في بقاع المدينة، وقد روى البيهقي في دلائل النبوة حديث عمرو بن عوف بلفظ: خط رسول صلى الله عليه وسلم الخندق عام الأحزاب من أجم السمر طرف بني حارثة حتى بلغ المداد، ثم قطع أربعين ذراعا بين كل عشرة، وذكر نحو ما سبق في الاحتجاج في سلمان، والمذاد:
بطرف منازل بني سلمة مما يلي مساجد الفتح وجبل بني عبيد. ولمنازلهم ذكر في الخندق من جهة الحرة الغربية.
قال ابن سعد: ولما أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بحفر الخندق وكّل بكل جانب منه قوما، وكان المهاجرون من ناحية راتج إلى ذباب، وكانت الأنصار يحفرون من ذباب إلى جبل بني عبيد، وكان سائر المدينة مشككا بالبنيان فهي كالحصن، وخندقت بنو دينار من عند خربى إلى موضع دار ابن أبي الجنوب اليوم، وخندقت قبلهم بنو عبد الأشهل مما يلي راتجا إلى خلفها أي خلف بني عبد الأشهل، وهو طرف بني حارثة، قال: حتى جاء الخندق وراء المسجد، وفرغوا من حفره في ستة أيام، انتهى.
وقد أوضح ذلك الواقدي في كتاب الحرة، فنقل أنه لما دنا عسكر يزيد تشاور أهل المدينة في الخندق، واختلفوا أياما، ثم عزموا على الخندق خندق رسول الله صلى الله عليه وسلم، وشكوا المدينة بالبنيان من كل ناحية.
قال حنظلة بن قيس الزرقي: عملنا في الخندق- أي عام الحرة- خمسة عشر يوما، وكان لقريش ما بين راتج إلى مسجد الأحزاب، وللأنصار ما بين مسجد الأحزاب إلى بني سلمة، وللموالي ما بين راتج إلى بني عبد الأشهل، ثم ذكر فتح بعض بني حارثة طريقا في الخندق من قبلهم لأهل الشام كما سبق.
فتلخص أن الخندق كان شامي المدينة من طرف الحرة الشرقية على طرف الحرة الغربية؛ لأن منازل بني سلمة لسند الحرة الغربية كما سبق.
وقوله في رواية ابن سعد «وخندقت بنو دينار من عند خربى» أي منازل بني سلمة «إلى موضع دار ابن أبي الجنوب» أي التي في غربي بطحان قرب المصلى، فهو خندق آخر غير الأول، ولهذا قال كعب بن مالك رضي الله تعالى عنه من الباب فيما قبل في الخندق من الشعر على ما ذكره ابن إسحاق:
بباب الخندقين كأن أسدا ... شوابكهن تحمين العرينا
فوارسنا إذا بكروا وراحوا ... على الأعداء شوسا معلمينا
لننصر أحمدا والله حتى ... نكون عباد صدق مخلصينا
وقال ابن إسحاق: وكان الذي أشار على رسول الله صلى الله عليه وسلم بالخندق سلمان الفارسي،