للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(ص) : (قَالَ مَالِكٌ: وَلَا يَجُوزُ لِلَّذِي سَاقَى أَنْ يَشْتَرِطَ عَلَى رَبِّ الْمَالِ رَقِيقًا يَعْمَلُ بِهِمْ فِي الْحَائِطِ لَيْسُوا فِيهِ حِينَ سَاقَاهُ إيَّاهُ) .

(ص) : (قَالَ مَالِكٌ: وَلَا يَنْبَغِي لِرَبِّ الْمَالِ أَنْ يَشْتَرِطَ عَلَى الَّذِي دَخَلَ فِي مَالِهِ بِمُسَاقَاةٍ أَنْ يَأْخُذَ مِنْ رَقِيقِ الْمَالِ أَحَدًا يُخْرِجُهُ مِنْ الْمَالِ وَإِنَّمَا مُسَاقَاةُ الْمَالِ عَلَى حَالِهِ الَّذِي هُوَ عَلَيْهِ قَالَ فَإِنْ كَانَ صَاحِبُ الْمَالِ يُرِيدُ أَنْ يُخْرِجَ مِنْ رَقِيقِ الْمَالِ أَحَدًا فَلْيُخْرِجْهُ قَبْلَ الْمُسَاقَاةِ أَوْ يُرِيدُ أَنْ يُدْخِلَ فِيهِ أَحَدًا فَلْيَفْعَلْ ذَلِكَ قَبْلَ الْمُسَاقَاةِ، ثُمَّ يُسَاقِي بَعْدَ ذَلِكَ إنْ شَاءَ) .

ــ

[المنتقى]

الْمُسَاقَاةُ وَفَاتَتْ بِالْعَمَلِ فَقِيَاسُ قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ أَنْ يُرَدَّ إلَى أُجْرَةِ مِثْلِهِ.

(ش) : قَوْلُهُ لَا يَجُوزُ لِلَّذِي سَاقَى أَنْ يَشْتَرِطَ عَلَى رَبِّ الْمَالِ رَقِيقًا لَيْسُوا فِي الْحَائِطِ يُرِيدُ أَنْ يَشْتَرِطَ عَمَلَهُمْ فِي حَائِطِ الْمُسَاقَاةِ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ ازْدِيَادٌ يَزْدَادُهُ الْعَامِلُ عَلَى رَبِّ الْحَائِطِ مِمَّا يَلْزَمُ الْعَامِلَ وَلَا يَجُوزُ أَنْ يَشْتَرِطَ مِنْهُ مَا لَهُ قِيمَةٌ؛ لِأَنَّ الْمُسَاقَاةَ مَبْنِيَّةٌ عَلَى مُسَاقَاةِ ازْدِيَادِ أَحَدِ الْمُتَسَاقِيَيْنِ عَلَى مَا يَقْتَضِيهِ مُطْلَقُ الْعَقْدِ وَمُطْلَقُ الْعَقْدِ يَقْتَضِي جَمِيعَ الْعَمَلِ عَلَى الْعَامِلِ، وَالْأَصْلُ فِي ذَلِكَ مَا رَوَى نَافِعٌ عَنْ ابْنِ عُمَرَ أَنَّ «الْيَهُودَ سَأَلَتْ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِيُقِرَّهُمْ عَلَى أَنْ يَكُفُّوا الْعَمَلَ وَلَهُمْ نِصْفُ الثَّمَرِ، فَقَالَ لَهُمْ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - نُقِرُّكُمْ بِهَا عَلَى ذَلِكَ مَا شِئْنَا» وَلِأَنَّنَا قَدْ قَدَّمْنَا أَنَّهُ لَا يَجُوزُ اشْتِرَاطُ صَاحِبِ الْحَائِطِ إخْرَاجَ مَنْ فِي الْحَائِطِ مِنْ الرَّقِيقِ، وَالدَّوَابِّ فَبِأَنْ لَا يَجُوزَ لِلْعَامِلِ اشْتِرَاطُ مَنْ لَيْسَ فِي الْحَائِطِ أَحْرَى وَأَوْلَى.

(فَرْعٌ) وَقَدْ جَوَّزَ مَالِكٌ أَنْ يَشْتَرِطَ الْعَامِلُ مِنْ ذَلِكَ التَّافِهَ الْيَسِيرَ قَالَ فِي الْمُدَوَّنَةِ: كَالْعَبْدِ، وَالدَّابَّةِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ وَغَيْرُهُ: وَذَلِكَ فِي الْحَائِطِ الْكَبِيرِ فَإِنْ كَانَ الْحَائِطُ صَغِيرًا لَمْ يَجُزْ ذَلِكَ عِنْدِي؛ لِأَنَّهُ يَشْتَرِطُ عَلَيْهِ حِينَئِذٍ جَمِيعَ الْعَمَلِ وَوَجْهُ الْجَوَازِ فِي الْحَائِطِ الْكَبِيرِ؛ لِأَنَّهُ يَجُوزُ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْ الْمُتَسَاقِيَيْنِ أَنْ يَشْتَرِطَ عَلَى صَاحِبِهِ الْيَسِيرَ مِمَّا يَلْزَمُهُ عَمَلُهُ كَمَا يَشْتَرِطُ صَاحِبُ الْحَائِطِ عَلَى الْعَامِلِ سَدَّ الْحِظَارِ، وَالنَّفَقَةِ الْيَسِيرَةِ فِي الظَّفِيرَةِ، وَالْقُفِّ.

(فَرْعٌ) فَإِذَا قُلْنَا بِجَوَازِ أَنْ يَشْتَرِطَ الْغُلَامَ، وَالدَّابَّةَ فَإِنَّ مِنْ حُكْمِ ذَلِكَ أَنْ يَشْتَرِطَ بَقَاءَهُ فِي الْحَائِطِ مُدَّةَ الْمُسَاقَاةِ، وَإِنْ مَاتَ أَخْلَفَ ذَلِكَ رَبُّ الْحَائِطِ، قَالَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ فِي الْمُدَوَّنَةِ.

وَقَالَ فِي الْعُتْبِيَّةِ لَوْ لَمْ يَشْتَرِطْ ذَلِكَ لَمْ يَجُزْ وَلَوْ شَرَطَ رَبُّ الْحَائِطِ أَنْ يُخْلِفَهُ فَقَدْ قَالَ فِي الْوَاضِحَةِ لَا يَجُوزُ ذَلِكَ وَوَجْهُ ذَلِكَ مَا فِيهِ مِنْ الْغَرَرِ؛ لِأَنَّ مَا عَقَدَا بَاقٍ لَا يَبْطُلُ بِمَوْتِ الْغُلَامِ فَإِذَا لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ خُلْفُهُ فَقَدْ اشْتَرَطَ عَمَلَهُ مُدَّةً مَجْهُولَةً وَذَلِكَ غَيْرُ جَائِزٍ.

١ -

(مَسْأَلَةٌ) :

وَلَا يَجُوزُ أَنْ يَشْتَرِطَ عَلَى صَاحِبِ الْحَائِطِ غُلَامَهُ مَعَهُ قَالَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ فِي الْمُدَوَّنَةِ وَقَالَ سَحْنُونٌ إذَا كَانَ الْحَائِطُ كَبِيرًا يَجُوزُ اشْتِرَاطُ الْغُلَامِ فِيهِ جَازَ اشْتِرَاطُ عَمَلِ رَبِّ الْحَائِطِ فِيهِ وَجْهُ قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ أَنَّ مِنْ حُكْمِ الْمُسَاقَاةِ أَنْ يَكُونَ الْحَائِطُ بِيَدِ الْعَامِلِ كَالْقِرَاضِ وَعَمَلُ رَبِّ الْحَائِطِ يَمْنَعُ مِنْ ذَلِكَ وَوَجْهُ قَوْلِ سَحْنُونٍ: إنَّ هَذَا اشْتِرَاطُ عَمَلِ عَامِلٍ وَاحِدٍ فِي حَائِطٍ كَبِيرٍ فَجَازَ ذَلِكَ كَمَا لَوْ اشْتَرَطَ عَمَلَ أَجِيرٍ.

(فَرْعٌ) فَإِنْ قُلْنَا بِقَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ فَعَمِلَ عَلَى ذَلِكَ، فَفِي الْمُدَوَّنَةِ يُرَدُّ إلَى مُسَاقَاةِ مِثْلِهِ.

وَقَالَ ابْنُ الْمَوَّازِ يُرَدُّ إلَى إجَارَةِ مِثْلِهِ وَوَجْهُ قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ مَا احْتَجَّ بِهِ مِنْ أَنَّ مَالِكًا قَدْ أَجَازَ اشْتِرَاطَ عَمَلِ الدَّابَّةِ، وَالْغُلَامِ فَأَشَارَ بِذَلِكَ إلَى أَنَّهُ مَكْرُوهٌ مِنْ أَجْلِ الْيَدِ وَأَنَّهُ لَيْسَ مِنْ الْحَرَامِ لَمَّا جَوَّزَ ذَلِكَ مَا هُوَ فِي مَعْنَاهُ وَوَجْهُ قَوْلِ ابْنِ الْمَوَّازِ أَنَّهُ مُسَاقَاةٌ تُزِيلُ يَدَ الْعَامِلِ فَرُدَّتْ إلَى الْإِجَارَةِ كَمَا لَوْ شَرَطَ صَاحِبُهُ بَقَاءَ الْحَائِطِ فِي يَدِهِ.

(ش) : قَوْلُهُ لَا يَنْبَغِي لِرَبِّ الْمَالِ أَنْ يَشْتَرِطَ عَلَى الْعَامِلِ إخْرَاجَ أَحَدٍ مِنْ رَقِيقِ الْمَالِ يُرِيدُ أَنَّ حُكْمَ الْمُسَاقَاةِ إبْقَاءُ مَنْ كَانَ مِنْ خُدَّامِ الْمَالِ يَوْمَ الْمُسَاقَاةِ؛ لِأَنَّ الْمُسَاقَاةَ إنَّمَا تَكُونُ فِيهِ عَلَى حَالِهِ الَّذِي هُوَ عَلَيْهِ يَوْمَ الْعَقْدِ؛ لِأَنَّ بِعَمَلِ الْعُمَّالِ صَارَ عَلَى الصِّفَةِ الَّتِي يَتَرَاضَيَانِ عَلَيْهَا وَبِإِخْرَاجِ الْمُعَيَّنِ عَنْ الْحَائِطِ نَقْصٌ عَنْ تِلْكَ الصِّفَةِ فَصَارَتْ بِمَنْزِلَةِ اسْتِثْنَاءِ شَيْءٍ مِنْ الْحَائِطِ الَّذِي يَعْمَلُ فِي جُمْلَتِهِ، وَقَدْ جَوَّزَ ذَلِكَ ابْنُ نَافِعٍ، وَقَدْ تَقَدَّمَ ذِكْرُهُ.

(فَصْلٌ) :

وَقَوْلُهُ، وَإِنْ كَانَ صَاحِبُ الْمَالِ يُرِيدُ أَنْ يُخْرِجَ مِنْ الرَّقِيقِ أَحَدًا فَلْيُخْرِجْهُ أَوْ يُدْخِلَ فِيهِ أَحَدًا فَلْيُدْخِلْهُ قَبْلَ الْمُسَاقَاةِ، ثُمَّ يُسَاقِي عَلَى ذَلِكَ إنْ شَاءَ يُرِيدُ أَنَّ لَهُ أَنْ يُخْرِجَ الرَّقِيقَ مِنْهُ أَوْ يُدْخِلَ

<<  <  ج: ص:  >  >>