للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(ص) : (قَالَ مَالِكٌ فَإِنْ نَدِمَ الْمُشْتَرِي فَقَالَ لِلْبَائِعِ أَقِلْنِي وَأَنْظُرُكَ بِالثَّمَنِ الَّذِي دَفَعْت إلَيْك فَإِنَّ ذَلِكَ لَا يَصْلُحُ وَأَهْلُ الْعِلْمِ يَنْهَوْنَ عَنْهُ وَذَلِكَ أَنَّهُ لَمَّا حَلَّ الطَّعَامُ لِلْمُشْتَرِي عَلَى الْبَائِعِ أَخَّرَ عَنْهُ حَقَّهُ عَلَى أَنْ يُقِيلَهُ فَكَانَ ذَلِكَ بَيْعَ الطَّعَامِ إلَى أَجَلٍ قَبْلَ أَنْ يُسْتَوْفَى قَالَ مَالِكٌ وَتَفْسِيرُ ذَلِكَ أَنَّ الْمُشْتَرِيَ حِينَ حَلَّ الْأَجَلُ وَكَرِهَ الطَّعَامَ أَخَذَ بِهِ دِينَارًا إلَى أَجَلٍ وَلَيْسَ ذَلِكَ بِالْإِقَالَةِ وَإِنَّمَا الْإِقَالَةُ مَا لَمْ يَزْدَدْ فِيهِ الْبَائِعُ وَلَا الْمُشْتَرِي فَإِذَا وَقَعَتْ فِيهِ الزِّيَادَةُ بِنَسِيئَةٍ إلَى أَجَلٍ أَوْ بِشَيْءٍ يَزْدَادُهُ أَحَدُهُمَا عَلَى صَاحِبِهِ أَوْ بِشَيْءٍ يَنْتَفِعُ بِهِ أَحَدُهُمَا فَإِنَّ ذَلِكَ لَيْسَ بِالْإِقَالَةِ وَإِنَّمَا تَصِيرُ الْإِقَالَةُ إذَا فَعَلَا ذَلِكَ بَيْعًا وَإِنَّمَا أُرْخِصَ فِي الْإِقَالَةِ وَالشِّرْكِ وَالتَّوْلِيَةِ مَا لَمْ يَدْخُلْ شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ زِيَادَةٌ أَوْ نُقْصَانٌ أَوْ نَظِرَةٌ فَإِنْ دَخَلَ ذَلِكَ زِيَادَةٌ أَوْ نُقْصَانٌ أَوْ نَظِرَةٌ صَارَ بَيْعًا يُحِلُّهُ مَا يُحِلُّ الْبَيْعَ وَيُحَرِّمُهُ مَا يُحَرِّمُ الْبَيْعَ) .

ــ

[المنتقى]

رَأْسِ الْمَالِ ثُمَّ قَبَضَ مِنْهُ غَيْرَ ذَلِكَ مِنْ عَرَضٍ أَوْ طَعَامٍ أَوْ عَيْنٍ مُخَالِفٌ لِرَأْسِ الْمَالِ فَإِنَّ ذَلِكَ مَمْنُوعٌ لِلذَّرِيعَةِ إلَى بَيْعِ الطَّعَامِ قَبْلَ اسْتِيفَائِهِ؛ لِأَنَّهُ يُتَّهَمُ أَنْ يَكُونَ مَا أَظْهَرَاهُ مِنْ الْعَقْدِ لَغْوًا وَقَدْ بَاعَ الطَّعَامَ قَبْلَ قَبْضِهِ بَعْدَمَا ابْتَاعَهُ بِهِ فَخَرَجَ عَنْ الْإِقَالَةِ إلَى الْبَيْعِ الَّذِي نَهَى عَنْهُ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي الطَّعَامِ قَبْلَ اسْتِيفَائِهِ.

١ -

(مَسْأَلَةٌ) :

وَمَنْ ابْتَاعَ مَطْعُومًا مُعَيَّنًا عَلَى الْوَزْنِ أَوْ الْكَيْلِ فَأَرَادَ أَنْ يَأْخُذَ مَكَانَهُ قَبْلَ قَبْضِهِ مِنْ غَيْرِ جِنْسِهِ فَفِي كِتَابِ مُحَمَّدٍ وَالْمَجْمُوعَةِ أَنَّ ذَلِكَ غَيْرُ جَائِزٍ وَوَجْهُ ذَلِكَ أَنَّهُ بَاعَ مَا عَقَدَ عَلَيْهِ مِنْ الطَّعَامِ أَوَّلًا بِمَا أَخَذَهُ آخِرًا قَبْلَ أَنْ يُسْتَوْفَى.

(مَسْأَلَةٌ) :

فَإِنْ أَخَذَ نِصْفَهُ عَلَى مَا عَقَدَ عَلَيْهِ وَأَرَادَ أَنْ يَأْخُذَ النِّصْفَ الْآخَرَ مِنْ غَيْرِ ذَلِكَ الْجِنْسِ فَفِي كِتَابِ مُحَمَّدٍ عَنْ أَشْهَبَ قَالَ مَالِكٌ أَرْجُو أَنْ يَكُونَ خَفِيفًا قَالَ مُحَمَّدٌ لَا خَيْرَ فِيهِ وَهُوَ سَوَاءٌ مِثْلُ الَّذِي تَقَدَّمَ وَيُحْمَلُ هَذَا أَنَّهُ دَفَعَ إلَيْهِ الثَّمَنَ مِنْ غَيْرِ إيجَابٍ قَالَ وَرَوَى ابْنُ الْقَاسِمِ عَنْ مَالِكٍ فِيمَنْ ابْتَاعَ بِدِينَارٍ قَمْحًا ثُمَّ سَأَلَهُ أَنْ يُعْطِيَهُ بِنِصْفِهِ عَدَسًا أَنَّ ذَلِكَ لَا يَجُوزُ قَالَ مَالِكٌ وَمَنْ اشْتَرَى بِدَرَاهِمَ زَيْتًا فَلَمْ تَسَعْهُ بَطَّتُهُ فَأَرَادَ أَنْ يَأْخُذَ بِمَا بَقِيَ طَعَامًا أَوْ يَرْتَجِعَهُ فَلَا يُعْجِبُنِي وَوَجْهُ ذَلِكَ مَا يَدْخُلُهُ مِنْ بَيْعِ الطَّعَامِ قَبْلَ اسْتِيفَائِهِ.

(فَصْلٌ) :

وَقَوْلُهُ لَا تَنْبَغِي الْإِقَالَةُ إلَّا أَنْ يَأْخُذَ ذَهَبَهُ أَوْ وَرِقَهُ أَوْ ثَمَنَهُ بِعَيْنِهِ يَحْتَمِلُ أَنْ يُرِيدَ بِقَوْلِهِ ذَهَبَهُ أَوْ وَرِقَهُ نَفْسَ ثَمَنِهِ بِعَيْنِهِ إنْ كَانَ مَوْجُودًا عِنْدَهُ عَلَى قَوْلِنَا إنَّ الدَّنَانِيرَ تَتَعَيَّنُ بِالْعَقْدِ أَوْ يَكُونُ الثَّمَنُ تِبْرًا أَوْ حُلِيًّا مَصُوغًا فَيَتَعَيَّنُ بِالْعَقْدِ وَلَا يَجُوزُ فِي الْحُلِيِّ أَنْ يُقِيلَهُ إلَّا بِنَفْسِ مَا دَفَعَ وَيَحْتَمِلُ أَنْ يُرِيدَ بِقَوْلِهِ بِذَهَبِهِ أَوْ وَرِقِهِ مِنْ جِنْسِ ذَلِكَ وَسِكَّتِهِ عَلَى قَوْلِ أَنَّ الدَّنَانِيرَ لَا تَتَعَيَّنُ بِالْعَقْدِ.

وَقَدْ قَالَ فِي الْمُدَوَّنَةِ فِيمَنْ سَلَّمَ إلَى رَجُلٍ دَنَانِيرَ فِي طَعَامٍ فَأَقَالَهُ مِنْهُ وَدَنَانِيرُهُ فِي يَدِهِ وَشَرَطَ عَلَيْهِ أَنْ يَرُدَّ إلَيْهِ تِلْكَ الدَّنَانِيرَ بِأَعْيَانِهَا أَنَّ لِلْمُسَلَّمِ إلَيْهِ أَنْ يَدْفَعَ غَيْرَهَا وَقَوْلُهُ بَعْدَ ذَلِكَ: أَوْ ثَمَنَهُ بِعَيْنِهِ يُرِيد وَاَللَّهُ أَعْلَمُ أَنْ يَكُونَ الثَّمَنُ مِنْ غَيْرِ الْعَيْنِ كَالْعُرُوضِ وَالطَّعَامِ فَهَذَا لَا تَصِحُّ الْإِقَالَةُ إلَّا بِنَفْسِ ذَلِكَ الثَّمَنِ دُونَ مَا كَانَ مِنْ جِنْسِهِ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ كُلَّهُ يُؤَدِّي إلَى بَيْعِ الطَّعَامِ قَبْلَ اسْتِيفَائِهِ.

(فَصْلٌ) :

وَقَوْلُهُ وَأَنَّهُ لَا يَشْتَرِي مِنْهُ بِذَلِكَ الثَّمَنِ شَيْئًا حَتَّى يَقْبِضَهُ يُرِيدُ أَنَّهُ إنْ عَقَدَ الْإِقَالَةَ بِذَلِكَ الثَّمَنِ فَلَا يَشْتَرِي مِنْهُ بِهِ شَيْئًا؛ لِأَنَّ ذَلِكَ ذَرِيعَةٌ إلَى أَنْ تَكُونَ الْإِقَالَةُ بِهِ فَيَكُونُ بَيْعَ الطَّعَامِ قَبْلَ اسْتِيفَائِهِ وَقَدْ نَهَى عَنْهُ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَيَجُوزُ أَنْ يُمْنَعَ كُلُّ مَا كَانَ فِي مَعْنَاهُ وَذَرِيعَةً إلَيْهِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ وَأَحْكَمُ.

(ش) : وَهَذَا كَمَا قَالَ إنَّ النَّدَمَ قَدْ يَلْحَقُ فِي الْبَيْعِ وَالسَّلَمِ الْبَائِعَ وَالْمُشْتَرِيَ وَتَصِحُّ مِنْ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا الْإِقَالَةُ لِلرِّفْقِ بِصَاحِبِهِ وَيَصِحُّ مِنْهُ طَلَبُ الرِّبْحِ أَوْ النَّمَاءِ وَيَصِحُّ مِنْهُمَا جَمِيعًا ذَلِكَ فِي عَقْدٍ وَاحِدٍ بِخِلَافِ الْقَرْضِ فَإِنَّهُ لَا يَصِحُّ أَنْ يَقَعَ إلَّا عَلَى وَجْهِ الرِّفْقِ مِنْ الْقَرْضِ لِلْمُقْتَرِضِ إلَّا أَنَّ الْأَغْلَبَ مِنْ أَحْوَالِ الْإِقَالَةِ رِفْقُ أَحَدِ الْمُتَقَايِلَيْنِ بِصَاحِبِهِ فَلِذَلِكَ حُمِلَتْ عَلَى أَغْلَبْ أَحْوَالِهَا.

وَقَدْ قَدَّمْنَا أَنَّ مِنْ شَرْطِ الْإِقَالَةِ أَنْ تَكُونَ بِمِثْلِ رَأْسِ الْمَالِ وَعَلَى الْوَجْهِ الَّذِي

<<  <  ج: ص:  >  >>