قصر سعيد بن العاص بن سعيد بن العاص بن أمية: أحد مشاهير الأجواد ابتنى سعيد بالعرصة قصرا في سرتها، واحتفر بها، وغرس النخل والبساتين، وكان نخلها أبكر شيء بالمدينة، وكانت تسمى عرصة الماء.
وعن يحيى بن كعب مولى سعيد قال: كان نخل سعيد بالعرصة لا يطير حمامها، وكانت فيها بئار ثلاث، العليا منهن اليمانية تدعى الشمردلية، والتي تليها أسفل منها تدعى الواسطية، قال: وأنسيت السفلى، وبنى بالعرصة عند نخلة قصره الذي يقول فيه أبو قطيفة عمر بن الوليد بن عقبة:
والقصر ذو النخل فالجمّاء بينهما ... أشهى إلى النفس من أبواب جيرون
وقال الهجري: ثم يفضى- يعني سيل العقيق- إلى العرصة عرصة البقل، وعرصة الماء، وعرصة جعفر بن سليمان بقبل الجماء العاقر مرتفعة في حصن الجبل. وبالعرصة الكبرى قصري سعيد بن العاص الذي امتدحه الشاعر بقوله، وذكر البيت المتقدم.
والذي ذكره الزبير وغيره أن قصر سعيد بعرصة الماء- وهي العرصة الصغرى- لأنهم قالوا: وفي عرصة الماء يقول داود بن سلم:
أبرزتها كالقمر الزاهر ... في عصفر كالشرر الطائر
بالعرصة الصغرى إلى موعد ... بين خليج الواد والظاهر
قالوا: إنما قال لها العرصة الصغرى لأن العقيق الكبير ينيفها من أحد جانبيها، وينيفها عرصة البقل من الجانب الآخر، وتختلط عرصة البقل بالجرف فيتسع، والخليج الذي ذكر خليج سعيد بن العاص، انتهى؛ فالعرصة الكبرى هي عرصة البقل، والصغرى هي عرصة الماء، فهي عرصة سعيد بن العاص، وأظنها التي فيها البناء المعروف اليوم بعقد الأرقطية، ولعله قصر سعيد بن العاص وموضع آباره وبستانه فيما يليه، ويلي ذلك عرصة البقل لجهة بئر رومة.
وقال فضالة بن عثمان: لما حضر سعيد الموت قال لابنه عمرو وهو الأشدق: أوصيك بثلاث: عليّ دين عظيم، فأكثر فيه مالي حتى تؤديه، وانظر إخواني فإن فقدوا وجهي فلا يفقدوا معروفي، ولا تزوج بناتي إلا في الأكفاء، ثم مات، فركب عمرو إلى معاوية، فقال الحاجب له: عمرو بالباب، فقال معاوية: هلك والله سعيد، فأدخله، فنعى له سعيدا وأخبره بوصيته، فقال: نحن قاضون عنه الدين قال: إنما أوصى إليّ أن يكون من صلب ماله، فقال: يعني بعض ضياعه، وإني أكره إحن صدر مروان وذويه من قريش بقضاء دين أبيك، فباعه العرصة بألف ألف، فقالت قريش: أيخدع معاوية نفسه أو يكيدنا؟ وقال مروان: يا أمير المؤمنين ما دون الله يد تحجرك عن هواك، ولنحن أهون عليك فيما تريد،