للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

[المنتقى]

الْحَيَوَانَ لَا يَبْلُغُهُ إلَّا بَعْدَ التَّغَيُّرِ فَلَا يَجُوزُ ذَلِكَ إلَّا أَنْ يَقُولَ الْبَائِعُ إنَّهَا عَلَى الصِّفَةِ الَّتِي رَأَيْتهَا.

(فَرْعٌ) إذَا ثَبَتَ ذَلِكَ فَإِنَّهُ لَا يَخْلُو أَنْ يَكُونَ بَعِيدَ الْغَيْبَةِ أَوْ قَرِيبَهَا فَإِنْ كَانَ بَعِيدَ الْغَيْبَةِ لَمْ يَجُزْ بَيْعُهُ عَلَى شَرْطِ النَّقْدِ عَلَى مَا قَدَّمْنَاهُ مِنْ مَنْعِ الذَّرَائِعِ؛ لِأَنَّهُ إنْ سَلَّمَ إلَى الْأَجَلِ وَكَانَ عَلَى الصِّفَةِ كَانَ بَيْعًا وَإِنْ لَمْ يُسَلِّمْ أَوْ لَمْ يَكُنْ عَلَى الصِّفَةِ رُدَّ رَأْسُ الْمَالِ فَكَانَ سَلَفًا فَلَمَّا اجْتَمَعَ فِيهِ هَذَانِ الْوَجْهَانِ مِنْ الْغَرَرِ لَمْ يَجُزْ إلَّا أَنْ يَكُونَ الْمَبِيعُ أَرْضًا أَوْ عَقَارًا فَإِنَّهُ يَجُوزُ بَيْعُهُ بِالصِّفَةِ عَلَى شَرْطِ النَّقْدِ وَذَلِكَ أَنَّ السَّلَامَةَ فِيهَا هِيَ الْغَالِبَةُ فَذَهَبَ الْغَرَرُ مِنْ جِهَةِ مَا يُتَوَقَّعُ عَلَيْهَا وَإِنَّمَا الْغَرَرُ فِيهَا مِنْ جِهَةٍ وَاحِدَةٍ وَهِيَ الْمَخَافَةُ مِنْ مُخَالَفَةِ الصِّفَةِ وَقَدْ قَالَ مَالِكٌ إنَّمَا النَّقْدُ فِيهَا إذَا كَانَ الْوَاصِفُ غَيْرَ الْبَائِعِ.

(فَرْعٌ) فَإِذَا قُلْنَا بِجَوَازِ الْبَيْعِ فِي الْأَعْيَانِ الْغَائِبَةِ الْبَعِيدَةِ عَلَى الصِّفَةِ فَمِنْ ضَمَانِ مَنْ هِيَ اخْتَلَفَ قَوْلُ مَالِكٍ فِيهَا فَمَرَّةً قَالَ إنَّهَا مِنْ ضَمَانِ الْمُبْتَاعِ حَتَّى يَشْتَرِطَهُ عَلَى الْبَائِعِ ثُمَّ رَجَعَ عَنْ ذَلِكَ وَقَالَ مِنْ ضَمَانِ الْبَائِعِ حَتَّى يَشْتَرِطَهُ عَلَى الْمُبْتَاعِ قَالَ ذَلِكَ ابْنُ الْقَاسِمِ فِي الْمُدَوَّنَةِ زَادَ الْقَاضِي أَبُو مُحَمَّدٍ عَنْهُ رِوَايَةً ثَالِثَةً وَهِيَ أَنَّ ضَمَانَ الْحَيَوَانِ وَالْمَأْكُولِ وَمَا لَيْسَ بِمَأْمُونٍ عَلَى الْبَائِعِ وَضَمَانَ الدُّورِ وَالْعَقَارِ عَلَى الْمُشْتَرِي فَجَعَلَ هَذِهِ الْمَقَالَةَ مَقَالَةً ثَالِثَةً وَاَلَّذِي عِنْدِي أَنَّهَا هِيَ الْمَقَالَةُ الثَّانِيَةُ اسْتَثْنَى فِيهَا الدُّورَ وَالْعَقَارَ مِنْ سَائِرِ الْمَبِيعَاتِ فِي الضَّمَانِ وَعَلَى ذَلِكَ رَوَاهَا ابْنُ الْقَاسِمِ وَبَيَّنَهَا فِي غَيْرِ مَوْضِعٍ قَالَ الْقَاضِي أَبُو مُحَمَّدٍ وَجْهُ الرِّوَايَةِ الْأُولَى أَنَّ الْأَصْلَ السَّلَامَةُ مَعَ كَوْنِهِ مُتَمَيِّزًا عَنْ مِلْكِ الْبَائِعِ لَا يَتَعَلَّقُ بِهِ حَقُّ تَوْفِيَةٍ فَكَانَ ضَمَانُهُ مِنْ الْمُشْتَرِي وَذَلِكَ إذَا عَلِمَ أَنَّ الصِّفَةَ صَادَفَتْهُ حَتَّى سَلِمَ ثُمَّ تَلِفَ مِنْ بَعْدُ وَوَجْهُ الرِّوَايَةِ الثَّانِيَةِ أَنَّ عَلَى الْبَائِعِ تَوْفِيَةَ الْمُشْتَرِي مَا اشْتَرَاهُ فَلَمَّا لَمْ يُوَفِّهِ لَمْ يَسْتَحِقَّ عَلَيْهِ الْعِوَضَ وَالتَّلَفُ مِنْهُ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَحْصُلْ بِيَدِ الْمُشْتَرِي، وَوَجْهُ التَّفْرِقَةِ بَيْنَ الْمَأْمُونِ وَغَيْرِ الْمَأْمُونِ أَنَّ الْمَأْمُونَ عَلَى ظَاهِرِ السَّلَامَةِ فَيَجِبُ أَنْ يَكُونَ ضَمَانُهُ مِنْ الْمُشْتَرِي كَالْحَاضِرِ وَلِأَنَّ النَّقْدَ لَمَّا جَازَ فِي غَيْرِ الْمَأْمُونِ دُونَ غَيْرِهِ دَلَّ عَلَى افْتِرَاقِهِمَا فِي حُكْمِ الضَّمَانِ.

(مَسْأَلَةٌ) :

وَأَمَّا إنْ كَانَ قَرِيبَ الْغَيْبَةِ فَإِنَّهُ يَجُوزُ النَّقْدُ فِيهِ بِالشَّرْطِ؛ لِأَنَّهُ لَا يَنْفِي إلَّا أَحَدَ وَجْهَيْنِ الْمُخَالَفَةِ وَهِيَ مُخَالَفَةُ الصِّفَةِ وَهَذَا مِنْ مَعْنَى التَّدْلِيسِ بِالْعَيْبِ فَلَا يَمْنَعُ اشْتِرَاطَ النَّقْدِ.

وَقَدْ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ فِي الْمُدَوَّنَةِ إذَا كَانَ الْمَبِيعُ الْغَائِبُ عَلَى مَسِيرَةِ الْيَوْمِ وَالْيَوْمَيْنِ وَنَحْوِهِ جَازَ النَّقْدُ فِيهِ طَعَامًا كَانَ أَوْ غَيْرَهُ.

(فَصْلٌ) :

وَأَمَّا إنْ كَانَتْ الْمُعَاوَضَةُ عَلَى وَجْهِ الْمُكَارَمَةِ وَالْمُوَاصَلَةِ مِثْلُ أَنْ يُوَلِّيَهُ مَا اشْتَرَى فِي يَوْمِهِ وَلَا يَصِفَهُ وَلَا يَذْكُرَ جِنْسَهُ مِنْ الرَّقِيقِ وَالدَّوَابِّ أَوْ الْعُرُوضِ عَلَى اخْتِلَافِ أَنْوَاعِهَا مِثْلُ أَنْ يَقُولَ اشْتَرَيْت الْيَوْمَ شَيْئًا رَخِيصًا فَيَقُولَ أَرِنِي إيَّاهُ فَيَقُولَ نَعَمْ فَفِي الْمُدَوَّنَةِ مِنْ قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ يَلْزَمُ الْبَائِعَ وَيَكُونُ الْمُبْتَاعُ بِالْخِيَارِ وَهَذَا؛ لِأَنَّ مُقْتَضَى التَّوْلِيَةِ الْمُكَارَمَةُ وَلَا غَرَرَ فِي هَذَا الْعَقْدِ؛ لِأَنَّ الْبَائِعَ قَدْ عَلِمَ صِفَةَ مَا بَاعَ فَلَا غَرَرَ عَلَيْهِ وَالْمُبْتَاعُ بِالْخِيَارِ فَلَا غَرَرَ عَلَيْهِ أَيْضًا.

(مَسْأَلَةٌ) :

وَهَذَا إذَا كَانَ بِلَفْظِ التَّوْلِيَةِ فَأَمَّا إذَا كَانَ بِلَفْظِ الْبَيْعِ أَوْ بِغَيْرِ ذَلِكَ الثَّمَنِ فَلَا يَجُوزُ إلَّا أَنْ يُشْتَرَطَ لَهُ الْخِيَارُ وَوَجْهُ ذَلِكَ أَنَّ مُقْتَضَى الْبَيْعِ الْمُغَابَنَةُ وَالْمُكَايَسَةُ وَمِثْلُ هَذَا مِنْ الْعُقُودِ لَا يَصِحُّ أَنْ يَنْعَقِدَ فِيمَا جُهِلَتْ صِفَتُهُ وَجِنْسُهُ فَإِذَا شُرِطَ الْخِيَارُ فَقَدْ صُرِّحَ بِالْمُكَارَمَةِ وَسَلِمَتْ جَنْبَةُ الْمُبْتَاعِ مِنْ الْغَرَرِ ذَكَرَ ذَلِكَ كُلَّهُ ابْنُ الْقَاسِمِ فِي الْمُدَوَّنَةِ وَإِلَى الْقُرْبِ مِنْ هَذَا أَشَارَ أَبُو حَنِيفَةَ فَقَالَ إنَّهُ يَجُوزُ بَيْعُ الْأَعْيَانِ الْغَائِبَةِ وَلِلْمُبْتَاعِ خِيَارُ الرُّؤْيَةِ.

(فَرْعٌ) إذَا ثَبَتَ ذَلِكَ فَمَنْ ابْتَاعَ عَيْنًا غَائِبَةً بِصِفَةٍ فَوَجَدَهَا عَلَى تِلْكَ الصِّفَةِ لَزِمَتْهُ وَلَا خِيَارَ لَهُ إلَّا أَنْ يَشْتَرِطَهُ قَالَهُ مَالِكٌ فِي الْمُدَوَّنَةِ وَوَجْهُ ذَلِكَ أَنَّهُ بَيْعٌ مَوْصُوفٌ وُجِدَ عَلَى صِفَتِهِ فَلَمْ يَثْبُتْ فِيهِ خِيَارُ الرُّؤْيَةِ كَالْمُسَلَّمِ فِيهِ وَقَالَ الْقَاضِي أَبُو مُحَمَّدٍ لَا يَجُوزُ بَيْعُ عَيْنٍ غَائِبَةٍ بَعْدَ رُؤْيَةٍ وَلَا صِفَةٍ وَإِنْ شَرَطَ خِيَارَ الرُّؤْيَةِ وَذُكِرَ عَنْ الشَّيْخِ أَبِي بَكْرٍ عَنْ أَصْحَابِنَا أَنَّهُمْ يَقُولُونَ إنَّ ذَلِكَ خَارِجٌ عَنْ الْأُصُولِ وَإِلَى

<<  <  ج: ص:  >  >>