للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

[المنتقى]

وَالسَّلَمُ فِي الْأَكَارِعِ وَالرُّءُوسِ جَائِزٌ خِلَافًا لِأَبِي حَنِيفَةَ وَأَحَدِ قَوْلَيْ الشَّافِعِيِّ وَالدَّلِيلُ عَلَى ذَلِكَ مَا قَدَّمْنَاهُ فِي مَسْأَلَةِ اللَّحْمِ وَيَحْتَاجُ مِنْ الصِّفَاتِ إلَى كُلِّ مَا ذَكَرْنَا أَنَّهُ يَحْتَاجُ إلَيْهِ اللَّحْمُ وَيَذْكُرُ مَعَ ذَلِكَ كِبَارًا أَوْ صِغَارًا أَوْ مُتَوَسِّطَةً إذَا سَلَّمَ فِيهَا عَدَدًا.

١ -

(مَسْأَلَةٌ) وَيَجُوزُ السَّلَمُ فِي الدُّرَرِ وَالْفُصُوصِ خِلَافًا لِلشَّافِعَيَّ وَالدَّلِيلُ عَلَى مَا نَقُولُهُ أَنَّهُ مِمَّا يُدْرَكُ بِالصِّفَةِ فَيُوصَفُ لَوْنُهُ وَصَفَاؤُهُ وَصُورَتُهُ مِنْ طَوِيلٍ أَوْ مُدَحْرَجٍ وَإِمْلَاسٍ وَتَضْرِيسٍ وَوَزْنُهُ وَمَا جَرَى مَجْرَى هَذَا مِنْ صِفَاتِهِ الَّتِي تَخْتَلِفُ الْأَغْرَاضُ فِيهِ بِاخْتِلَافِهَا وَلَا يَلْزَمُ عَلَى هَذَا أَنْ يُقَالَ إنَّهُ قَدْ يَكُونُ بَيْنَ الْأَبْيَضِ الصَّافِي فِي الْمُدَحْرَجِ الَّذِي وَزْنُهُ دِرْهَمٌ وَبَيْنَ آخَرَ يُوصَفُ بِهَذَا الْوَصْفِ تَفَاوُتٌ فِي الثَّمَنِ فَإِنَّ الْجَارِيَةَ الَّتِي تُوصَفُ بِالْبَيَاضِ وَالطُّولِ وَامْتِلَاءِ الْجِسْمِ بَيْنَهَا وَبَيْنَ جَارِيَةٍ أُخْرَى لَا تُوصَفُ بِهَذِهِ الصِّفَاتِ تَفَاوُتٌ فِي الثَّمَنِ.

وَقَدْ أَجْمَعْنَا عَلَى جَوَازِ السَّلَمِ فِي الرَّقِيقِ.

(مَسْأَلَةٌ) يَجُوزُ السَّلَمُ فِي الدَّنَانِيرِ وَالدَّرَاهِمِ خِلَافًا لِأَبِي حَنِيفَةَ وَالدَّلِيلُ عَلَى مَا نَقُولُهُ أَنَّ كُلَّ مَا ثَبَتَ فِي الذِّمَّةِ ثَمَنًا فَإِنَّهُ يَثْبُتُ فِيهَا سَلَمًا كَالثِّيَابِ وَالطَّعَامِ.

(فَصْلٌ) :

إذَا ثَبَتَ ذَلِكَ فَإِنَّ مَا تَقَعُ بِهِ الْمُعَاوَضَةُ عَلَى ثَلَاثَةِ أَضْرُبٍ ضَرْبٌ مُخْتَلَفٌ فِي جَوَازِ السَّلَمِ فِيهِ وَقَدْ تَقَدَّمَ ذِكْرُهُ وَضَرْبٌ مُتَّفَقٌ عَلَى مَنْعِ السَّلَمِ فِيهِ وَهُوَ تُرَابُ مَعَادِنِ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ؛ لِأَنَّهَا لَا تُضْبَطُ بِصِفَةٍ وَيَجِبُ أَنْ يَكُونَ مِثْلُ ذَلِكَ تُرَابَ مَعَادِنِ الْحَدِيدِ وَغَيْرِهِ مِمَّا يُحْتَاجُ فِي إخْرَاجِ الْمَقْصُودِ مِنْهُ إلَى عَمَلٍ، وَأَمَّا مَا يَكُونُ الْمَقْصُودُ مِنْهُ مَوْجُودًا عَلَى هَيْئَتِهِ وَنَحْوِهِ فَإِنَّهُ يَجِبُ أَنْ يَجُوزَ؛ لِأَنَّ السَّلَمَ حِينَئِذٍ إنَّمَا يَتَعَلَّقُ بِالْكُحْلِ وَذَلِكَ مِمَّا يُضْبَطُ بِالصِّفَةِ.

(فَصْلٌ) :

وَضَرْبٌ مُتَّفَقٌ عَلَى جَوَازِ السَّلَمِ فِيهِ كَالْحِنْطَةِ وَالتَّمْرِ وَغَيْرِهِمَا مِنْ الْحُبُوبِ وَمَا يُكَالُ وَيُوزَنُ مِنْ غَيْرِ الْمَطْعُومِ فَإِذَا قُلْنَا بِجَوَازِ السَّلَمِ فِي الْحِنْطَةِ فَإِنْ كَانَ بِبَلَدٍ يَخْتَلِفُ فِيهِ جِنْسُهَا فَهُوَ عَلَى ضَرْبَيْنِ:

أَحَدُهُمَا: أَنْ يَكُونَ حَيْثُ يَحْصُلُ النَّوْعَانِ وَالثَّانِي أَنْ يَكُونَ بِحَيْثُ يُجْلَبُ إلَيْهِ الصِّنْفَانِ فَإِنْ كَانَتْ بِحَيْثُ يَحْصُلُ الصِّنْفَانِ كَالْأَنْدَلُسِ الَّتِي يَقْرَبُ فِيهَا أَحَدُهُمَا وَرُبَّمَا اجْتَمَعَتْ فِي الْمَنْبَتِ وَالْمَحْصَدِ فَالْأَفْضَلُ أَنْ يَصِفَهُ بِجِنْسِهِ قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ وَلَا يَضُرُّهُ أَنْ لَا يَصِفَهُ بِذَلِكَ إذَا ذَكَرَ الْجَوْدَةَ وَالرَّدَاءَةَ وَالْأَظْهَرُ عِنْدِي عَلَى الْمَذْهَبِ خِلَافُ هَذَا أَنْ يَبْطُلَ السَّلَمُ بِتَرْكِ ذِكْرِ الصِّفَةِ؛ لِأَنَّ الثَّمَنَ يَخْتَلِفُ بِالْأَنْدَلُسِ بِاخْتِلَافِ نَوْعِ الطَّعَامِ اخْتِلَافًا بَيِّنًا.

(مَسْأَلَةٌ) :

فَإِنْ كَانَ بِمَوْضِعٍ يُجْلَبُ إلَيْهِ الْجِنْسَانِ كَالْجَارِ وَالْحِجَازِ فَمِنْ شَرْطِ صِحَّةِ السَّلَمِ أَنْ يَصِفَهَا بِنَوْعِهَا وَإِنْ كَانَ بِمَوْضِعٍ إنَّمَا يَكُونُ فِيهِ النَّوْعُ الْوَاحِدُ كَمِصْرِ الَّتِي حِنْطَتُهَا كُلُّهَا بَيْضَاءُ مَعَ السَّلَامَةِ وَالشَّامِ الَّتِي حِنْطَتُهَا سَمْرَاءُ فَهَلْ يُحْتَاجُ إلَى ذِكْرِ الْجِنْسِ أَمْ لَا عَنْ مَالِكٍ فِي ذَلِكَ رِوَايَتَانِ إحْدَاهُمَا لَا يَلْزَمُ ذِكْرُ الْجِنْسِ وَالثَّانِيَةُ أَنَّهُ لَا بُدَّ بِمِصْرَ مِنْ ذِكْرِ الْجِنْسِ رَوَاهَا ابْنُ الْمَوَّازِ عَنْهُ وَجْهُ الرَّوِيَّةِ الْأُولَى أَنَّ السَّلَمَ يَخْتَصُّ بِبَلَدِ الْعَقْدِ مَعَ الْإِطْلَاقِ فَإِذَا كَانَ جِنْسُ الْمَعْقُودِ عَلَيْهِ لَا يَخْتَلِفُ فِيهِ لَمْ يَلْزَمْ ذِكْرُهُ كَالدَّنَانِيرِ وَالدَّرَاهِمِ وَوَجْهُ الرِّوَايَةِ الثَّانِيَةِ أَنَّ الْمَعْقُودَ عَلَيْهِ تَخْتَلِفُ أَجْنَاسُهُ فَإِذَا وَجَبَ ذِكْرُ صِفَاتِهِ وَجَبَ ذِكْرُ أَجْنَاسِهِ كَالتَّمْرِ وَالْحِنْطَةِ حَيْثُ تَخْتَلِفُ أَجْنَاسُهَا.

(فَرْعٌ) وَإِذَا قُلْنَا بِالرِّوَايَةِ الثَّانِيَةِ فَلَمْ يَذْكُرْ الْجِنْسَ فَهَلْ يُفْسَخُ أَمْ لَا قَالَ ابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ يُفْسَخُ وَقَالَ أَصْبَغُ لَا يُفْسَخُ وَجْهُ الرِّوَايَةِ الْأُولَى أَنَّ هَذِهِ مَوْضِعٌ يَلْزَمُ فِيهِ ذِكْرُ الْجِنْسِ فَوَجَبَ أَنْ يُفْسِدُ السَّلَمَ الْإِخْلَالُ بِهِ كَالْمَوْضِعِ الَّذِي يَكُونُ فِيهِ الْجِنْسَانِ وَوَجْهُ الرِّوَايَةِ الثَّانِيَةِ أَنَّ الظَّاهِرَ مِنْ الْبَلَدِ الْجِنْسُ الْوَاحِدُ وَعَلَيْهِ يَجِبُ حَمْلُ السَّلَمِ وَإِنَّمَا يُؤْمَرُ بِذِكْرِ الْجِنْسِ عَلَى وَجْهِ الِاسْتِظْهَارِ وَرَفْعِ الْإِشْكَالِ فَإِذَا أَخَلَّ بِذِكْرِهِ وَكَانَ هُوَ الظَّاهِرُ مِنْ حَالِهِ وَجَبَ حَمْلُهُ عَلَيْهِ.

(مَسْأَلَةٌ) :

وَعَلَيْهِ أَنْ يَذْكُرَ مَعَ ذَلِكَ جَيِّدًا أَوْ وَسَطًا أَوْ رَدِيئًا؛ لِأَنَّ الْجِنْسَ الْوَاحِدَ يَخْتَلِفُ فَيَكُونُ مِنْهُ الْجَيِّدُ وَالْوَسَطُ وَالرَّدِيءُ وَذَلِكَ مِمَّا يَخْتَلِفُ الثَّمَنُ بِاخْتِلَافِهِ فَلَا بُدَّ مِنْ ذِكْرِهِ

<<  <  ج: ص:  >  >>