فأحببت أن أصل جناحك، فقال: وصلتك رحم، بعني قطعة أديم، فأتيته بهذه القطعة، فكتب غلامه هذا الكتاب وفيه شهادته، ثم قال: يا ابن أخي، ليس عندنا اليوم شيء، فخذ هذا الكتاب، فقال عمرو: لا جرم لا يأخذها إلا وافية، ودفعها إليه بغلية.
ولما أضعت العرصتان عن بني أمية استقطع خنجر- وهو كثير بن العباس بن محمد- عرصة سعيد بن العاص، فأقطعه إياها أبو العباس المنصور، فقال زياد بن عبد الله الحارثي وكان واليا على المدينة بخ بخ يا خنجر، صارت لك عرصة سعيد، فقال: وما ينكر من ذلك؟ فأعجب منه دار معاوية بن سفيان بالبلاط لزياد بن أم زياد، واقتطع السلطان في سلطان بني هاشم في العرصة، وابتنوا عرصة الماء، وفي ذلك يقول ذؤيب الأسلمي:
قد أقر الله عيني ... بغزال يا ابن عون
طاف من وادي دجيل ... بفتى طلق اليدين
بين أعلى عرصة الما ... ءإلى قصر زبين
فقضاني في منامي ... كل موعود ودين
وفيها يقول أبو الأبيض سهل بن أبي كثير:
قلت من أنت فقالت ... بكرة من بكرات
ترتعي نبت الخزامى ... تحت تلك الشجرات
حبذا العرصة ليلا ... في ليال مقمرات
طاب ذاك العيش عيشا ... وحديث الفتيات
ذاك عيشي أشتهيه ... وحديثي مع لمات
وفيها يقول بعض المدنيين:
وبالعرصة البيضاء إن زرت أهلها ... مها مهملات ما عليهن سائس
يدرن إذا ما الشمس لم يخش حرها ... خلال بساتين خلاهن يابس
إذا الحر آذاهن لذن ببحرة ... كما لاذ بالظل الظباء الكواس
وقال عامر بن صالح في العرصتين:
أهوى البلاط فجانبيه كليهما ... فالعرصتين إلى نخيل قباء
وقال حكيم بن عكرمة الديلي فيهما وفي العقيق وجوانب المدينة:
لعمرك للبلاط وجانباه ... وحرة واقم ذات المنار
فجماء العقيق فعرصتاه ... فمفضي السيل من تلك الحرار
إلى أحد مدى حرض فمبنى ... قباب الحي من كنفي صرار
أحبّ إلى من ريح وبصرى ... بلا شك علي ولا تماري