للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

[المنتقى]

مِنْ شِرَاءِ الْمَقَاثِي ثَمَرَتُهَا؛ لِأَنَّ سَائِرَهَا لَا قِيمَةَ لَهُ وَالشَّجَرُ الْمَقْصُودُ مِنْ سَائِرِهَا الْأَصْلُ وَفِي الْغَالِبِ مُعْظَمُ الثَّمَرَةِ لَهَا وَإِنْ كَانَ بَعْضُ الثَّمَرَةِ لَهَا فَلَهَا الْقِيمَةُ الْكَثِيرَةُ.

(فَرْعٌ) وَبَيَانُ ذَلِكَ أَنَّ مَا بِيعَ مِنْ هَذَا عَلَى ثَلَاثَةِ أَضْرُبٍ ضَرْبٌ تَتَمَيَّزُ بُطُونُهُ وَلَا تَتَّصِلُ كَشَجَرَةِ التِّينِ وَالنَّخِيلِ وَالْيَاسَمِينِ وَالتُّفَّاحِ وَالرُّمَّانِ وَالْجَوْزِ، وَضَرْبٌ ثَانٍ تَتَمَيَّزُ بُطُونُهُ وَتَتَّصِلُ كَالْقَصِيلِ وَالْقَصَبِ وَالْقَرَظِ وَضَرْبٌ ثَالِثٌ لَا يَتَمَيَّزُ بُطُونُهُ كَالْمَقَاثِيِّ وَالْبَاذِنْجَانِ وَالْقَرْعِ فَأَمَّا مَا تَتَمَيَّزُ بُطُونُهُ وَلَا تَتَّصِلُ فَلَا يَجُوزُ أَنْ يُبَاعَ مَا لَمْ يَظْهَرْ مِنْ بُطُونِهِ بِظُهُورِ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَبُدُوِّ صَلَاحِهِ وَحُكْمُ كُلِّ بَطْنٍ مِنْهَا مُخْتَصٌّ بِهِ، وَأَمَّا مَا تَتَّصِلُ بُطُونُهُ وَتَتَمَيَّزُ فَإِنَّ إطْلَاقَ الْعَقْدِ يَتَنَاوَلُ مَا ظَهَرَ مِنْهُ دُونَ مَا لَمْ يَظْهَرْ وَتَكُونُ خِلْفَتُهُ لِمَنْ لَهُ أَصْلُهُ وَذَلِكَ أَنَّهُ إنَّمَا بَاعَ مِنْهُ مَا جَرَتْ الْعَادَةُ بِأَخْذِهِ مِنْ عَيْنِهِ وَلَمْ يَتْبَعْهُ أَصْلُهُ وَلِذَلِكَ لَا يَجُوزُ لَهُ تَبْقِيَتُهُ إلَى أَنْ يَبْدُوَ صَلَاحُهُ فَإِنْ اشْتَرَطَ الْمُبْتَاعُ خِلْفَةً فَهَلْ يَجُوزُ ذَلِكَ عَنْ مَالِكٍ؟ فِيهِ رِوَايَتَانِ حَكَاهُمَا ابْنُ الْمَوَّازِ عَنْ أَشْهَبَ عَنْهُ إحْدَاهُمَا أَنَّهُ قَالَ فِي الْقَرَظِ يَجُوزُ ذَلِكَ إذَا كَانَ لَا يَخْتَلِفُ وَقَالَ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ فَإِنْ كَانَتْ خِلْفَتُهُ تَخْتَلِفُ فَلَا أُحِبُّ اشْتِرَاطَهَا وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ أَنَّهُ قَالَ مَا هَذَا عِنْدِي بِحَسَنٍ؛ لِأَنَّهَا تَأْتِي مُخْتَلِفَةً وَرَوَى ابْنُ الْمَوَّازِ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ أَنَّ مَعْنَى قَوْلِهِ تَخْتَلِفُ خِلْفَتُهُ أَنْ تَثْبُتَ مُدَّةٌ وَلَا تَثْبُتَ أُخْرَى وَلَفْظُ أَشْهَبَ يَقْتَضِي الِاخْتِلَافَ فِي صِفَتِهَا وَإِنَّمَا جَوَّزْنَا اشْتِرَاطَ الْخِلْفَةِ عَلَى رِوَايَةِ الْإِبَاحَةِ؛ لِأَنَّهَا مُسْتَنِدَةٌ إلَى الْأُولَى الَّتِي قَدْ جَازَ بَيْعُهَا وَمُتَّصِلَةٌ كَمَا اشْتَدَّ مِنْ ثَمَرَةِ التِّينِ وَالتُّفَّاحِ وَسَائِرِ الثِّمَارِ مَا هُوَ صَغِيرٌ لَا يَجُوزُ بَيْعُهُ إذَا انْفَرَدَ إلَى مَا قَدْ بَدَا صَلَاحُهُ وَكَمَا يَجُوزُ بَيْعُ مَا لَمْ يَظْهَرْ مِنْ الْقِثَّاءِ وَالْبَاذِنْجَانِ مَعَ مَا قَدْ ظَهَرَ مِنْهَا وَوَجْهُ الرِّوَايَةِ الثَّانِيَةِ أَنَّ هَذَا شِرَاءٌ لَمْ يُوجَدْ وَيَنْفَصِلُ مِمَّا وُجِدَ فَلَمْ يَجُزْ شِرَاؤُهُ بِشِرَائِهِ كَمَا لَا يَجُوزُ شِرَاءُ ثَمَرَةِ نَخْلٍ فِي عَامٍ مَعَ ثَمَرَتِهِ فِي عَامٍ قَبْلَهُ.

(فَرْعٌ) فَإِذَا قُلْنَا بِرِوَايَةِ الْجَوَازِ فَإِنَّمَا تَجُوزُ إذَا كَانَتْ الْخِلْفَةُ مَأْمُونَةً، قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ وَلَا تَكُونُ مَأْمُونَةً إلَّا فِي الْأَرْضِ السَّقْيِ، وَتَجْوِيزُ أَصْحَابِنَا ذَلِكَ فِي الْقَرَظِ وَالْقَصَبِ الَّذِي لَا يَكَادُ أَنْ يَكُونَ إلَّا بِمِصْرٍ دَلِيلٌ عَلَى جَوَازِهِ فِي أَرْضِ السَّقْيِ وَإِنَّمَا يُرَاعَى فِي ذَلِكَ أَنْ تَكُونَ أَرْضًا مَأْمُونَةً عَلَى الْخِلْفَةِ وَلَعَلَّ ابْنَ حَبِيبٍ إنَّمَا وَصَفَ بِذَلِكَ أَرْضَ بِلَادِ الْأَنْدَلُسِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ وَأَحْكَمُ.

(فَرْعٌ) إذَا ثَبَتَ ذَلِكَ فَإِنَّهُ يَجُوزُ أَنْ يُشْتَرَطَ مِنْ الْجَزَرِ مَا يُعْلَمُ أَنَّهُ يَنْتَهِي إلَيْهِ ذَلِكَ النَّبَاتُ وَاحِدَةً أَوْ خَمْسَةً أَوْ أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ مِمَّا لَا يُخَاف إخْلَافُهُ وَلَا اخْتِلَافُهُ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ يَتَمَيَّزُ وَيُمْكِنُ تَقْدِيرُهُ بِعَدَدِ الْحَزْرِ وَالْبُطُونِ فَإِنْ اخْتَلَفَ بَعْدَ ذَلِكَ أَوْ قَصُرَ عَنْ الصِّفَةِ فَفِي الْمَبْسُوطِ وَكِتَابِ ابْنِ الْمَوَّازِ عَنْ مَالِكٍ أَنَّ الْبَائِعَ يَرُدُّ عَلَى الْمُشْتَرِي بِقَدْرِ ذَلِكَ قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ مَسْلَمَةَ وَالْبُقُولُ فِي ذَلِكَ كُلِّهِ بِمَنْزِلَةِ الْقَصَبِ وَوَجْهُ ذَلِكَ أَنْ يَنْظُرَ إلَى قِيمَةِ الْجَزْرَةِ الْأُولَى وَالثَّانِيَةِ الَّتِي اُسْتُوْفِيَتْ وَقِيمَةِ الَّتِي اخْتَلَفَتْ يَوْمَ الْعَقْدِ عَلَى أَنْ يَقْبِضَ فِي إبَّانِهَا كُلَّ وَاحِدَةٍ مِنْهَا فَيَقْبِضُ الثَّمَنَ عَلَى قِيمَتِهَا فَمَا أَصَابَ الَّتِي اخْتَلَفَتْ رَدَّهُ الْبَائِعُ عَلَى الْمُشْتَرِي.

(فَرْعٌ) وَهَلْ يَجُوزُ بَيْعُهُ حَتَّى يَبْقَى جَزْرَةٌ؟ فِي كِتَابِ ابْنِ الْمَوَّازِ لِأَشْهَبَ عَنْ مَالِكٍ لَا يَجُوزُ ذَلِكَ وَإِنَّمَا يُبَاعُ عَدَدُ جَزَرِهِ وَفِي كِتَابِ ابْنِ حَبِيبٍ إذَا اشْتَرَطَ الْمُبْتَاعُ الْخِلْفَةَ كَانَتْ لَهُ كُلُّهَا وَإِنْ كَانَتْ خِلْفَةً بَعْدَ خِلْفَةٍ وَهَذَا يَقْتَضِي أَنَّ لَهُ مَا نَبَتَ إلَى أَنْ يَفْنَى وَوَجْهُ قَوْلِ مَالِكٍ أَنَّ أَصْلَهُ بَاقٍ عَلَى مِلْكِ صَاحِبِهِ فَلَا يَجُوزُ أَنْ يَشْتَرِيَ إلَى انْقِضَاءِ ثَمَرَتِهِ كَالنَّخْلِ وَالشَّجَرِ وَوَجْهُ قَوْلِ ابْنِ حَبِيبٍ أَنَّ هَذِهِ بُطُونٌ مُتَّصِلَةٌ فَجَازَ اشْتِرَاطُ جَمِيعِهَا كَالْمَقَاثِيِّ وَالصَّحِيحُ فِي هَذَا أَنَّهُ مَا كَانَ إبَّانُهُ يَنْتَهِي إلَيْهِ وَيَبْطُلُ الْأَصْلُ جَازَ اشْتِرَاؤُهُ إلَى انْقِضَائِهِ وَمَا كَانَ عَلَى غَيْرِ ذَلِكَ لَمْ يَجُزْ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ وَأَحْكَمُ.

١ -

(مَسْأَلَةٌ) :

وَأَمَّا الْجَوْزُ فَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ مَسْلَمَةَ يُبَاعُ سِنِينَ كَأَلْبَانِ الْغَنَمِ إذَا وَلَدَتْ شَهْرًا أَوْ شَهْرَيْنِ وَرَوَى ابْنُ نَافِعٍ عَنْ مَالِكٍ أَنَّهُ قَالَ لَا أُحِبُّ إنْ بَاعَ مَا يَخْرُجُ مِنْهُ أَكْثَرُ مِنْ سَنَةٍ بِالزَّمَنِ الطَّوِيلِ وَلَا يَصِحُّ ذَلِكَ عِنْدِي إلَّا أَنْ تَكُونَ بُطُونُهُ مُتَّصِلَةً فِي مِثْلِ هَذِهِ الْمُدَّةِ وَغَيْرِهَا وَلَا يَتَقَدَّرُ بِالتَّمَامِ

<<  <  ج: ص:  >  >>