للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(ص) : (سُئِلَ مَالِكٌ عَنْ تَسْلِيمِ الْمُؤَذِّنِ عَلَى الْإِمَامِ وَدُعَائِهِ إيَّاهُ لِلصَّلَاةِ وَمَنْ أَوَّلُ مَنْ سَلَّمَ عَلَيْهِ فَقَالَ لَمْ يَبْلُغْنِي أَنَّ التَّسْلِيمَ كَانَ فِي الزَّمَنِ الْأَوَّلِ) .

ــ

[المنتقى]

الْمَرْأَةِ أَذَانٌ وَلَا إقَامَةٌ وَدَلِيلُنَا مِنْ جِهَةِ الْقِيَاسِ أَنَّ كُلَّ ذِكْرٍ لَا يَكُونُ شَرْطًا فِي صِحَّةِ صَلَاةِ الْفَذِّ فَإِنَّهُ لَا يَكُونُ شَرْطًا فِي صِحَّةِ صَلَاةِ الْجَمَاعَةِ كَسَائِرِ الْأَذْكَارِ.

(مَسْأَلَةٌ) :

إذَا ثَبَتَ أَنَّ الْأَذَانَ لَيْسَ بِشَرْطٍ فِي صِحَّةِ الصَّلَاةِ فَقَدْ قَالَ الشَّيْخُ أَبُو مُحَمَّدٍ أَنَّهُ وَاجِبٌ فِي الْمَسَاجِدِ وَالْجَمَاعَاتِ الرَّاتِبَةِ وَقَالَ الْقَاضِي أَبُو مُحَمَّدٍ مَعْنَى ذَلِكَ أَنَّهُ مِنْ مُؤَكَّدِ السُّنَنِ قَالَ الْقَاضِي أَبُو الْوَلِيدِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - وَحَمْلُ لَفْظِ مَالِكٍ عَلَى ظَاهِرِهِ عِنْدِي أَوْلَى وَأَنَّ الْأَذَانَ وَاجِبٌ وَلَيْسَ بِشَرْطٍ فِي صِحَّةِ الصَّلَاةِ وَوُجُوبُهُ عَلَى الْكِفَايَةِ وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ مِصْرٍ اتَّفَقُوا عَلَى تَرْكِ الْأَذَانِ لَأَثِمُوا بِذَلِكَ وَلَوَجَبَ جَبْرُهُمْ عَلَيْهِ وَأَخْذُهُمْ بِهِ وَوُجُوبُهُ لِمَعْنَيَيْنِ:

أَحَدُهُمَا: أَنَّهُ شِعَارُ الْإِسْلَامِ وَلِذَلِكَ رَوَى أَنَسٌ فِي هَذَا الْحَدِيثِ الْمُتَقَدِّمِ «أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ إذَا أَرَادَ أَنْ يُغِيرَ اسْتَمَعَ فَإِنْ سَمِعَ أَذَانًا أَمْسَكَ وَإِلَّا أَغَارَ» .

وَالْوَجْهُ الثَّانِي: أَنَّهُ دَعَا إلَى الصَّلَاةِ فِي الْمَسَاجِدِ الَّتِي لَا يَجُوزُ الِاتِّفَاقُ عَلَى تَرْكِ الصَّلَاةِ فِيهَا وَالْإِعْلَامِ بِأَوْقَاتِ الصَّلَوَاتِ الَّتِي لَا يَجُوزُ الِاتِّفَاقُ عَلَى تَرْكِ مُرَاعَاتِهَا إلَّا أَنَّ بَعْضَ النَّاسِ يَحْمِلُ مُرَاعَاتَهَا عَنْ بَعْضٍ فَإِذَا عَلِمَ بِأَوْقَاتِ الصَّلَوَاتِ أَعْلَمَ بِهَا بِالْأَذَانِ فَعَلَى هَذَا تُحْمَلُ الْأَخْبَارُ بِالْأَمْرِ بِالْأَذَانِ عَلَى ظَاهِرِهَا.

وَمَالِكٌ عَلَى قَوْلِ مَنْ قَالَ مِنْ أَصْحَابِنَا أَنَّهُ لَيْسَ بِوَاجِبٍ أَرَادَ بِهِ إلَّا أَنَّهُ لَيْسَ بِشَرْطٍ فِي صِحَّةِ الصَّلَاةِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

(مَسْأَلَةٌ) :

إذَا ثَبَتَ ذَلِكَ فَإِنَّ الْأَذَانَ مَأْمُورٌ بِهِ فِي أَوْقَاتِ الصَّلَوَاتِ خَاصَّةً فِي الْمَوَاضِعِ الَّتِي يَلْزَمُ الدُّعَاءُ فِيهَا إلَيْهَا وَهِيَ الْمَسَاجِدُ وَمَوَاضِعُ الْأَئِمَّةِ وَهَذِهِ الْمَوَاضِعُ الَّتِي نُصِبَتْ لِإِقَامَةِ الصَّلَوَاتِ وَأُمِرَ النَّاسُ بِإِتْيَانِهَا لِذَلِكَ وَأَمَّا الْفَذُّ وَالْجَمَاعَةُ فِي غَيْرِ مَسْجِدٍ وَدُونَ ائْتِمَامٍ فَإِنْ كَانَ ذَلِكَ فِي الْحَوَاضِرِ لَمْ يَجِبْ عَلَيْهِمْ أَذَانٌ لِأَنَّ مَعْنَى شِعَارِ الْإِسْلَامِ قَدْ سَقَطَ عَنْهُمْ بِقِيَامِ أَهْلِ الْمِصْرِ بِهِ وَلَا يَجِبُ ذَلِكَ عَلَيْهِمْ لِلدُّعَاءِ إلَى الصَّلَاةِ لِأَنَّ مَوْضِعَهُمْ لَيْسَ بِمَوْضِعٍ مَنْصُوبٍ لِإِقَامَةِ الصَّلَاةِ فَيُدْعَى النَّاسُ إلَيْهِ فَإِنْ أَذَّنُوا فَحَسَنٌ لِأَنَّهُ ذِكْرُ اللَّهِ تَعَالَى وَإِعْلَامٌ بِوَقْتِ الصَّلَاةِ وَأَخْذٌ بِحَظٍّ مِنْ إظْهَارِ شِعَارِ الْإِسْلَامِ وَأَمَّا إنْ كَانَ ذَلِكَ فِي أَرْضِ قَفْرٍ أَوْ سَفَرٍ فَقَدْ قَالَ الشَّيْخُ أَبُو مُحَمَّدٍ لَا أَذَانَ عَلَيْهِ لِأَنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِ الْجَمَاعَةِ وَهَذَا يَحْتَاجُ إلَى تَفْصِيلٍ فَإِنْ كَانَ الْأَمِيرُ مَعَ جَمَاعَةٍ فِي سَفَرٍ أَوْ وَحْدَهُ فَإِنَّ مِنْ سُنَّتِهِ الْأَذَانَ لِأَنَّهُ جَمَاعَةٌ وَقَدْ نَصَبَ مَوْضِعَهُ لِإِقَامَةِ الصَّلَاةِ فَلَزِمَ أَنْ يَدْعُوَ إلَى الصَّلَاةِ قَالَ الْقَاضِي أَبُو الْوَلِيدِ وَإِنْ كَانَ غَيْرَ إمَامٍ فَالظَّاهِرُ عِنْدِي أَنَّ الْأَذَانَ مَشْرُوعٌ لِأَنَّهُ شِعَارُ الْإِسْلَامِ عَلَى مَا تَقَدَّمَ فِي حَدِيثِ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ وَقَدْ قَالَهُ ابْنُ حَبِيبٍ وَسَيَأْتِي بَعْدَ هَذَا إنْ شَاءَ اللَّهُ.

(فَرْعٌ) وَأَمَّا الْإِقَامَةُ فَقَدْ قَالَ أَصْحَابُنَا هِيَ غَيْرُ وَاجِبَةٍ وَقَدْ قَالَ ابْنُ سَحْنُونٍ عَنْ ابْنِ كِنَانَةَ أَنَّ مَنْ تَرَكَهَا عَامِدًا أَعَادَ الصَّلَاةَ.

وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ فِي الْعُتْبِيَّةِ لَا يُعِيدُ قَالَ الْقَاضِي وَأَنَّ ابْنَ كِنَانَةَ قَصَدَ بِذَلِكَ التَّغْلِيظَ عَلَى الْمُتَعَمِّدِ.

(ش) : وَهَذَا كَمَا قَالَ مَالِكٌ أَنَّ هَذَا أَمْرٌ لَمْ يَكُنْ فِي الزَّمَانِ الْأَوَّلِ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَأَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ وَعُثْمَانَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ - أَجْمَعِينَ وَإِنَّمَا كَانَ الْمُؤَذِّنُونَ يُؤَذِّنُونَ فَإِنْ كَانَ الْإِمَامُ فِي شُغُلٍ جَاءَ الْمُؤَذِّنُ فَأَعْلَمَهُ بِاجْتِمَاعِ النَّاسِ لِلصَّلَاةِ دُونَ تَكَلُّفٍ وَلَا اسْتِعْمَالٍ فَأَمَّا مَا كَانَ يُتَكَلَّفُ الْيَوْمَ لِلْأَمِيرِ مِنْ وُقُوفِ الْمُؤَذِّنِ بِبَابِهِ وَالسَّلَامِ عَلَيْهِ وَالدُّعَاءِ لِلصَّلَاةِ بَعْدَ ذَلِكَ فَإِنَّهُ بِمَعْنَى الْمُبَاهَاةِ وَالتَّكَبُّرِ وَالصَّلَاةُ يَجِبُ أَنْ تُنَزَّهَ عَنْ جَمِيعِ ذَلِكَ.

وَقَدْ قَالَ الْقَاضِي أَبُو إِسْحَاقَ فِي مَبْسُوطِهِ عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ الْمَاجِشُونِ أَنَّ كَيْفِيَّةَ السَّلَامِ السَّلَامُ عَلَيْك أَيُّهَا الْأَمِيرُ وَرَحْمَةُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ حَيَّ عَلَى الصَّلَاةِ حَيَّ عَلَى الصَّلَاةِ حَيَّ عَلَى الْفَلَاحِ حَيَّ عَلَى الْفَلَاحِ يَرْحَمُك اللَّهُ قَالَ وَأَمَّا فِي الْجُمُعَةِ فَيَقُولُ السَّلَامُ عَلَيْك أَيُّهَا الْأَمِيرُ وَرَحْمَةُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ قَدْ حَانَتْ الصَّلَاةُ قَدْ حَانَتْ الصَّلَاةُ قَالَ الشَّيْخُ أَبُو إِسْحَاقَ.

وَرُوِيَ أَنَّ عُمَرَ أَنْكَرَ

<<  <  ج: ص:  >  >>