للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(ص) (مَالِكٌ عَنْ أَبِي الرِّجَالِ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ حَارِثَةَ عَنْ أُمِّهِ عَمْرَةَ بِنْتِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - نَهَى عَنْ بَيْعِ الثِّمَارِ حَتَّى تَنْجُوَ مِنْ الْعَاهَةِ» قَالَ مَالِكٌ وَبَيْعُ الثِّمَارِ قَبْلَ أَنْ يَبْدُوَ صَلَاحُهَا مِنْ بَيْعِ الْغَرَرِ) .

(ص) : (قَالَ مَالِكٌ وَالْأَمْرُ عِنْدَنَا فِي بَيْعِ الْبِطِّيخِ وَالْقِثَّاءِ وَالْخِرْبِزِ وَالْجَزَرِ أَنَّ بَيْعَهُ إذَا بَدَا صَلَاحُهُ حَلَالٌ جَائِزٌ ثُمَّ يَكُونُ لِلْمُشْتَرِي مَا يَثْبُتُ حَتَّى يَنْقَطِعَ ثَمَرُهُ وَيَهْلَكَ وَلَيْسَ فِي ذَلِكَ وَقْتٌ يُؤَقَّتُ وَذَلِكَ أَنَّ وَقْتَهُ مَعْرُوفٌ عِنْدَ النَّاسِ وَرُبَّمَا دَخَلَتْهُ الْعَاهَةُ فَقُطِعَتْ ثَمَرَتُهُ قَبْلَ أَنْ يَأْتِيَ ذَلِكَ الْوَقْتُ فَإِذَا دَخَلَتْهُ الْعَاهَةُ بِجَائِحَةٍ تَبْلُغُ الثُّلُثَ فَصَاعِدًا كَانَ ذَلِكَ مَوْضُوعًا عَنْ الَّذِي ابْتَاعَهُ)

ــ

[المنتقى]

تَنْجُوَ مِنْ الْعَاهَةِ» فَجَعَلَ ذَلِكَ نَجَاءً مِنْ الْعَاهَةِ لِعِلَّةِ تَكَرُّرِهَا فِيهَا كَمَا يَقُولُ لِمَنْ نَجَا مِنْ غَرَقِ الْبَحْرِ أَوْ قَتْلِ الْعَدُوِّ نَجَا فُلَانٌ مِنْ الْمَوْتِ بِمَعْنَى أَنَّهُ انْتَقَلَ مِنْ حَالَةٍ لَا يَكَادُ يَسْلَمُ فِيهَا إلَى حَالَةٍ يَقِلُّ فِيهَا الْعَطَبُ.

(ص) (مَالِكٌ عَنْ أَبِي الرِّجَالِ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ حَارِثَةَ عَنْ أُمِّهِ عَمْرَةَ بِنْتِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - نَهَى عَنْ بَيْعِ الثِّمَارِ حَتَّى تَنْجُوَ مِنْ الْعَاهَةِ» قَالَ مَالِكٌ وَبَيْعُ الثِّمَارِ قَبْلَ أَنْ يَبْدُوَ صَلَاحُهَا مِنْ بَيْعِ الْغَرَرِ) .

(ش) : قَوْلُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «حَتَّى تَنْجُوَ مِنْ الْعَاهَةِ» يُرِيدُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - وَاَللَّهُ أَعْلَمُ حَتَّى يَقِلَّ ذَلِكَ فِيهَا وَيَنْدُرَ وَقَوْلُ مَالِكٍ: إنَّ بَيْعَ الثِّمَارِ قَبْلَ بُدُوِّ صَلَاحِهَا مِنْ الْغَرَرِ يُرِيدُ لِمَا نَهَى عَنْهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مِنْ مَنْعِ ذَلِكَ بِسَبَبِ الْعَاهَاتِ الْمُتَكَرِّرَةِ عَلَيْهَا فِي أَكْثَرِ الْأَعْوَامِ وَإِذَا كَانَ مِنْ الْغَرَرِ وَجَبَ أَنْ يَكُونَ بَيْعُهُ غَيْرَ جَائِزٍ ص.

(مَالِكٌ عَنْ أَبِي الزِّنَادِ عَنْ خَارِجَةَ بْنِ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ عَنْ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ أَنَّهُ كَانَ لَا يَبِيعُ ثِمَارَهُ حَتَّى تَطْلُعَ الثُّرَيَّا) .

(ش) : مَعْنَى ذَلِكَ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ عَلَى مَا تَقَدَّمَ أَنَّ طُلُوعَ الثُّرَيَّا مَعَ الْفَجْرِ إنَّمَا يَكُونُ فِي النِّصْفِ الْآخَرِ مِنْ شَهْرِ مايه وَهُوَ شَهْرُ إيَّارَ وَفِي ذَلِكَ يَبْدُو صَلَاحُ الثِّمَارِ بِالْحِجَازِ وَيَظْهَرُ الْإِزْهَاءُ فِيهَا وَتَنْجُو مِنْ الْعَاهَةِ فِي الْأَغْلَبِ فَفِي ذَلِكَ الْوَقْتِ يَجُوزُ بَيْعُهَا فِيهِ دُونَ مَا قَبْلَهُ وَتَخْتَلِفُ الْعِبَارَاتُ فِيمَا يَبْدُو بِهِ مَا يَمْنَعُ مِنْ الْبَيْعِ وَيُمَيِّزُ مَا يُبَاعُ فَتَارَةً يُمَيِّزُ وَيُفْسِدُهَا بِالْإِزْهَاءِ وَتَارَةً بِأَنْ تَنْجُوَ الثَّمَرَةُ مِنْ الْعَاهَةِ وَتَارَةً تَطْلُعُ الثُّرَيَّا غَيْرَ أَنَّ تَحْدِيدَ ذَلِكَ بِالْإِزْهَاءِ وَبِأَنْ تَنْجُوَ مِنْ الْعَاهَةِ يَتَعَقَّبُهُ الْجَوَازُ عَلَى كُلِّ حَالٍ، وَأَمَّا طُلُوعُ الثُّرَيَّا فَلَيْسَ بِحَدٍّ يَتَمَيَّزُ بِهِ وَقْتُ جَوَازِ الْبَيْعِ مِنْ وَقْتِ مَنْعِهِ.

وَقَدْ رَوَى الْقَعْنَبِيُّ عَنْ مَالِكٍ فِي الْمَبْسُوطِ أَنَّهُ قَالَ لَيْسَ الْعَمَلُ عَلَى هَذَا وَمَعْنَى ذَلِكَ عِنْدِي أَنَّهُ لَا يُبَاحُ بَيْعُ الثَّمَرَةِ بِنَفْسِ طُلُوعِ الثُّرَيَّا حَتَّى يَبْدُوَ صَلَاحُهَا وَإِنَّمَا مَعْنَى ذَلِكَ فِي الْحَدِيثِ أَنَّهُ كَانَ لَا يَبِيعُ إلَّا بَعْدَ طُلُوعِهَا وَلَيْسَ فِيهِ أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ بَيْعُ ذَلِكَ بَعْدَ طُلُوعِ الثُّرَيَّا إلَّا الْإِزْهَاءُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

وَقَدْ رَوَى عَطَاءٌ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّهُ قَالَ «إذَا طَلَعَ النَّجْمُ صَبَاحًا رُفِعَتْ الْعَاهَةُ عَنْ أَهْلِ الْبَلَدِ» وَاَللَّهُ أَعْلَمُ وَالنَّجْمُ الثُّرَيَّا وَهَذَا الْحَدِيثُ لَمْ أَرَهُ وَقَدْ وَجَدْته عَلَى حَسَبِ مَا أَوْرَدْته وَلَمْ أَرْوِهِ مِنْ طَرِيقٍ صَحِيحٍ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ وَأَحْكَمُ.

(ش) : وَهَذَا كَمَا قَالَ أَنَّ بَيْعَ الْقِثَّاءِ إذَا بَدَا صَلَاحُهُ جَائِزٌ بِشَرْطِ أَنْ يَشْتَمِلَ الْبَيْعُ عَلَى جَمِيعِ مَا يَخْرُجُ مِنْهُ إلَى آخِرِهِ فَإِنَّ ذَلِكَ جَائِزٌ؛ لِأَنَّ صَلَاحَ تِلْكَ الثَّمَرَةِ قَدْ بَدَا فَبَاقِيهَا تَبَعٌ لَهَا؛ لِأَنَّ هَذَا حُكْمٌ يَتَّبِعُ فِيهِ كُلُّ مَا بَدَا صَلَاحُهُ كُلَّ مَا يَأْتِي بَعْدَهُ مِنْهُ وَهَذَا حُكْمُ الْخِرْبِزِ وَهُوَ نَوْعٌ مِنْ الْبِطِّيخِ وَحُكْمُ الْبَاذِنْجَانِ وَالْقَرْعِ مِمَّا يَأْتِي بَعْضُهُ دُونَ بَعْضِ وَلَا يَتَمَيَّزُ أَوَّلُهُ مِنْ آخِرِهِ وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَالشَّافِعِيُّ لَا يَجُوزُ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ وَالدَّلِيلُ عَلَى مَا نَقُولُهُ أَنَّ هَذِهِ ثَمَرَةٌ لَا يُمْكِنُ حَبْسُ أَوَّلِهَا عَلَى آخِرِهَا فَجَازَ أَنْ يُبَاعَ مَا لَمْ يَبْدُ صَلَاحُهُ بِمَا بَدَا صَلَاحُهُ كَالتِّينِ وَالْخَوْخِ.

(فَصْلٌ) :

وَقَوْلُهُ ثُمَّ يَكُونُ لِلْمُشْتَرِي مَا يَنْبُتُ حَتَّى يَنْقَطِعَ ثَمَرُهُ يُرِيدُ فِي الْقِثَّاءِ وَالْبِطِّيخِ وَمَا لَيْسَ لَهُ أَصْلٌ ثَابِتٌ مِمَّا يَحْدُثُ شَيْئًا بَعْد شَيْءٍ وَلَا يَتَمَيَّزُ وَوَجْهُ ذَلِكَ عِنْدِي أَنَّهُ إنَّمَا يَشْتَرِي ثَمَرَهُ عَلَى الْمَعْرُوفِ مِنْ حَالِ مِثْلِهِ فِي قُوَّةِ نَبَاتِهِ وَنُعُومَتِهِ وَطِيبِ أَرْضِهِ وَمَا عُرِفَ مِنْ نَجَاتِهِ مِثْلُ هَذَا فِيهَا فَإِذَا اشْتَرَى الْأُصُولَ عَلَى هَذَا كَانَ لَهُ مَا يَخْرُجُ مِنْهَا إلَى آخِرِ وَقْتِهَا وَلَا يَلْزَمُ عَلَى هَذَا أَنْ يُقَالَ لَوْ تَعَلَّقَ الْبَيْعُ بِأَصْلِهَا لَمَا حَرُمَ بَيْعُهَا قَبْلَ بُدُوِّ صَلَاحِ نَبَاتِهَا وَجَازَ أَنْ تُبَاعَ قَبْلَ أَنْ يَبْدُوَ ذَلِكَ مِنْهَا كَمَا يَجُوزُ ذَلِكَ فِي النَّخْلِ وَسَائِرِ الشَّجَرِ؛ لِأَنَّ النَّخْلَ وَالشَّجَرَ لَهَا أَصْلٌ ثَابِتٌ بَاقٍ وَلِذَلِكَ تَتْبَعُ الْأَرْضَ بِمُجَرَّدِ الْعَقْدِ وَوَجْهٌ آخَرُ وَهُوَ أَنَّ الْمَقْصُودَ

<<  <  ج: ص:  >  >>