للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

) .

ــ

[المنتقى]

ابْنِ الْقَاسِمِ فَقَالَ يَتَحَالَفَانِ وَيَتَفَاسَخَانِ إلَّا أَنْ يُمْضِيَ رَبُّ الْحَائِطِ الرَّقِيقَ فَتَلْزَمُ الْمُسَاقَاةُ إلَى أَجَلِهَا وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى صِحَّةِ الْعَقْدِ عَلَى حَسَبِ مَا قُلْنَاهُ، وَقَدْ اخْتَلَفَ أَصْحَابُنَا فِي أَصْلِ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ وَإِطْلَاقِ عَقْدِ الْمُسَاقَاةِ، فَقَالَ عِيسَى بْنُ دِينَارٍ وَابْنُ نَافِعٍ: فِي الْمُزَنِيَّة لَا يَكُونُ الرَّقِيقُ، وَالدَّوَابُّ لِلْعَامِلِ إلَّا بِالشَّرْطِ، وَالْعَقْدُ لَازِمٌ صَحِيحٌ وَفِي الْوَاضِحَةِ أَنَّ مَا فِي الْحَائِطِ مِنْ الْأُجَرَاءِ، وَالدَّوَابِّ، وَالدِّلَاءِ، وَالْحِبَالِ، وَالْأَدَاةِ مِنْ حَدِيدٍ وَغَيْرِهِ مِمَّا يَكُونُ فِيهِ يَوْمَ السِّقَاءِ يَسْتَعِينُ بِهِ الْعَامِلُ، وَإِنْ لَمْ يَشْتَرِطْهُ.

وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ الْمَوَّازِ إنْ اشْتَرَطَ ذَلِكَ رَبُّ الْحَائِطِ لَمْ يَجُزْ، وَاحْتَجَّ عِيسَى لِقَوْلِهِ بِأَنَّ لِصَاحِبِ الْحَائِطِ أَنْ يَقُولَ لَوْ اشْتَرَطْتُمْ عَلَى مَا سَاقَيْتُك إلَّا عَلَى أَقَلَّ مِنْ هَذَا الْجُزْءِ وَهَذَا يَقْتَضِي أَنَّ لَهُ أَنْ يُسَاقِيَهُ عَلَى إخْرَاجِ الرَّقِيقِ، وَالدَّوَابِّ.

وَقَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّ ذَلِكَ لَا يَجُوزُ، وَقَدْ احْتَجَّ لَهُ بِمَا تَقَدَّمَ.

(فَرْعٌ) فَإِذَا قُلْنَا لَا يَجُوزُ لِصَاحِبِ الْحَائِطِ أَنْ يَشْتَرِطَ إخْرَاجَهُمْ فَإِنْ شَرَطَ رَبُّ الْحَائِطِ إخْرَاجَ مَنْ فِيهِ مِنْ الرَّقِيقِ، وَالدَّوَابِّ فَفِي الْمَوَّازِيَّةِ إنْ عَمِلَ عَلَى هَذَا فَلِلْعَامِلِ أَجْرُ مِثْلِهِ.

وَرَوَى عِيسَى عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي الْمُزَنِيَّة لَهُ مُسَاقَاةُ مِثْلِهِ قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ الْمَوَّازِ قَدْ كَانَ يَقُولُهُ، ثُمَّ رَجَعَ إلَى أَجْرِ مِثْلِهِ وَأَمَّا لَوْ اتَّفَقَا عَلَى أَنَّهُمْ كَانُوا فِي الْحَائِطِ يَوْمَ الْعَقْدِ فَإِنَّ صَاحِبَ الْحَائِطِ إنْ ادَّعَى أَنَّهُ قَدْ شَرَطَ إخْرَاجَهُمْ لَمْ يَخْلُ مِنْ ثَلَاثَةِ أَحْوَالٍ إمَّا أَنْ يُوَافِقَهُ الْعَامِلُ عَلَى ذَلِكَ فَيَفْسُدُ الْعَقْدُ فَيُفْسَخُ قَبْلَ الْعَمَلِ وَيُرَدُّ بَعْدَ الْعَمَلِ إلَى أَجْرِ مِثْلِهِ وَإِمَّا أَنْ يُنْكِرَ الْعَامِلُ وَيَدَّعِيَ أَنَّهُ قَدْ شَرَطَ إبْقَاءَهُمْ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْعَامِلِ وَكَذَلِكَ لَوْ لَمْ يَدَّعِ الْعَامِلُ شَيْئًا أَكْثَرَ مِنْ أَنَّهُ أَنْكَرَ الشَّرْطَ؛ لِأَنَّهُ يَدَّعِي الصِّحَّةَ وَصَاحِبُ الْحَائِطِ يَدَّعِي الْفَسَادَ وَلَوْ أَقَرَّ صَاحِبُ الْحَائِطِ أَنَّهُ لَمْ يَشْتَرِطْ شَيْئًا وَادَّعَى أَنَّهُ اعْتَقَدَ إخْرَاجَهُمْ لَمْ يُنْظَرْ إلَى مَا ادَّعَاهُ وَكَانُوا لِلْعَامِلِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

(مَسْأَلَةٌ) :

وَلَوْ كَانَ فِي الْحَائِطِ أُجَرَاءُ فَأُجْرَتُهُمْ عَلَى صَاحِبِ الْحَائِطِ وَوَجْهُ ذَلِكَ أَنَّ الْحَائِطَ إنَّمَا أَخَذَهُ الْعَامِلُ مُسَاقَاةً عَلَى صِفَتِهِ الَّتِي هُوَ عَلَيْهَا حِينَ الْعَقْدِ وَإِنَّمَا يَكُونُ عَلَى تِلْكَ الصِّفَةِ بِعَمَلِ الْعُمَّالِ مِنْ الرَّقِيقِ، وَالْأُجَرَاءِ، وَالدَّوَابِّ فَلَا يَجُوزُ إخْرَاجُ شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ عَنْهُ كَمَا لَا يَجُوزُ أَنْ يَدْفَعَ إلَيْهِ حَائِطَهُ مُسَاقَاةً وَيَسْتَثْنِي مَاءَهُ الَّذِي يُسْقَى بِهِ.

١ -

(مَسْأَلَةٌ) :

وَمَنْ مَاتَ مِنْ الرَّقِيقِ، وَالْأُجَرَاءِ، وَالدَّوَابِّ مِمَّنْ هُوَ لِصَاحِبِ الْحَائِطِ فَعَلَيْهِ خَلَفُ ذَلِكَ قَالَهُ مَالِكٌ فِي الْمُدَوَّنَةِ زَادَ فِي غَيْرِهَا وَإِنْ لَمْ يَشْتَرِطْ الْعَامِلُ ذَلِكَ عَلَيْهِ وَوَجْهُ ذَلِكَ أَنَّ بَقَاءَهُمْ فِي الْحَائِطِ شَرْطٌ فِي صِحَّةِ الْمُسَاقَاةِ فَلَا يَجُوزُ أَنْ يَخْلُوَ وَقْتٌ مِنْ أَوْقَاتِ الْمُسَاقَاةِ مِنْهُمْ فَلَا يَتَعَلَّقُ الْعَقْدُ بِأَعْيَانِهِمْ إلَّا مَعَ بَقَائِهِمْ فَإِنْ عُدِمُوا لَزِمَ صَاحِبَ الْحَائِطِ الْإِتْيَانُ بِعِوَضِهِمْ وَلَمْ يَكُنْ ذَلِكَ بِمَنْزِلَةِ الْعَبْدِ الْمُسْتَأْجَرِ يُعِينُهُ عَلَى الْخِدْمَةِ، فَإِنَّ الْإِجَارَةَ تَبْطُلُ بِمَوْتِهِ، وَالْفَرْقُ بَيْنَهُمَا عَلَى وَجْهَيْنِ:

أَحَدُهُمَا: أَنْ يَكُونَ الْعَقْدُ إنَّمَا يَقَعُ عَلَى عَمَلٍ فِي ذِمَّةِ صَاحِبِ الْحَائِطِ وَلَكِنْ تَعَيَّنَ لِهَؤُلَاءِ الْأُجَرَاءِ، وَالْعُمَّالِ، وَالدَّوَابِّ بِالتَّسْلِيمِ، وَالْيَدِ كَاَلَّذِي يَكْتَرِي رَاحِلَةً مَضْمُونَةً ثُمَّ يُسَلِّمُ إحْدَى رَوَاحِلِهِ إلَى الرَّاكِبِ فَإِنَّهُ لَيْسَ لَهُ أَنْ يُبَدِّلَهَا.

وَالثَّانِي أَنْ يَتَعَيَّنَ الرَّقِيقُ، وَالدَّوَابُّ بِالْعَقْدِ وَيَكُونَ عَلَى صَاحِبِ الْحَائِطِ خَلَفُ ذَلِكَ إنْ تَلِفَ بِمُقْتَضَى الْعَقْدِ؛ لِأَنَّ عَمَلَ الرَّقِيقِ لَيْسَ بِمَقْصُودٍ بِالْعَقْدِ، وَالْعَقْدُ ثَابِتٌ بِمَوْتِ مَنْ مَاتَ مِنْهُمْ فَلِذَلِكَ لَزِمَ الْعِوَضُ فِيهِمْ.

(فَرْعٌ) وَهَذَا إذَا كَانَ الْأَجِيرُ مُسْتَأْجَرًا لِجَمِيعِ الْعَامِ، وَإِنْ كَانَ مُسْتَأْجَرًا لِبَعْضِهِ فَلَمْ أَرَ فِيهِ نَصًّا وَعِنْدِي أَنَّ عَلَيْهِ أَنْ يُعَوِّضَ مِنْهُ مَنْ يُتِمُّ الْعَامَ؛ لِأَنَّهُ لَوْ مَاتَ لَلَزِمَهُ ذَلِكَ، فَكَذَلِكَ إذَا انْقَضَتْ مُدَّةُ إجَارَتِهِ وَلَا يَمْنَعُ ذَلِكَ صِحَّةَ الْعَقْدِ لِأَنَّ عَمَلَ الْأَجِيرِ فِي الْحَائِطِ مُتَعَلِّقٌ بِذِمَّةِ صَاحِبِ الْحَائِطِ أَوْ بِمَعْنَى مَا يَتَعَلَّقُ بِذِمَّتِهِ.

١ -

(مَسْأَلَةٌ) :

وَلَوْ اسْتَعْمَلَ مَا فِي الْحَائِطِ مِنْ الْحِبَالِ، وَالدِّلَاءِ، وَالْآلَةِ حَتَّى خَلِقَ وَلَمْ تَكُنْ فِيهِ مَنْفَعَةٌ فَعَلَى الْعَامِلِ خَلَفُ ذَلِكَ وَلَوْ سُرِقَ ذَلِكَ لَكَانَ عَلَى صَاحِبِ الْحَائِطِ خَلَفُهُ بِمَنْزِلَةِ الرَّقِيقِ، وَالدَّوَابِّ لِتِلْكَ، وَقَدْ رَأَيْته لِبَعْضِ الْعُلَمَاءِ مِنْ شُيُوخِنَا، وَقَدْ قِيلَ فِيهِ غَيْرُ هَذَا أَنَّ عَلَى صَاحِبِ الْحَائِطِ خَلَفَ ذَلِكَ فِي الْوَجْهَيْنِ، وَالْأَوَّلُ عِنْدِي أَظْهَرُ.

(مَسْأَلَةٌ) :

وَنَفَقَةُ الْأُجَرَاءِ، وَالرَّقِيقِ، وَالدَّوَابِّ عَلَى

<<  <  ج: ص:  >  >>