للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عِدَّةُ الطَّلَاقِ قَبْلَ الْأَرْبَعَةِ الْأَشْهُرِ فَلَيْسَ الْإِيلَاءُ بِطَلَاقٍ، وَذَلِكَ أَنَّ الْأَرْبَعَةَ الْأَشْهُرِ الَّتِي كَانَتْ يُوقَفُ بَعْدَهَا مَضَتْ وَلَيْسَتْ لَهُ يَوْمئِذٍ بِامْرَأَةٍ) .

(ص) : (قَالَ مَالِكٌ وَمَنْ حَلَفَ أَنْ لَا يَطَأَ امْرَأَتَهُ يَوْمًا أَوْ شَهْرًا ثُمَّ مَكَثَ حَتَّى يَنْقَضِيَ أَكْثَرُ مِنْ الْأَرْبَعَةِ الْأَشْهُرِ فَلَا يَكُونُ ذَلِكَ إيلَاءً إنَّمَا يُوقَفُ فِي الْإِيلَاءِ مَنْ حَلَفَ عَلَى أَكْثَرَ مِنْ الْأَرْبَعَةِ الْأَشْهُرِ فَأَمَّا مَنْ حَلَفَ أَنْ لَا يَطَأَ امْرَأَتَهُ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ أَوْ أَدْنَى مِنْ ذَلِكَ فَلَا أَرَى عَلَيْهِ إيلَاءً إلَّا أَنَّهُ إذَا جَاءَ الْأَجَلُ الَّذِي يُوقَفُ عِنْدَهُ خَرَجَ مِنْ يَمِينِهِ وَلَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ وَقْفٌ) .

ــ

[المنتقى]

(ش) : وَهَذَا كَمَا قَالَ، وَذَلِكَ أَنَّ الْمَوْلَى مِنْهَا يَصِحُّ إيقَاعُ الطَّلَاقِ عَلَيْهَا؛ لِأَنَّهَا زَوْجَةٌ وَلَا يُبْطِلُ طَلَاقُهُ حُكْمَ الْأَشْهُرِ؛ لِأَنَّهُ طَلَاقٌ رَجْعِيٌّ يَلْحَقُ فِيهِ الطَّلَاقُ، وَالظِّهَارُ فَلَحِقَ فِيهِ حُكْمُ الْإِيلَاءِ، فَإِذَا انْقَضَتْ الْأَشْهُرُ، وَهِيَ فِي عِدَّتِهَا أَنَّهَا تُوقِفُهُ إنْ شَاءَتْ، وَإِذَا كَانَ لَهَا أَنْ تُوقِفَهُ، فَإِنْ فَاءَ فَحُكْمُ الْفَيْئَةِ أَنْ يَرْجِعَ فَيَطَأَ، فَإِنْ لَمْ يَفْعَلْ ذَلِكَ طَلُقَتْ عَلَيْهِ بِالْإِيلَاءِ وَكَانَتْ مَعَ الطَّلْقَةِ الَّتِي أَوْقَعَهَا تَطْلِيقَتَيْنِ عَلَى مَا ذُكِرَ قَالَ فِي الْمَبْسُوطِ: فَإِذَا أَوْقَفَهُ الْإِمَامُ فَلَا بُدَّ أَنْ يَفِيءَ أَوْ يُطَلِّقَ بَعْدُ وَلَا يُجْزِي عَنْهُ مَا مَضَى مِنْ الطَّلَاقِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

(مَسْأَلَةٌ) :

وَقَوْلُهُ: فَإِنْ مَضَتْ عِدَّةُ الطَّلَاقِ قَبْلَ الْأَرْبَعَةِ الْأَشْهُرِ فَلَيْسَ الْإِيلَاءُ بِطَلَاقٍ يُرِيدُ أَنَّ الطَّلَاقَ الَّذِي أَوْقَعَهُ إنْ انْقَضَتْ عِدَّتُهُ قَبْلَ انْقِضَاءِ الْأَشْهُرِ فَقَدْ بَطَلَ حُكْمُ الْأَشْهُرِ؛ لِأَنَّهَا قَدْ بَانَتْ مِنْهُ وَلَمْ يَبْقَ لَهَا عَلَيْهِ حَقُّ مُطَالَبَةٍ بِوَطْءٍ وَلِذَلِكَ قَالَ وَلَيْسَتْ لَهُ بِامْرَأَةٍ يُرِيدُ بِذَلِكَ مَا قُلْنَاهُ.

(ش) : وَهَذَا كَمَا قَالَ: إنَّ مَنْ حَلَفَ أَنْ لَا يَطَأَ امْرَأَتَهُ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ فَمَا دُونَهَا لَمْ يَلْزَمْهُ حُكْمُ الْإِيلَاءِ.

وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ مَنْ حَلَفَ عَلَى أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ فَزَائِدٌ أَلْزَمَهُ الْإِيلَاءَ. وَقَالَ النَّخَعِيُّ وَالْحَسَنُ وَابْنُ سِيرِينَ مَنْ حَلَفَ أَنْ لَا يَطَأَ زَوْجَتَهُ يَوْمًا أَوْ أَقَلَّ أَوْ أَكْثَرَ ثُمَّ تَرَكَهَا دُونَ أَنْ يَطَأَهَا أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ فَقَدْ بَانَتْ مِنْهُ بِالْإِيلَاءِ، وَالدَّلِيلُ عَلَى صِحَّةِ مَا نَقُولُهُ أَنَّ لَهُ تَرَبُّصَ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ، فَإِذَا انْقَضَتْ الْعِدَّةُ الَّتِي مَنَعَتْ يَمِينَهُ مِنْ الْوَطْءِ فِيهَا قَبْلَ وَقْتِ التَّوْقِيفِ لَمْ يَجِبْ أَنْ يُوقَفَ؛ لِأَنَّ يَمِينَهُ لَمْ تَتَنَاوَلْ الْمَنْعَ مِنْ الْوَطْءِ فِي هَذِهِ الْمُدَّةِ فَكَانَ بِمَنْزِلَةِ مَنْ لَمْ يَحْلِفْ فَلَمْ يَزُلْ تَوْقِيفُهُ وَلِذَلِكَ قَالَ مَالِكٌ: لِأَنَّهُ إذَا جَاءَ الْأَجَلُ الَّذِي يُوقَفُ عِنْدَهُ خَرَجَ مِنْ يَمِينِهِ يُرِيدُ أَنَّ الْمُدَّةَ الَّتِي تَنَاوَلَتْهَا يَمِينُهُ قَدْ انْقَضَتْ فَلَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ تَوْقِيفٌ.

١ -

(مَسْأَلَةٌ) :

وَمَنْ حَلَفَ أَنْ لَا يَطَأَ امْرَأَتَهُ حَتَّى يَقْضِيَ غَرِيمُهُ حَقَّهُ أَوْ يَفْعَلَ كَذَا كَانَ ذَلِكَ الْفِعْلُ مِمَّا يُقَرَّرُ عَلَيْهِ أَوْ لَا يُقَرَّرُ عَلَيْهِ فَهُوَ مُولٍ فِي ذَلِكَ كُلِّهِ قَالَهُ مَالِكٌ فِي الْمَبْسُوطِ وَوَجْهُ ذَلِكَ عِنْدِي أَنَّهُ قَدْ حَلَفَ يَمِينًا يَمْنَعُ وَطْأَهَا وَلَا يَصِلُ إلَى ذَلِكَ إلَّا بِحِنْثٍ فِيهَا فَوَجَبَ عَلَيْهِ حُكْمٌ مِنْ عَمَلٍ أَوْ غُرْمِ مَالٍ كَمَا لَوْ حَلَفَ أَنْ لَا يَطَأَهَا جُمْلَةً قَالَ مَالِكٌ فِي الْمُزَنِيَّة إذَا زَادَ عَلَى الْأَرْبَعَةِ الْأَشْهُرِ وَقَفَ فَإِمَّا فَاءَ وَإِمَّا طَلَّقَ.

١ -

(مَسْأَلَةٌ) :

وَمَنْ حَلَفَ أَنْ لَا يَطَأَ امْرَأَتَهُ حَتَّى يَخْرُجَ إلَى الْحَجِّ أَوْ إلَى بَلَدٍ يَتَكَلَّفُ لَهُ سَفَرًا قَرِيبًا أَوْ بَعِيدًا فَقَدْ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ فِي الَّذِي يَقُولُ وَاَللَّهِ لَا أَطَؤُك فِي هَذَا الْمِصْرِ أَوْ فِي هَذِهِ الْبَلْدَةِ هُوَ مُولٍ؛ لِأَنَّهُ قَالَ لَا أَطَؤُك حَتَّى أَخْرُجَ مِنْهَا، فَإِذَا كَانَ خُرُوجُهُ يَتَكَلَّفُ فِيهِ الْمُؤْنَةَ، وَالْكُلْفَةَ فَهُوَ مُولٍ وَمَعْنَى ذَلِكَ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ أَنْ يُرِيدَ بِهِ الِانْتِقَالَ، وَالْخُرُوجَ بِهَا إلَى مَوْضِعٍ تَلْحَقُهُ مُؤْنَةٌ وَنَفَقَةٌ بِالِانْتِقَالِ إلَيْهِ، وَأَمَّا لَوْ أَرَادَ بِهِ الْخُرُوجَ مِنْ نَفْسِ حَاضِرَتِهِ إلَى مَوْضِعٍ يَقْرَبُ مِنْهَا كَالْخُرُوجِ إلَى جَنَّتِهِ أَوْ مَزْرَعَتِهِ الْقَرِيبَةِ فَهَذَا بِمَنْزِلَةِ قَوْلِهِ: وَاَللَّهِ لَا أَطَؤُك حَتَّى أُكَلِّمَ فُلَانًا وَفُلَانٌ حَاضِرٌ وَحَتَّى أَدْخُلَ الدَّارَ، وَالدَّارُ قَرِيبَةُ الْمَكَانِ مِنْهُ.

(فَرْعٌ) فَإِنْ كَانَتْ مَسَافَةُ السَّفَرِ أَكْثَرَ مِنْ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ طَلُقَتْ عَلَيْهِ عِنْدَ انْقِضَاءِ الْأَرْبَعَةِ الْأَشْهُرِ وَلَمْ يُخَيَّرْ وَلَمْ يُنْتَظَرْ إذَا طَلَبَتْ ذَلِكَ.

(مَسْأَلَةٌ) :

وَمَنْ حَلَفَ أَنْ لَا يَطَأَ امْرَأَتَهُ فِي هَذِهِ السَّنَةِ إلَّا مَرَّةً وَاحِدَةً قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ لَا يَكُونُ مُولِيًا مَا لَمْ يَطَأْهَا، فَإِنْ وَطِئَهَا، وَقَدْ بَقِيَ عَلَيْهِ مِنْ السَّنَةِ أَكْثَرُ مِنْ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ، فَإِنَّهُ يَكُونُ مُولِيًا وَرَوَى عَنْهُ ابْنُ الْمَوَّازِ رِوَايَةً ثَانِيَةً أَنَّهُ إذَا مَضَتْ لَهُ أَرْبَعَةُ أَشْهُرٍ مِنْ وَقْتِ يَمِينِهِ وُقِفَ فَإِمَّا أَنْ يَفِيءَ وَإِلَّا طَلُقَتْ عَلَيْهِ قَالَ: وَهَذَا أَحَبُّ إلَيْنَا.

١ -

(مَسْأَلَةٌ) :

وَمَنْ حَلَفَ أَنْ لَا يَطَأَ امْرَأَتَهُ كَذَا

<<  <  ج: ص:  >  >>