للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

[المنتقى]

يَقْدِرُ عَلَيْهِ أَنَّهُ قَدْ أَخَذَ أَحَدَهُمَا بِالدِّينَارِ ثُمَّ تَرَكَهُ، وَأَخَذَ الثَّانِيَ وَدَفَعَ دِينَارَيْنِ فَصَارَ إلَى أَنْ بَاعَ ثَوْبًا وَدِينَارًا بِثَوْبٍ وَدِينَارَيْنِ.

(مَسْأَلَةٌ) :

وَأَمَّا إنْ كَانَ ذَلِكَ بِثَمَنٍ وَاحِدٍ مِثْلَ أَنْ يَبِيعَهُ أَحَدَ هَذَيْنِ الثَّوْبَيْنِ يَخْتَارُ أَيَّهُمَا شَاءَ بِدِينَارٍ، وَقَدْ لَزِمَهُمَا ذَلِكَ أَوْ لَزِمَ الْبَائِعَ فَحَقِيقَةُ الْمَذْهَبِ الْجَوَازُ، وَفِي كِتَابِ مُحَمَّدٍ قَالَ مَالِكٌ لَا خَيْرَ فِيهِ قَالَ مُحَمَّدٌ وَمَكْرُوهٌ ذَلِكَ أَنْ يَخْتَلِفَ الثَّوْبَانِ كَانَا مِنْ صِنْفٍ وَاحِدٍ أَوْ مِنْ صِنْفَيْنِ اتَّفَقَ الثَّمَنُ أَوْ اخْتَلَفَ، وَمَعْنَى ذَلِكَ إذَا كَانَا مِنْ صِنْفَيْنِ فَأَمَّا إذَا كَانَا مِنْ صِنْفٍ فَإِنْ كَانَ بَيْنَهُمَا تَفَاضُلٌ يَسِيرٌ فَهَذَا لَا يَكَادُ يَسْلَمُ مِنْهُ كُلُّ ثَوْبَيْنِ، وَإِنْ كَانَ بَيْنَهُمَا تَفَاوُتٌ فِي الْجَوْدَةِ فَهَذَا الَّذِي ذَهَبَ إلَيْهِ مَالِكٌ، وَبِهِ قَالَ فِي كِتَابِ مُحَمَّدٍ إنْ كَانَتْ السِّلْعَتَانِ مِمَّا يَجُوزُ أَنْ تُسْلِمَ إحْدَاهُمَا فِي الْأُخْرَى لَمْ يَجُزْ ذَلِكَ عَلَى إلْزَامِ إحْدَاهُمَا فَهَذَا يَقْتَضِي أَنَّهُ إذَا كَانَ إحْدَاهُمَا مِنْ الْخَيْلِ السَّابِقَةِ أَوْ مِنْ رَقِيقِ الثِّيَابِ، وَالثَّانِيَةُ مِنْ حَوَاشِي الْخَيْلِ وَغَلِيظِ الثِّيَابِ لَمْ يَجُزْ؛ لِأَنَّ هَذَا مِمَّا تُسْلَمُ إحْدَاهُمَا فِي الْأُخْرَى إلَّا أَنَّ مِثْلَ هَذَا لَا يَكَادُ يَقَعُ عَلَى وَجْهِ التَّخْيِيرِ؛ لِأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ يَعْلَمُ أَنَّ الْأَفْضَلَ هُوَ لِخِيَارِ الْمُشْتَرِي إلَّا أَنْ يُرِيدَ بِذَلِكَ أَنْ يَكُونَا جَمِيعًا مِنْ الْكَتَّانِ، وَيَكُونَ أَحَدُهُمَا شُقَّةً، وَالْآخَرُ ثَوْبًا مُفَصَّلًا بِحَيْثُ تَخْتَلِفُ فِيهِمَا الْأَغْرَاضُ فَقَدْ يَأْخُذُ الْأَدْوَنَ الْمُشْتَرِي لِغَرَضِهِ فِيهِ، وَيَأْخُذُ الْأَجْوَدَ لِفَضْلِهِ فَيَدْخُلُ هَذَا الْغَرَرُ.

(فَرْعٌ) فَإِذَا قُلْنَا بِجَوَازِ ذَلِكَ، وَهُوَ الْأَظْهَرُ فَمَا الَّذِي يُخْرِجُ هَذَا عَنْ أَنْ يَكُونَ مِنْ بَيْعَتَيْنِ فِي بَيْعَةٍ يَحْتَمِلُ ذَلِكَ وَجْهَيْنِ:

أَحَدُهُمَا: أَنْ يَكُونَ مِنْ بَيْعَتَيْنِ فِي بَيْعَةٍ، وَلَكِنَّهُ مَخْصُوصٌ بِالدَّلِيلِ لِتَعَرِّيه مِنْ الْغَرَرِ، وَالثَّانِي أَنَّهُ لَيْسَ مِنْ بَيْعَتَيْنِ فِي بَيْعَةٍ؛ لِأَنَّ مَعْنَى بَيْعَتَيْنِ فِي بَيْعَةٍ أَنْ تَكُونَ كُلُّ وَاحِدَةٍ مِنْ الْبَيْعَتَيْنِ مَقْصُودَةً لِجِنْسِهَا مُخْتَصَّةً كُلُّ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا بِغَرَضٍ غَيْرِ غَرَضِ الْأُخْرَى، وَذَلِكَ مَوْجُودٌ فِيهِ إذَا اخْتَلَفَ الثَّمَنَانِ أَوْ اخْتَلَفَ الْمَبِيعَانِ لِلْجِنْسِ أَوْ لِتَبَايُنِ الْجُودَةِ الَّتِي لَا يَتَسَاوَى مَعَهَا الثَّمَنُ فِيهَا فَإِذَا تَسَاوَى الثَّمَنَانِ، وَتَسَاوَتْ الْجُودَةُ أَوْ تَقَارَبَتْ تَقَارُبًا يَكُونُ فِي مَعْنَى التَّسَاوِي فَإِنَّهُ لَا تَخْتَصُّ كُلُّ وَاحِدَةٍ مِنْ الْبَيْعَتَيْنِ بِغَرَضٍ فَلَمْ تَكُنْ بَيْعَةٌ، وَلِذَلِكَ لَا يُقَالُ لِمَنْ اشْتَرَى قَفِيزَ حِنْطَةٍ مِنْ صُبْرَةٍ أَنَّهُ مِنْ بَابِ بَيْعَتَيْنِ فِي بَيْعَةٍ، وَلَا بَيْعُ كِسْرَةٍ، وَلَا خِلَافَ فِي الْمَذْهَبِ أَنَّهُ يَجُوزُ أَنْ يَشْتَرِيَ عَشَرَةَ أَكْبُشٍ يَخْتَارُهَا مِنْ عِشْرِينَ كَبْشًا مُعَيَّنَةً، وَإِنْ كُنَّا لَا نَشُكُّ أَنَّهُ لَا يَكَادُ أَنْ يَتَّفِقَ تَسَاوِيهِمَا، وَلَكِنَّهُ يَتَقَارَبُ كَثِيرٌ مِنْهَا مَعَ تَسَاوِي الْغَرَضِ فِيهَا أَوْ تَقَارُبِهِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

١ -

(مَسْأَلَةٌ) :

إذَا ثَبَتَ مَا قُلْنَاهُ فَمَنْ اشْتَرَى أَحَدَ ثَوْبَيْنِ عَلَى أَنْ يَخْتَارَ مِنْ أَحَدِهِمَا فَقَبَضَهُمَا عَلَى أَنْ يَخْتَارَ فَإِنَّ لَهُ أَنْ يَخْتَارَ مُدَّةً مَا ضَرَّ بِذَلِكَ فَإِنْ هَلَكَ أَحَدُهُمَا أَوْ أَصَابَهُ عَيْبٌ فَلَا يَخْلُو أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ قَبْلَ أَنْ يَخْتَارَ أَوْ بَعْدَهُ فَإِنْ كَانَ ذَلِكَ قَبْلَ أَنْ يَخْتَارَ فَفِي كِتَابِ ابْنِ الْمَوَّازِ عَنْ مَالِكٍ الْهَالِكُ الْمَعِيبُ بَيْنَهُمَا، وَالسَّالِمُ بَيْنَهُمَا، وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ يَضْمَنُ نِصْفَ التَّالِفِ مِنْهُمَا، وَأَنْكَرَ ذَلِكَ ابْنُ حَبِيبٍ، وَقَالَ بَلْ يَضْمَنُ جَمِيعَ ثَمَنِهِ قَالَ وَقَالَهُ لِي مَنْ كَاشَفْتُهُ مِنْ أَصْحَابِ مَالِكٍ، وَقَالَ أَشْهَبُ فِي النَّوَادِرِ، وَإِذَا غَابَ عَلَى الثَّوْبَيْنِ فَهُوَ ضَامِنٌ لَهُمَا، وَأَمَّا فِي الْعَبْدَيْنِ فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ فِي الْهَالِكِ، وَيَلْزَمُهُ الْبَاقِي، وَاَلَّذِي عَنْهُ فِي الْمُدَوَّنَةِ أَنَّ لَهُ أَنْ يَأْخُذَ الْبَاقِي أَوْ يَرُدَّهُ وَجْهُ قَوْلِ مَالِكٍ وَابْنِ الْقَاسِمِ أَنَّهُ قَبَضَهُمَا عَلَى وَجْهِ الِاخْتِيَارِ فَلَمْ يَضْمَنْ إلَّا بِقَدْرِ مَالِهِ فِيهِمَا مِنْ جِهَةِ الْغَرَرِ أَلَا تَرَى أَنَّهُ لَوْ كَانَ لَهُ قِبَلَ رَجُلٍ دِينَارٌ فَدَفَعَ إلَيْهِ ثَلَاثَةَ دَنَانِيرَ لِيَرَاهَا وَيَأْخُذَ وَاحِدًا مِنْهَا فَضَاعَتْ فَإِنَّهُ لَا يَضْمَنُ إلَّا وَاحِدًا مِنْهَا، وَوَجْهُ قَوْلِ ابْنِ حَبِيبٍ مَا احْتَجَّ بِهِ مِنْ أَنَّهُ أَخَذَ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْ الثِّيَابِ بِالْخِيَارِ فَإِذَا لَمْ تَقُمْ بَيِّنَةٌ بِضَيَاعِهِ وَجَبَ أَنْ يَضْمَنَهُ أَلَا تَرَى أَنَّهُ لَوْ اشْتَرَى ثَوْبَيْنِ عَلَى أَنَّهُ بِالْخِيَارِ إنْ شَاءَ أَخَذَ أَحَدَهُمَا، وَإِنْ شَاءَ رَدَّهُمَا فَضَاعَ الثَّوْبَانِ أَوْ أَحَدُهُمَا فَإِنَّ قَوْلَ ابْنِ الْقَاسِمِ أَنَّهُ يَضْمَنُ مَا ضَاعَ مِنْهُمَا، وَفَرَّقَ ابْنُ الْقَاسِمِ بَيْنَهُمَا أَنَّهُ إذَا ابْتَاعَ الثَّوْبَيْنِ عَلَى أَنَّهُ بِالْخِيَارِ فَقَدْ تَنَاوَلَهُمَا الْبَيْعُ أَوْ أَحَدُهُمَا عَلَى وَجْهٍ وَاحِدٍ فَوَجَبَ أَنْ يَضْمَنَهُمَا، وَإِذَا اشْتَرَى أَحَدَهُمَا عَلَى أَنْ يَخْتَارَهُ مِنْ ثَوْبَيْنِ فَإِنَّ الشِّرَاءَ تَنَاوَلَ أَحَدَهُمَا وَقَبْضُ الْآخَرِ

<<  <  ج: ص:  >  >>