للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بَيْعُ الطَّعَامِ بِالطَّعَامِ لَا فَضْلَ بَيْنَهُمَا (ص) : (مَالِكٌ أَنَّهُ بَلَغَهُ أَنَّ سُلَيْمَانَ بْنَ يَسَارٍ قَالَ فَنِيَ عَلَفُ حِمَارِ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ فَقَالَ لِغُلَامِهِ خُذْ مِنْ حِنْطَةِ أَهْلِك فَابْتَعْ بِهَا شَعِيرًا وَلَا تَأْخُذْ إلَّا مِثْلَهُ مَالِكٌ عَنْ نَافِعِ بْنِ سُلَيْمَانِ بْنِ يَسَارٍ أَنَّهُ أَخْبَرَهُ أَنَّ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ الْأَسْوَدِ بْنِ عَبْدِ يَغُوثَ فَنِيَ عَلَفُ دَابَّتِهِ فَقَالَ لِغُلَامِهِ: خُذْ مِنْ حِنْطَةِ أَهْلِك طَعَامًا فَابْتَعْ بِهَا شَعِيرًا وَلَا تَأْخُذْ إلَّا مِثْلَهُ مَالِكٌ أَنَّهُ بَلَغَهُ عَنْ الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ ابْنِ مُعَيْقِيبٍ الدَّوْسِيِّ مِثْلُ ذَلِكَ قَالَ مَالِكٌ وَهُوَ الْأَمْرُ عِنْدَنَا)

ــ

[المنتقى]

أَوْ مِمَّا لَا يُغَابُ عَلَيْهِ كَالْحَيَوَانِ وَالدُّورِ فَإِنْ كَانَ مِمَّا يُغَابُ عَلَيْهِ فَفِي الْمُدَوَّنَةِ أَنَّ مَالِكًا كَرِهَ ذَلِكَ وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ إنْ وَقَعَ مِنْ غَيْرِ شَرْطٍ لَمْ يُفْسَخْ كَالْحَيَوَانِ وَالدُّورِ وَإِنْ كَانَ مِمَّا لَا يُغَابُ عَلَيْهِ فَفِي الْمُدَوَّنَةِ مِنْ قَوْلِ مَالِكٍ إذَا كَانَ رَأْسُ الْمَالِ فِي السَّلَمِ عَبْدًا وَتَأَخَّرَ الشَّهْرَ مِنْ غَيْرِ شَرْطٍ أَنَّهُ جَائِزٌ وَكَانَ هَذَا مِنْ أَحَدِهِمَا وَلَمْ يَذْكُرْ كَرَاهِيَةً وَقَالَ الْمُتَأَخِّرُونَ مِنْ أَصْحَابِنَا إنَّ ذَلِكَ عَلَى ثَلَاثَةِ أَضْرُبٍ إذَا كَانَ عَيْنًا بَطَلَ السَّلَمُ وَإِنْ كَانَ عَرَضًا يُغَابُ عَلَيْهِ فَالسَّلَمُ مَكْرُوهٌ وَلَا يُفْسَخُ الْبَيْعُ وَإِنْ كَانَ مِمَّا لَا يُغَابُ عَلَيْهِ فَلَا كَرَاهِيَةَ فِيهِ وَالْفَرْقُ بَيْنَ مَا يُغَابُ عَلَيْهِ وَمَا لَا يُغَابُ عَلَيْهِ فِي ذَلِكَ أَنْ يُغَابَ عَلَيْهِ إذَا تَلِفَ بِغَيْرِ بَيِّنَةٍ فَهُوَ مِنْ الْمُسَلِّمِ وَيَفْسُدُ السَّلَمُ فَإِذَا بَقِيَ بِيَدِهِ كَانَ لَهُ الْخِيَارُ بِأَنْ يَدَّعِيَ صِنَاعَةً وَيُبْطِلُ السَّلَمَ مَتَى شَاءَ وَكَرِهَ أَنْ يَبْقَى بِيَدِهِ مُدَّةً لَا يَصِحُّ الْخِيَارُ فِيهَا فِي السَّلَمِ، وَأَمَّا مَا لَا يُغَابُ عَلَيْهِ فَإِنَّهُ مِنْ الْمُسَلَّمِ إلَيْهِ فَهَلَاكُهُ لَا يُؤَدِّي إلَى إبْطَالِ السَّلَمِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ وَأَحْكَمُ.

(فَرْعٌ) وَإِذَا قُلْنَا بِرِوَايَةِ ابْنِ وَهْبٍ فَإِنْ كَانَ الْمُسَلِّمُ هُوَ الَّذِي امْتَنَعَ مِنْ الْقَضَاءِ فَالْمُسَلَّمُ إلَيْهِ بِالْخِيَارِ بَيْنَ أَنْ يَأْخُذَ جَمِيعَ رَأْسِ مَالِ السَّلَمِ أَوْ مَا بَقِيَ لَهُ مِنْهُ وَيَدْفَعَ جَمِيعَ الْمُسَلَّمِ فِيهِ وَبَيْنَ أَنْ يَمْتَنِعَ مِنْ قَبْضِ مَا بَقِيَ لَهُ مِنْهُ وَيَدْفَعَ إلَيْهِ مَا كَانَ دَفَعَ إلَيْهِ مِنْهُ وَإِنْ كَانَ الْمُسَلَّمُ إلَيْهِ هُوَ الَّذِي امْتَنَعَ مِنْ قَبْضِ رَأْسِ الْمَالِ لَزِمَهُ عِنْدَ الْأَجَلِ قَبْضُهُ وَدَفْعُ الْمُسَلَّمِ إلَيْهِ فِيهِ قَالَهُ ابْنُ حَبِيبٍ وَوَجْهُ ذَلِكَ أَنَّهُ إذَا امْتَنَعَ الْمُسَلِّمُ فَقَدْ مَنَعَ الْمُسَلَّمَ إلَيْهِ مِنْ مَقْصُودِهِ مِنْ الِانْتِفَاعِ بِرَأْسِ مَالِ السَّلَمِ إلَى أَجَلِهِ وَلِهَذَا التَّأْخِيرِ تَأْثِيرٌ فِي إبْطَالِ الْعَقْدِ فَصَارَ ذَلِكَ لِلْمُسَلَّمِ إلَيْهِ إنْ شَاءَ أَنْ يُبْطِلَهُ أَبْطَلَهُ وَإِنْ شَاءَ أَنْ يُمْضِيَهُ أَمْضَاهُ وَإِنْ كَانَ الِامْتِنَاعُ مِنْ جِهَةِ الْمُسَلَّمِ إلَيْهِ فَقَدْ أَبْطَلَ حَقَّهُ مِنْ الِانْتِفَاعِ بِرَأْسِ الْمَالِ وَلَا مَضَرَّةَ فِي ذَلِكَ عَلَى الْمُسَلِّمِ فَلَمْ يَكُنْ لِوَاحِدٍ مِنْهُمَا خِيَارٌ فِي فَسْخِهِ.

(فَصْلٌ) :

وَقَوْلُهُ مَا لَمْ يَكُنْ فِي زَرْعٍ لَمْ يَبْدُ صَلَاحُهُ أَوْ ثَمَرٍ لَمْ يَبْدُ صَلَاحُهُ يُرِيدُ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ تَعْلِيقُ السَّلَمِ بِزَرْعٍ لَمْ يَبْدُ صَلَاحُهُ وَلَا بِثَمَرٍ لَمْ يَبْدُ صَلَاحُهُ وَذَلِكَ أَنَّ السَّلَمَ عَلَى ضَرْبَيْنِ مُطْلَقٌ فِي الذِّمَّةِ وَمُضَافٌ إلَى بَلْدَةٍ فَأَمَّا الْمُطْلَقُ فِي الذِّمَّةِ فَمِثْلُ أَنْ يُسَلِّمَ إلَيْهِ فِي قَمْحٍ أَوْ تَمْرٍ وَيَصِفُهُ بِصِفَةٍ وَلَا يَشْتَرِطَ مِنْ تَمْرِ مَوْضِعٍ مِنْ الْمَوَاضِعِ وَالثَّانِي أَنْ يُضِيفَهُ إلَى بَلَدِهِ فَيَقُولَ مِنْ قَمْحِ مِصْرَ أَوْ الشَّامِ أَوْ تَمْرِ الصَّفْرَاءِ أَوْ الْمَدِينَةِ عَلَى سَاكِنِهَا السَّلَامُ فَهَذَا عَلَى ضَرْبَيْنِ:

أَحَدُهُمَا: أَنْ يُضِيفَ ذَلِكَ إلَى مَوْضِعٍ صَغِيرٍ لَا يُؤْمَنُ انْقِطَاعُ ثَمَرَتِهِ فَإِنَّهُ لَا يَجُوزُ ذَلِكَ عَلَى وَجْهِ السَّلَمِ وَلَا يَجُوزُ إلَّا عَلَى وَجْهِ الْبَيْعِ بَعْدَ أَنْ يَبْدُوَ صَلَاحُ ذَلِكَ الْحَائِطِ وَمِنْ شَرْطِهِ أَنْ يَكُونَ الْحَائِطُ لِبَائِعِ التَّمْرِ.

(مَسْأَلَةٌ) :

وَالثَّانِي أَنْ يُضِيفَ ذَلِكَ إلَى مَوْضِعٍ كَبِيرٍ كَثِيرِ التَّمْرِ وَالزَّرْعِ يُؤْمَنُ انْقِطَاعُهُ مِنْ أَيْدِي النَّاسِ مِثْلَ وَادِي الْقُرَى وَخَيْبَرَ فَهَذَا يَجُوزُ عَقْدُ السَّلَمِ فِيهِ مِنْ أَيِّ وَقْتٍ شَاءَ بَعْدَ بُدُوِّ صَلَاحِ الثَّمَرَةِ وَقَبْلَ ذَلِكَ لِمَنْ لَهُ فِي ذَلِكَ الْمَوْضِعِ زَرْعٌ أَوْ ثَمَرٌ أَوْ لِمَنْ لَيْسَ لَهُ فِيهِ شَيْءٌ وَالْأَصْلُ فِي ذَلِكَ مَا رَوَى «عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي الْمُجَالِدِ سَأَلْت ابْنَ أَبِي أَوْفَى عَنْ السَّلَفِ فَقَالَ كُنَّا نُسَلِّفُ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَأَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - فِي الْبُرِّ وَالشَّعِيرِ وَالتَّمْرِ إلَى قَوْمٍ لَا نَدْرِي أَعِنْدَهُمْ أَمْ لَا» وَابْنُ أَبْزَى قَالَ مِثْلَ يَعْنِي ذَلِكَ.

(ش) : وَهَذَا كَمَا قَالَ إنَّ الْإِقَالَةَ فِي الطَّعَامِ لَا تَكُونُ إلَّا بِمِثْلِ رَأْسِ الْمَالِ عَقْدًا وَقَضَاءً؛ لِأَنَّهُ إنْ كَانَ بِغَيْرِ رَأْسِ الْمَالِ خَرَجَ عَنْ الْإِقَالَةِ إلَى الْبَيْعِ الَّذِي لَا يَجُوزُ فِي الطَّعَامِ قَبْلَ اسْتِيفَائِهِ وَهُوَ إذَا عَقَدَ الْإِقَالَةَ بِمِثْلِ

<<  <  ج: ص:  >  >>