للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

[المنتقى]

الْمُحَالَ عَلَيْهِ لَوْ قَضَاهُ لَرَجَعَ بِمَا قَضَاهُ عَلَى الْمُحِيلِ، وَرَوَاهُ أَشْهَبُ عَنْ مَالِكٍ، وَاَلَّذِي فِي الْمُدَوَّنَةِ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ أَنَّهُ إنْ لَمْ يَكُنْ لِلْمُحِيلِ عَلَى الْمُحَالِ عَلَيْهِ شَيْءٌ، وَشَرَطَ فِي الْحَوَالَةِ أَنَّهُ بَرِيءٌ مِنْ الْمَالِ، وَقَالَ الَّذِي لَهُ الْحَقُّ أَحِلْنِي عَلَيْهِ، وَأَنْتَ بَرِيءٌ مِنْ الْمَالِ فَإِنَّهُ إنْ عَلِمَ الْمُحَالُ أَنَّهُ لَا شَيْءَ لَهُ عَلَيْهِ فَرَضِيَ بِالْحَوَالَةِ، وَأَبْرَأَ الْمُحِيلَ لَمْ يَكُنْ لَهُ أَنْ يَرْجِعَ عَلَيْهِ، وَأَخَذَ بِإِقْرَارِهِ، وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ فَلَهُ الرُّجُوعُ بِإِثْرِ ذَلِكَ، وَرَوَى ابْنُ وَهْبٍ عَنْ مَالِكٍ فِيمَنْ قَالَ لِرَجُلٍ أَنَا لَك بِمَا لَك قِبَلَ فُلَانٍ فَخَرِّقْ ذِكْرَ الْحَقِّ عَلَيْهِ، وَاطْلُبْنِي دُونَهُ، وَلَمْ تَكُنْ حَوَالَةٌ مِنْ دَيْنٍ كَانَ لِلْغَرِيمِ عَلَى الْقَابِلِ فَأَشْهَدَ الرَّجُلُ بِذَلِكَ عَلَيْهِ، وَشَقَّ الصَّحِيفَةَ وَطَلَبَهُ بِذَلِكَ الْحَقِّ حَتَّى أَفْلَسَ أَوْ مَاتَ مُفْلِسًا فَإِنَّهُ يَرْجِعُ عَلَى غَرِيمِهِ؛ لِأَنَّ الْمُتَحَمِّلَ وَعَدَ الْغَرِيمَ أَنْ يُسْلِفَهُ، وَلَا يَثْبُتُ لَهُ ذَلِكَ عَلَى الْغَرِيمِ حَتَّى يَقْضِيَ عَنْهُ فَقَدْ اتَّفَقَ قَوْلُ أَصْحَابِنَا وَرِوَايَتُهُمْ عَنْ مَالِكٍ غَيْرَ ابْنِ الْمَاجِشُونِ عَلَى أَنَّ لَهُ الرُّجُوعَ فِي الْفَلَسِ فَرِوَايَةُ ابْنِ الْمَوَّازِ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ مُوَافِقَةٌ لِذَلِكَ، وَقَوْلُهُ فِي الْمُدَوَّنَةِ ظَاهِرُهُ خِلَافُ هَذَا أَنَّ الْمَسْأَلَةَ إذَا عَلِمَ الْمُحَالُ، وَأَبْرَأَ حُكْمَ الْحَوَالَةِ الْمُحْصَنَة، وَأَنَّهُ لَا يَرْجِعُ، وَلَمْ يَذْكُرْ فَلَسًا، وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ قَوْلُهُ مُخَالِفًا لِمَا تَقَدَّمَ مِنْ قَوْلِ غَيْرِهِ، وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ مُوَافِقًا لَهُمْ، وَأَنَّهُ أَطْلَقَ اللَّفْظَ فِي الْمُدَوَّنَةِ، وَقَيَّدَهُ فِي الْمَوَّازِيَّةِ.

(مَسْأَلَةٌ) :

فَإِذَا قُلْنَا بِقَوْلِ مَالِكٍ وَجُمْهُورِ أَصْحَابِهِ أَنَّهُ يَرْجِعُ فِي الْفَلَسِ فَهَلْ لَهُ الرُّجُوعُ مَعَ الْيَسَارِ رَوَى أَشْهَبُ عَنْ مَالِكٍ لَيْسَ لَهُ الرُّجُوعُ عَلَى الْمُحِيلِ مَا لَمْ يُفْلِسْ أَوْ يَمُتْ الْمُحَالُ عَلَيْهِ، وَرَوَى عِيسَى عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي الَّذِي يَقُولُ لِلرَّجُلِ عَلَيَّ حَقُّك وَدَعْ صَاحِبَك لَا تُكَلِّمْهُ فَإِنَّ الْحَقَّ عَلَيَّ فَإِنْ كَانَ الْمُحِيلُ مَلِيئًا فَالْمُحَالُ بِالْخِيَارِ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْمُحِيلِ وَجْهُ رِوَايَةِ أَشْهَبَ عَنْ مَالِكٍ أَنَّهُ قَدْ أَبْرَأَ الْمُحَالُ الْمُحِيلَ مِنْ دَيْنِهِ بِشَرْطِ أَنْ يَقْبِضَهُ مِنْ الْمُحَالِ عَلَيْهِ فَلَا رُجُوعَ لَهُ عَلَى الْمُحِيلِ إلَّا بِأَنْ يَتَعَذَّرَ قَبْضُهُ مِمَّنْ يَضْمَنُ دَفْعَهُ إلَيْهِ فَيَرْجِعَ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَتَعَلَّقْ دَيْنُهُ بِذِمَّةِ الْمُحَالِ عَلَيْهِ تَعَلُّقًا مِنْ أَجْلِ مُعَاوَضَةٍ، وَإِنَّمَا تَعَلَّقَ بِهَا تَعَلُّقًا مِنْ جِهَةِ مُكَارَمَةٍ فَلَمْ يَلْزَمْهُ بِالْفَلَسِ وَلَا بِالْمَوْتِ وَلَزِمَتْهُ مَعَ الْيَسَارِ مُدَّةَ الْخِيَارِ، وَوَجْهُ رِوَايَةِ عِيسَى عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ أَنَّهَا عَلَى وَجْهِ الْحَمَالَةِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يُوجَدْ مِنْهُ إبْرَاءٌ فِي انْتِقَالِهِ إلَى مُطَالَبَةِ الْمُحَالِ عَلَيْهِ، وَإِنَّمَا وُجِدَ مِنْهُ مَا يَقْتَضِي الِاسْتِيثَاقَ مِنْ حَقِّهِ، وَالْكَفَّ عَنْ مُطَالَبَتِهِ مَعَ بَقَاءِ حَقِّهِ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَنْقُلْهُ إلَى مُسْتَحَقٍّ عَلَيْهِ، وَإِنَّمَا تَعَلَّقَ حَقُّهُ بِمَكَارِمٍ فَكَانَ لَهُ أَنْ يُطَالِبَ مَنْ عَلَيْهِ الْحَقُّ مَا لَمْ يُوجَدْ الِاسْتِيفَاءُ مِنْ غَيْرِهِ.

١ -

(مَسْأَلَةٌ) :

وَإِذَا عُلِمَ بَيْنَ الطَّالِبِ وَالْغَرِيمِ مُقَابَحَةٌ وَمُعَادَاةٌ وَامْتِنَاعًا بِسُلْطَانٍ فَقَالَ الطَّالِبُ لِمَنْ اسْتَحَالَ عَلَيْهِ لَا أَطْلُبُ بِهِ غَرِيمًا، وَحَقِّي عَلَيْك فَفِي كِتَابِ ابْنِ حَبِيبٍ مِنْ رِوَايَةِ مُطَرِّفٍ عَنْ مَالِكٍ الشَّرْطُ جَائِزٌ، وَحَقُّهُ عَلَيْهِ حَضَرَ الْغَرِيمُ أَوْ غَابَ فِي عُدْمِهِ، وَمَلَائِهِ إلَّا أَنْ يَشَاءَ أَنْ يَرْجِعَ إلَى غَرِيمِهِ رَوَاهُ ابْنُ الْقَاسِمِ عَنْ مَالِكٍ، وَقَالَهُ أَصْبَغُ وَابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ قَالَا وَكَانَ ابْنُ الْقَاسِمِ إنَّمَا يَقُولُهُ فِي الْقَبِيحِ الْمُطَالَبَةِ أَوْ ذِي السُّلْطَانِ، وَنَحْنُ نَرَاهُ فِي كُلِّ أَحَدٍ إذَا بَيَّنَ، وَحَقَّقَ، وَقَالَ ابْنُ الْمَاجِشُونِ الشَّرْطُ بَاطِلٌ، وَهِيَ حَمَالَةٌ لَا يُطَالِبُهُ إلَّا فِي غَيْبَةِ الْغَرِيمِ أَوْ عُدْمِهِ حَتَّى يُسَمِّيَ الْحَوَالَةَ، وَجْهُ رِوَايَةِ مُطَرِّفٍ وَابْنِ الْقَاسِمِ عَنْ مَالِكٍ أَنَّهُ أَمْرٌ لَازِمٌ لِلْمُحِيلِ؛ لِأَنَّهُ الْتَزَمَ أَنْ يَأْخُذَهُ بِحَقِّهِ دُونَ الْغَرِيمِ، وَوَجْهُ قَوْلِ ابْنِ الْمَاجِشُونِ أَنَّ هَذَا الشَّرْطَ لَا يَلْزَمُ إلَّا إذَا سَقَطَ الْخِيَارُ فِي الرُّجُوعِ عَلَى الْغَرِيمِ، وَيَثْبُتُ لِمَا عَقَدَاهُ حُكْمُ الْحَوَالَةِ بِالتَّلَفُّظِ بِهَا.

١ -

(مَسْأَلَةٌ) :

وَلَوْ أَنَّ الْغَرِيمَ ذَهَبَ بِصَاحِبِ الْحَقِّ إلَى غَرِيمٍ لَهُ فَأَمَرَهُ بِالْأَخْذِ مِنْهُ، وَأَمَرَ الْغَرِيمَ بِالدَّفْعِ إلَيْهِ فَيَقْضِيهِ الْبَعْضُ أَوْ لَا يَقْضِيهِ شَيْئًا، وَقَدْ تَقَاضَاهُ فَقَدْ رَوَى يَحْيَى بْنُ يَحْيَى عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ أَنَّ لِلطَّالِبِ الرُّجُوعَ عَلَى الْأَوَّلِ؛ لِأَنَّ هَذَا لَيْسَ بِاحْتِيَالٍ، وَيَقُولُ إنَّمَا أَرَدْت أَنْ أَكْفِيَك التَّقَاضِي، وَإِنَّمَا وَجْهُ الْحَقِّ أَنْ يَقُولَ أُحِيلُك بِحَقِّك عَلَى هَذَا أَوْ أَبْرَأُ إلَيْك بِذَلِكَ.

(مَسْأَلَةٌ) :

وَلَوْ أَحَلْت رَجُلًا عَلَى غَرِيمٍ بِدَيْنٍ لَهُ عَلَيْك ثُمَّ تَبَيَّنَ أَنَّهُ لَيْسَ لَك عَلَيْهِ إلَّا بَعْضُ مَا أَحَلْته بِهِ فَفِي الْعُتْبِيَّةِ مِنْ

<<  <  ج: ص:  >  >>