للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(ص) : (مَالِكٌ أَنَّهُ بَلَغَهُ أَنَّ رَجُلًا قَالَ لِرَجُلٍ ابْتَعْ لِي هَذَا الْبَعِيرَ بِنَقْدٍ حَتَّى أَبْتَاعَهُ مِنْك إلَى أَجَلٍ فَسُئِلَ عَنْ ذَلِكَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ فَكَرِهَهُ، وَنَهْي عَنْهُ) .

ــ

[المنتقى]

عَلَى وَجْهِ الْأَمَانَةِ الْمَحْضَةِ فَلَمْ يَضْمَنْهُ.

١ -

(مَسْأَلَةٌ) :

وَمَنْ كَانَ لَهُ عَلَى رَجُلٍ دِينَارٌ فَأَعْطَاهُ ثَلَاثَةَ دَنَانِيرَ لِيَزِنَهَا وَيَأْخُذَ مِنْهَا وَاحِدًا فَضَاعَتْ رَوَى ابْنُ حَبِيبٍ عَنْ أَصْحَابِ مَالِكٍ أَنَّهُ لَا يَضْمَنُ إلَّا وَاحِدًا مِنْهَا، وَذَلِكَ إذَا لَمْ يَشُكَّ أَنَّ فِيهَا وَازِنًا فَأَمَّا إذَا جَهِلَ ذَلِكَ، وَضَاعَتْ قَبْلَ الْوَزْنِ فَلَا يَضْمَنُ شَيْئًا مِنْهَا، وَيَحْلِفُ أَنَّهُ مَا عَلِمَ أَنَّ فِيهَا وَازِنًا، وَفِي الْمُدَوَّنَةِ فِيمَنْ كَانَ لَهُ عَلَى رَجُلٍ دِينَارٌ فَيُعْطِيه ثَلَاثَةَ دَنَانِيرَ يَخْتَارُ أَحَدَهَا فَيَذْكُرُ أَنَّهُ تَلِفَ أَحَدُهَا أَنَّهُ يَكُونُ شَرِيكًا قَالَ سَحْنُونٌ، وَمَعْنَى ذَلِكَ أَنَّهُ لَمْ يَعْرِفْ تَلَفَهُ إلَّا بِقَوْلِهِ لِمَعْنَى رِوَايَةِ ابْنِ حَبِيبٍ أَنَّهُ لَا يَضْمَنُ إذَا لَمْ يَعْرِفْ أَنَّ فِيهَا مَا يَكُونُ وَفَاءً لِحَقِّهِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَقْبِضْهُ عَلَى الِاسْتِيفَاءِ فَإِذَا عَرَفَ أَنَّ فِيهَا وَفَاءً لَحَقِّهِ ضَمِنَ مِنْهَا بِقَدْرِ حَقِّهِ؛ لِأَنَّ الْبَاقِي إنَّمَا دُفِعَ إلَيْهِ عَلَى وَجْهِ التَّبَرُّعِ الْوَدِيعَةِ الْمَحْضَةِ بِخِلَافِ مَنْ اشْتَرَى ثَوْبًا بِالْخِيَارِ مِنْ ثَوْبَيْنِ فَإِنَّ حَقَّهُ مُتَعَلِّقٌ بِكِلَا الثَّوْبَيْنِ حَتَّى يَخْتَارَ، وَعَلَى ذَلِكَ قَبَضَهُ، وَلَيْسَ كَذَلِكَ مَنْ كَانَ لَهُ عَلَى رَجُلٍ دِينَارٌ فَدَفَعَ إلَيْهِ ثَلَاثَةَ دَنَانِيرَ لِيَسْتَوْفِيَ مِنْهَا حَقَّهُ فَإِنَّهُ لَمْ يَكُنْ اسْتَحَقَّ عَلَيْهِ أَنْ يَدْفَعَ إلَيْهِ غَيْرَ دِينَارٍ وَاحِدٍ فِيهِ وَفَاءٌ عَنْ حَقِّهِ وَجْهُ قَوْلِ سَحْنُونٍ أَيْضًا أَنَّهُ إنَّمَا قَبَضَهُ لِيَخْتَارَ فَإِذَا قَامَتْ بَيِّنَةٌ بِضَيَاعِهِ فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ كَسِلْعَةٍ أَخَذَهَا بِشِرَاءٍ الْخِيَارُ لِرَبِّهَا، وَإِنْ لَمْ تَقُمْ بَيِّنَةٌ بِضَيَاعِهَا ضَمِنَهَا؛ لِأَنَّ قَبْضَهَا لِمَنْفَعَةِ نَفْسِهِ، وَهُوَ مِمَّا يُغَابُ عَلَيْهِ.

(مَسْأَلَةٌ) :

وَإِذَا قُلْنَا إنَّ مَنْ ابْتَاعَ ثَوْبًا بِالْخِيَارِ مِنْ ثَوْبَيْنِ فَضَاعَ أَحَدُهُمَا أَنَّ عَلَيْهِ نِصْفَ ثَمَنِهِ فَهَلْ يَكُونُ لَهُ أَنْ يَأْخُذَ الْبَاقِي بِالثَّمَنِ أَوْ يَرُدَّهُ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ فِي الْمُدَوَّنَةِ عَنْ مَالِكٍ فِي الثَّوْبِ لَهُ أَنْ يَرُدَّ الْبَاقِي، وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ، وَلِلْمُشْتَرِي أَنْ يَأْخُذَ الْبَاقِي فِي أَيَّامِ الْخِيَارِ، وَمَا قَرُبَ مِنْهَا، وَرَوَى ابْنُ الْمَوَّازِ عَنْ مَالِكٍ أَنَّ عَلَيْهِ نِصْفَ الْمَعِيبِ إنْ دَخَلَ أَحَدَهُمَا عَيْبٌ، وَنِصْفَ الْبَاقِي السَّالِمِ، وَرَوَى عِيسَى عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي الْعُتْبِيَّةِ إنْ تَلِفَ أَحَدُهُمَا فَلَهُ رَدُّ الْبَاقِي، وَغَرِمَ نِصْفَ ثَمَنِ التَّالِفِ، وَإِنْ أَرَادَ إمْسَاكَ الْبَاقِي فَلَيْسَ لَهُ إلَّا نِصْفُهُ إلَّا أَنْ يَرْضَى الْبَائِعُ بِذَلِكَ وَجْهُ قَوْلِ الْمُدَوَّنَةِ أَنَّهُ لَمْ يَتَقَدَّمْ اخْتِيَارُهُ، وَهُوَ فِي مُدَّةِ الِاخْتِيَارِ جَازَ لَهُ أَنْ يَخْتَارَ الْبَاقِيَ فَيَضْمَنَ نِصْفَ الْأَوَّلِ لِمَا قَبَضَهُ لِلِاخْتِيَارِ، وَغَابَ عَلَيْهِ، وَلَهُ أَنْ يَرُدَّهُ فَيَكُونَ اخْتِيَارُهُ مُتَعَلِّقًا بِالتَّالِفِ؛ لِأَنَّهُ لَمَّا تَلَفَ قَبْلَ اخْتِيَارِهِ لَمْ يَضْمَنْ جَمِيعَهُ بِالثَّمَنِ، وَلَا يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَخْتَارَ بَعْدَ مُدَّةِ الْخِيَارِ الْبَاقِي؛ لِأَنَّ اخْتِيَارَهُ فِي غَيْرِ مُدَّةِ الِاخْتِيَارِ، وَوَجْهُ رِوَايَةِ ابْنِ الْمَوَّازِ مَا احْتَجَّ بِهِ ابْنُ الْقَاسِمِ أَنَّهُ قَدْ لَزِمَهُ نِصْفُ الثَّوْبِ التَّالِفِ فَلَا يَكُونُ لَهُ أَنْ يَخْتَارَ الثَّوْبَ الْبَاقِيَ فَيَصِيرَ إلَيْهِ ثَوْبٌ وَنِصْفٌ، وَإِنَّمَا ابْتَاعَ ثَوْبًا وَاحِدًا.

(فَرْعٌ) فَإِذَا قُلْنَا يَضْمَنُ نِصْفَ التَّالِفِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ يَضْمَنُ نِصْفَهُ بِنِصْفِ الثَّمَنِ، وَقَالَ أَشْهَبُ فِي النَّوَادِرِ إنْ أَخَذَ الْبَاقِي كَانَ عَلَيْهِ بِالثَّمَنِ، وَالتَّالِفُ بِالْقِيمَةِ، وَإِنْ رَدَّهُ فَالتَّالِفُ عَلَيْهِ بِالْأَقَلِّ مِنْ الثَّمَنِ أَوْ الْقِيمَةِ.

(فَصْلٌ) :

وَلَوْ قَالَ الْمُبْتَاعُ إنَّمَا ضَاعَ أَحَدُهُمَا بَعْدَ أَنْ اخْتَرْتُ الْبَاقِي فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ، وَيَحْلِفُ، وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ فِي التَّالِفِ قَالَهُ أَصْبَغُ فِي كِتَابِ مُحَمَّدٍ، وَوَجْهُ ذَلِكَ أَنَّهُ مُؤْتَمَنٌ عَلَى الِاخْتِيَارِ، وَلَوْ أَشْهَدَ عَلَى اخْتِيَارِهِ أَحَدَ الثَّوْبَيْنِ بِغَيْرِ مَحْضَرِ الْبَائِعِ ثُمَّ ادَّعَى هَلَاكَ الثَّانِي قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ لَا يَضْمَنُهُ، وَمَنْ سِوَاهُ مِنْ أَصْحَابِ مَالِكٍ يَضْمَنُهُ، وَهُوَ الصَّوَابُ قَالَ الشَّيْخُ أَبُو مُحَمَّدٍ هَكَذَا فِي كِتَابِ ابْنِ حَبِيبٍ فَإِنْ كَانَ يُرِيدُ أَنَّهُ يَخْتَارُ أَحَدَهُمَا فَهُوَ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ، وَإِنْ كَانَ يُرِيدُ أَنَّهُ يَخْتَارُهُمَا أَوْ يَرُدُّهُمَا فَلَيْسَ بِقَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ.

(ش) : قَوْلُهُ ابْتَعْ لِي هَذَا الْبَعِيرَ بِنَقْدٍ فَابْتَاعَهُ مِنْهُ إلَى أَجَلٍ أَدْخَلَهُ فِي بَابِ بَيْعَتَيْنِ فِي بَيْعَةٍ، وَلَا يَمْتَنِعُ أَنْ يُوصَفَ بِذَلِكَ مِنْ جِهَةِ أَنَّهُ انْعَقَدَ بَيْنَهُمَا أَنَّ الْمُبْتَاعَ لِلْبَعِيرِ بِالنَّقْدِ إنَّمَا يَشْتَرِيه عَلَى أَنَّهُ قَدْ لَزِمَ مُبْتَاعَهُ بِأَجَلٍ بِأَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ الثَّمَنِ فَصَارَ قَدْ انْعَقَدَ بَيْنَهُمَا عَقْدُ بَيْعٍ تَضَمَّنَ بَيْعَتَيْنِ إحْدَاهُمَا الْأُولَى، وَهِيَ بِالنَّقْدِ، وَالثَّانِيَةُ الْمُؤَجَّلَةُ، وَفِيهَا مَعَ ذَلِكَ بَيْعُ مَا لَيْسَ

<<  <  ج: ص:  >  >>