للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(ص) : (قَالَ مَالِكٌ: وَلَيْسَ لِلْمُسَاقَى أَنْ يَعْمَلَ بِعُمَّالِ الْمَالِ فِي غَيْرِهِ وَلَا أَنْ يَشْتَرِطَ ذَلِكَ عَلَى الَّذِي سَاقَاهُ) .

ــ

[المنتقى]

الْعَامِلِ دُونَ صَاحِبِ الْحَائِطِ بِخِلَافِ الْأُجْرَةِ وَوَجْهُ ذَلِكَ أَنَّ الْأُجْرَةَ مَعْنًى لَزِمَ رَبَّ الْحَائِطِ قَبْلَ عَقْدِ الْمُسَاقَاةِ وَكَذَلِكَ أَثْمَانُ الدَّوَابِّ، وَالرَّقِيقِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ النَّفَقَةُ عَلَيْهِمْ فَإِنَّهَا مَعْنًى طَرَأَ بَعْدَ عَقْدِ الْمُسَاقَاةِ وَبِهِ يَتِمُّ الْعَمَلُ فَكَانَ ذَلِكَ عَلَى الْعَامِلِ لِأَنَّ جَمِيعَ الْعَمَلِ الطَّارِئِ عَلَيْهِ.

(مَسْأَلَةٌ) :

وَلَوْ شَرَطَ النَّفَقَةَ عَلَى صَاحِبِ الْحَائِطِ لَمْ يَجُزْ ذَلِكَ مِنْ الْوَاضِحَةِ، وَالْمَوَّازِيَّةِ؛ لِأَنَّ النَّفَقَةَ الطَّارِئَةَ بَعْدَ الْعَقْدِ عَلَى الْعَامِلِ.

(فَصْلٌ) :

وَقَوْلُهُ؛ لِأَنَّهُمْ عُمَّالُ الْمَالِ فَهُمْ بِمَنْزِلَةِ الْمَالِ لَا مَنْفَعَةَ فِيهِمْ لِلدَّاخِلِ إلَّا بِخَفِيفِ الْعَمَلِ يُرِيدُ أَنَّهُمْ كَانُوا عُمَّالَ الْمَالِ قَبْلَ ذَلِكَ إلَى حِينِ الْعَقْدِ فَظُهُورُ الْمَالِ وَقُوَّتُهُ وَكَثْرَةُ عِمَارَتِهِ إنَّمَا كَانَ بِعَمَلِهِمْ وَلَهُمْ فِيهِ تَأْثِيرٌ فَكَانُوا بِمَنْزِلَةِ الْمَاءِ الَّذِي بِهِ صَلَاحُ الْحَائِطِ وَنَمَاؤُهُ فَلَا يَجُوزُ لِذَلِكَ إخْرَاجُهُمْ مِنْ الْمَالِ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ بِمَنْزِلَةِ السَّقْيِ وَسَائِرِ مَا يَتَّصِلُ الِانْتِفَاعُ بِهِ وَلَمَّا كَانَتْ الْمُسَاقَاةُ تَخْتَلِفُ بِمَا أَثَّرَهُ الْعَامِلُ فِي الْحَوَائِطِ فَإِذَا قَوِيَ الْحَائِطُ بِالْعَمَلِ وَضَعُفَ بِقِلَّتِهِ كَمَا يَقْوَى بِالسَّقْيِ وَيَضْعُفُ بِعَدَمِهِ وَتَخْتَلِفُ رَغْبَةُ الْعَامِلِ فِيهِ بِحَسَبِ اخْتِلَافِ ذَلِكَ لَمْ يَجُزْ إخْرَاجُ الرَّقِيقِ كَمَا لَا يَجُوزُ الِاسْتِمْسَاكُ بِالْمَاءِ.

(فَرْعٌ) وَهَذَا إذَا كَانَ الرَّقِيقُ، وَالدَّوَابُّ فِي الْحَائِطِ حِينَ الْمُسَاقَاةِ وَأَمَّا لَوْ أَخْرَجَهُمْ قَبْلَ ذَلِكَ لَصَحَّتْ الْمُسَاقَاةُ عَلَى اسْتِمْسَاكِ صَاحِبِ الْحَائِطِ لَهُمْ وَمَتَى يَكُونُ إخْرَاجُهُمْ يُبِيحُ الِاسْتِمْسَاكَ لَهُمْ لَمْ أَرَ فِيهِ نَصًّا مُحَرَّرًا.

(فَصْلٌ) :

وَقَوْلُهُ وَلَنْ تَجِدَ أَحَدًا يُسَاقِي فِي أَرْضَيْنِ سَوَاءٌ فِي الْأَصْلِ، وَالْمَنْفَعَةِ أَحَدُهُمَا بِعَيْنٍ وَاثِنَةٍ غَزِيرَةٍ، وَالْأُخْرَى بِنَضْحٍ عَلَى شَيْءٍ وَاحِدٍ يُرِيدُ أَنَّ الْأَرْضَيْنِ إذَا تَسَاوَتَا فِي طِيبِ الْأَرْضِ وَقُوَّةِ النَّخْلِ وَكَثْرَةِ غَلَّتِهِمَا إلَّا أَنَّ إحْدَاهُمَا لِسَقْيِهَا نَضْحٌ مَأْمُونٌ غَزِيرٌ لَا يُتَكَلَّفُ عَمَلٌ فِي إخْرَاجِهِ، وَالسَّقْيِ بِهِ، وَالثَّانِيَةُ سَقْيُهَا نَضْحٌ يَتَكَلَّفُ فِيهِ الْمُؤْنَةَ يَأْخُذُهُمَا نَسَقًا وَاحِدًا فِي عَقْدَيْنِ إلَّا أَنْ يَأْخُذَ أَحَدَهُمَا لِمَكَانِ الْآخَرِ فِي عَقْدٍ وَاحِدٍ وَذَلِكَ مِمَّا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ لِخِفَّةِ الْعَمَلِ وَشِدَّتِهِ تَأْثِيرًا مَقْصُودًا فِي الْمُسَاقَاةِ، فَلَا يَجُوزُ أَنْ يَشْتَرِطَ مِنْهُ إلَّا مَا كَانَ عَلَيْهِ الْحَائِطُ يَوْمَ الْمُسَاقَاةِ؛ لِأَنَّ فِي اشْتِرَاطِ غَيْرِ ذَلِكَ عَلَى الْعَامِلِ عَمَلًا لِصَاحِبِ الْحَائِطِ يَعْمَلُهُ الْعَامِلُ فِي غَيْرِ الْحَائِطِ وَفِي اشْتِرَاطِ ذَلِكَ عَلَى صَاحِبِ الْحَائِطِ اشْتِرَاطُ كَثِيرِ الْعَمَلِ عَلَيْهِ وَذَلِكَ كُلُّهُ غَيْرُ جَائِزٍ وَمِمَّا يُبَيِّنُ ذَلِكَ وَيُوَضِّحُهُ أَنَّ صَاحِبَ الْحَائِطِ لَوْ عَمِلَ فِي الْحَائِطِ أَقَلَّ السَّنَةِ أَوْ أَكْثَرَهَا ثُمَّ سَاقَاهُ عَلَى أَنْ يُعْطِيَهُ الْعَامِلُ قِيمَةَ مَا عَمِلَ فِي ذَلِكَ الْعَامِ لَمْ يَجُزْ ذَلِكَ فَاشْتِرَاطُ الْعُمَّالِ الَّذِينَ فِي الْحَائِطِ بِمَنْزِلَةِ اشْتِرَاطِ قِيمَةِ مَا عَمِلَ فِيهِ وَذَلِكَ كُلُّهُ غَيْرُ جَائِزٍ.

(فَصْلٌ) :

وَقَوْلُهُ الْوَاثِنَةُ الثَّابِتُ مَاؤُهَا الَّتِي لَا تَغُورُ وَلَا تَنْقَطِعُ الرِّوَايَةُ الْمَشْهُورَةُ عَنْ يَحْيَى وَغَيْرِهِ الْوَاتِنَةُ بِالتَّاءِ الْمُعْجَمَةِ بِنُقْطَتَيْنِ.

وَقَالَ أَبُو عُبَيْدٍ فِي الْغَرِيبَيْنِ الْوَاتِنُ الدَّائِمُ، وَفِي الْحَدِيثِ أَمَّا تَيْمَاءُ فَعَيْنٌ جَارِيَةٌ وَأَمَّا خَيْبَرُ فَمَاءٌ وَاتِنٌ، وَلَمْ يَذْكُرْ وَاثِنًا بِالثَّاءِ الْمُعْجَمَةِ بِثَلَاثِ نُقَطٍ، وَحَكَى صَاحِبُ الْعَيْنِ الْوَاثِنُ الْمُقِيمُ بِالثَّاءِ بِثَلَاثِ نُقَطٍ وَلَمْ يَذْكُرْ وَاتِنًا بِالتَّاءِ الْمُعْجَمَةِ بِنُقْطَتَيْنِ فَعَلَى هَذَا تَصِحُّ الرِّوَايَتَانِ وَأَمَّا ابْنُ عُمَرَ فَقَالَ وَانِيَةٌ، وَلَمْ يَذْكُرْ التَّفْسِيرَ.

(ش) : قَوْلُهُ وَلَيْسَ لِلْمُسَاقَى أَنْ يَعْمَلَ بِعُمَّالِ الْحَائِطِ فِي غَيْرِهِ يُرِيدُ مَنْ وُجِدَ فِي الْحَائِطِ مِنْ الرَّقِيقِ فَاشْتَرَطَهُمْ حِينَ الْعَقْدِ أَوْ وَجَبَ لَهُ ذَلِكَ بِمُجَرَّدِهِ فَإِنَّهُ لَيْسَ لَهُ أَنْ يَسْتَعْمِلَهُمْ فِي غَيْرِ ذَلِكَ الْحَائِطِ يُرِيدُ مِنْ حَوَائِطِهِ الَّتِي يَمْلِكُهَا أَوْ حَائِطِ رَجُلٍ أَجْنَبِيٍّ اتَّخَذَهَا مُسَاقَاةً أَوْ عَمِلَ فِيهَا بِأُجْرَةٍ وَأَمَّا إنْ كَانَ الرَّقِيقُ لِلْعَامِلِ فَلَهُ أَنْ يَسْتَعْمِلَهُمْ حَيْثُ شَاءَ وَيَسْتَبْدِلَ بِهِمْ كَيْفَ شَاءَ؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا عَلَيْهِ الْعَمَلُ فِي الْحَائِطِ عَلَى صِفَةٍ مَعْلُومَةٍ فَعَلَيْهِ أَنْ يَأْتِيَ بِهَا عَلَى كُلِّ حَالٍ وَيَعْمَلَ مَنْ شَاءَ.

(فَصْلٌ) :

وَقَوْلُهُ وَلَا أَنْ يَشْتَرِطَ ذَلِكَ عَلَى الَّذِي سَاقَاهُ يُرِيدُ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَفْعَلَ ذَلِكَ بِغَيْرِ شَرْطٍ فِي الْعَقْدِ فَإِنْ فَعَلَ مُنِعَ مِنْ ذَلِكَ وَلَا يَفْسُدُ الْعَقْدُ وَلَا يَتَغَيَّرُ شَيْءٌ مِنْهُ وَلَا يَجُوزُ أَنْ يَشْتَرِطَ ذَلِكَ زَادَ فِي الْوَاضِحَةِ وَيُفْسِدُ هَذَا الشَّرْطُ الْمُسَاقَاةَ؛ لِأَنَّ اشْتِرَاطَ الزِّيَادَةِ فِيهَا يُنَافِي صِحَّتَهَا.

(فَرْعٌ) فَإِنْ شَرَطَ ذَلِكَ وَفَسَدَتْ

<<  <  ج: ص:  >  >>