للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وقال ابن إسحاق في غزوة تبوك: فلما خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم ضرب عسكره على ثنية الوداع، وضرب عبد الله بن أبي معه على جدة عسكره أسفل منه نحو ذباب، وقال ابن سعد في سرية مؤتة دون دمشق: وخرج النبي صلى الله عليه وسلم مشيعا لهم حتى بلغ ثنية الوداع، فوقف وودعهم، وعسكروا بالجرف.

وفي البخاري عن السائب بن يزيد قال: أذكر أني خرجت مع الصبيان نتلقّى النبيّ صلى الله عليه وسلم إلى ثنية الوداع مقدمه من غزوة تبوك، وكل هذه الروايات متظاهرة على أن هذه الثنية هي المعروفة بذلك اليوم في شامي المدينة بين مسجد الراية الذي على ذباب ومشهد النفس الزكية، يمر فيها المار بين صدين مرتفعين قرب سلع.

ومن تأمل كلام ابن شبة في المنازل وغيرها لم يرتب في ذلك، وسوق المدينة كانت هناك.

وتقدم في الدار التي أحدثها ابن هشام هناك بسوق المدينة ما يشهد لذلك، وأن ابن مكدم لما قدم من الشام وأشرف على ثنية الوداع صاح: مات الأحول، وأن الناس سألوه عن دار السوق، فقال: اهدموها، فابتدرها الناس.

ويوضحه أيضا ما رواه ابن إسحاق في غزوة العالية حيث قال: أول من نذر بهم سلمة، غدا ومعه قوسه وهو يريد الغابة، فلما أشرف على ثنية الوداع نظر إلى الجبل، فعلا في سلع ثم صرخ: وا صباحاه، انتهى.

وأحد صدى هذه الثنية المعروفة اليوم متصل بسلع.

وفي خبر رواه البيهقي عن أبي قتادة أنه أسرج فرسه، ثم نهض حتى أتى الزوراء، فلقيه رجل، فقال: يا أبا قتادة، تشوط دابتك وقد أخذت اللقاح، وقد ذهب النبي صلى الله عليه وسلم في طلبها وأصحابه، فقال: أين؟ فأشار له نحو الثنية، فإذا بالنبي صلى الله عليه وسلم في نفر من أصحابه جلوسا عند ديار، وذكر قصته في غزوة الغابة.

والزوراء: في قبلة هذه الثنية، وذباب: في شاميها.

وقال الحافظ ابن حجر في حديث الهجرة: أخرج ابن سعد في شرف المصطفى وروينا في فوائد الخلعي بسند معضل عن عائشة رضي الله تعالى عنها قالت: لما دخل النبي صلى الله عليه وسلم المدينة جعل الولائد يقلن:

طلع البدر علينا ... من ثنيات الوداع

وجب الشكر علينا ... ما دعا لله داعي

قال: ولعل ذلك كان في قدومه من غزوة تبوك.

<<  <  ج: ص:  >  >>