وعن ابن أبي ربيعة أنه مرّ بعروة وهو يبني قصره بالعقيق فقال: أردت الحرب يا أبا عبد الله؟ قال: لا، ولكن ذكر لي أنه سيصيبها عذاب، يعني المدينة، فقلت: إن أصابها كنت منتحيا عنها.
وعن عروة مرفوعا: يكون في آخر أمتي خسف وقذف ومسخ، وذلك عند ظهور عمل قوم لوط، قال عروة: فبلغني أنه قد ظهر شيء منه، فتنحّيت عنها، وخشيت أن يقع وأنا بها، وبلغني أنه لا يصيب إلا أهل القصبة قصبة المدينة، وفي نسخة المجد «القصيبة» مصغرا، فأوردوه في ترجمة القصيبة، وهو وهم.
وعن هشام قال: لما اتخذ عروة قصره قال له الناس: قد جفوت مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: إني رأيت مساجدهم لاهية، وأسواقهم لاغية، والفاحشبة في فجاجهم عالية، فكان فيما هناك عما هم فيه عافية.
وتصدق عروة بقصره وأرضه وبئره على المسلمين، وأوصى بذلك إلى الوليد بن عبد الملك، فولاه ابنيه يحيى وعبد الله، ثم توفي يحيى وأقام عبد الله في القصر نحوا من أربعين سنة، ثم توفي عبد الله، ثم وليها هشام بن عروة بالسن، ثم عبد الله بن عروة، وقيل له:
مالك تركت المدينة؟ قال: لأني بين رجلين حاسد لنعمة أو شامت بمصيبة، وهو القائل:
لو كان يدري الشيخ عذري بالسحر ... نحو السقاية الّتي كان احتفر
لفتية مثل الدّنانير غرر ... وقاهم الله النّفاق والضّجر
بين أبي بكر وزيد وعمر ... ثمّ الحواريّ لهم جدّ أغر
فهم عليها بالعشيّ والبكر ... يسثون من جاء ولا يؤذوا بشر
لزاد في الشّكر وكان قد شكر
ولما ولي إبراهيم بن هشام المدينة لهشام بن عبد الملك أراد أن يدخل في حقوق بني عروة بالفرع، فحال عبد الله ويحيى بينه وبين ذلك فهدم قصر عروة وشعّثه، وطرح في بئر عروة جملا مطليا بقطران، فكتب عبد الله إلى هشام بن عبد الملك بذلك، فكتب إلى ابن أبي عطاء عامله على ديوان المدينة أن يردّ ذلك على ما كان حتى يضع الوتد في موضعه، فكان غرم ذلك ألف دينار وثلاثين ألف درهم.
وكان عبد الله يتحيّن ركوب ابن هشام، فإذا أشرف على الحرّة قال للناس: كبروا ولكم جزور، فيفعلون، فينحرها، فيغيظ بذلك ابن هشام ويبلغ منه.
وقال في ذلك يحيى بن عروة أبياتا منها:
ألا أبلغ مغلغلة بريدا ... وأبلغ إن عرضت أبا سعيد
وأبلغ معشرا كانت إليهم ... وصايا ما أريد بني الوليد