فإن لا نعتني قرباي منكم ... فودّى غير ذي الطمع الكدود
ولما قدم الوليد بن يزيد في خلافة هشام بن عبد الملك ليدفع بالناس في الموسم وأقام عبد الله بن عروة بالعقيق، حتى قيل: هذا ولي العهد قد ركع في بركة مكة؟ فلقيه عبد الله وهو على ظهر الحرة، فلما نظر الوليد إلى قصور بني أمية عنبسة بن سعيد ومروان بن سعيد بن العاص وعبد الله بن عامر جعل يقول لعبد الله بن عروة: لمن هذا؟ فيخبره، فلما نظر إلى قصر عروة قال: لمن هذا؟ قال: هذا قصر عروة، قال: عامر بن صالح في قصر عروة وبئره:
حبّذا القصر ذو الظّلال وذو البئر ... ببطن العقيق ذات السّقاة
ماء مزن لم يبغ عروة فيها ... غير تقوى الإله في المفظعات
بمكان من العقيق أنيس ... بارد الظل طيّب الغدوات
وقال أيضا:
يا حّبّذا القصر لذي الإملاق ... ذو البئر بالوادي عليها الساقي
وقال أيضا:
ولقصر عروة ذو الظلال وبئره ... بشقا العقيق البارد الأفياء
أشهى إليّ من العيون وأهلها ... والدور من فحلين والفرعاء
وقال جابر الزمعي في بئر عروة:
يعرضها الآني من الناس أهله ... ويجعله زادا له حين يذهب
وقال الزبير بن بكار: رأيت الخرّاج من المدينة إلى مكة وغيرها ممن يمر بالعقيق يخففون من الماء حتى يتزودوه من بئر عروة، وإذا قدموا منها بماء يقدمون به على أهلهم يشربونه في منازلهم عند مقدمهم.
وقال: ورأيت أبي يأمر به فيغلي، ثم يجعل في القوارير ثم يهديه إلى أمير المؤمنين هارون بالرقة.
وعن نوفل بن عمارة قال: لما بنت أمي قصرها أرسل إليها هشام بن عروة يقول: إنك نزلت بين الطيبين بئر عروة وبئر المغيرة بن الأخنس، فأسألك برحمي إلا جعلت شرابك من بئر عروة ووضوءك من بئر المغيرة، فكانت أمي لا تشرب إلا من بئر عروة، ولا تتوضأ إلا من بئر المغيرة، حتى لقيت الله تعالى.
وعن مرزوق بن والاة أنه قال لهشام بن عروة: رأيت أن عينا من الجنة تصب في بئر عروة.
وقال السّريّ بن عبد الرحمن الأنصاري: