلى الوضوء، وحصل في ذلك انتهاك حرمة المسجد من كشف العورات والاستنجاء في المسجد، فسدّت لذلك.

قلت: وقد سبق في الفصل الحادي والثلاثين من الباب الخامس عن ابن النجار في ذكر السقايات التي بالمسجد أن الذي عمل هذا المنهل بعض أمراء الشام واسمه شامة.

ثم ذكر المطري وصف مسير العين من القبة التي بالمصلّى إلى جهة الشام فقال: وإذا خرجت العين من القبة التي في المصلّى سارت إلى جهة الشمال، حتى تصل إلى سور المدينة فتدخل تحته إلى منهل آخر بوجهين مدرجين: أي وهو الذي عند رحبة حصن الأمير، ثم تخرج إلى خارج المدينة فتصل إلى منهل آخر بوجهين مدرجين عند قبر النفس الزكية، ثم تخرج من هناك وتجتمع هي وما يتحصّل من مصلها في قناة واحدة إلى البركة التي ينزلها الحجاج، يعني حجاج الشام، وهي التي تقدم عنه في الباب الأول في أثرب أن الحجاج يسمونها عيون حمزة، أي لظنهم أنها عين الشهداء، وأنها تأتي من جهة مشهد سيدنا حمزة، وليس كذلك، إنما تأتي كما قال من قباء من البئر التي في الحديقة المعروفة بالجعفرية، وإذا جاوزت مشهد النفس الزكية وثنيّة الوداع مرّت من شامي سلع على المسجد المعروف بمسجد الراية، ولها هناك منهل آخر، ثم تسير في جهة المغرب فتمر في غربي الجبلين اللذين في غربي مساجد الفتح، وهكذا حتى تصل إلى مغيضها، وهو الموضع المسمى بالبركة، وقد زرع عليها هناك نخيل كثيرة هي اليوم بيد أمراء المدينة، وفقر قناتها ظاهرة في الأماكن التي أشرنا إليها، ولا مرور لها بالشهداء أصلا فعين الشهداء غير هذه العين، وهي المراد بما سبق في سابع فصول الباب الخامس في ذكر قبور الشهداء بأحد من قول جابر: صرخ بنا إلى قتلانا يوم أحد حين أجرى معاوية العين، وغيره من الأخبار المذكورة هناك، وحينئذ فكل من العينين المذكورتين تنسب إلى معاوية: عين الشهداء، وهي دائرة اليوم، ويحتمل: أنها التي كان مغيضها عند المسجد المعروف بمصرع حمزة رضي الله تعالى عنه المتقدم ذكرها في المساجد، وأن الأمير وديا كان قد جدّدها ثم دثرت، لكن أصلها من جهة العالية، وبعض قطرها ظاهر يشهد بذلك.

وقال البدر بن فرحون في ترجمة نور الدين الشهيد: إنه أجرى العين التي تحت جبل

<<  <  ج: ص:  >  >>