للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(ص) : (قَالَ مَالِكٌ فِي رَجُلٍ تَعَدَّى فَتَسَلَّفَ مِمَّا بِيَدَيْهِ مِنْ الْقِرَاضِ مَالًا فَابْتَاعَ بِهِ سِلْعَةً لِنَفْسِهِ قَالَ مَالِكٌ: إنْ رَبِحَ فَالرِّبْحُ عَلَى شَرْطِهِمَا فِي الْقِرَاضِ، وَإِنْ نَقَصَ فَهُوَ ضَامِنٌ لِلنُّقْصَانِ قَالَ مَالِكٌ فِي رَجُلٍ دَفَعَ إلَى رَجُلٍ مَالًا قِرَاضًا فَاسْتَسْلَفَ مِنْهُ الْمَدْفُوعُ إلَيْهِ الْمَالَ مَالًا وَاشْتَرَى بِهِ سِلْعَةً لِنَفْسِهِ إنَّ صَاحِبَ الْمَالِ بِالْخِيَارِ إنْ شَاءَ أَشْرَكَهُ فِي السِّلْعَةِ عَلَى قِرَاضِهَا، وَإِنْ شَاءَ خَلَّى بَيْنَهُ وَبَيْنَهَا وَأَخَذَ مِنْهُ رَأْسَ الْمَالِ كُلَّهُ، وَكَذَلِكَ يُفْعَلُ بِكُلِّ مَنْ تَعَدَّى) .

ــ

[المنتقى]

عِنْدَ الْأَوَّلِ، وَعِنْدَ الْغَيْرِ أَنَّ رَأْسَ الْمَالِ هُوَ مَا صَارَ إلَى الْعَامِلِ الثَّانِي مِنْ الْمَالِ، وَذَلِكَ مِثْلُ أَنْ يَكُونَ رَأْسُ الْمَالِ ثَمَانِينَ فَيَضِيعَ مِنْهُ عِنْدَ الْعَامِلِ الْأَوَّلِ أَرْبَعُونَ وَيَدْفَعَ إلَى الْعَامِلِ الثَّانِي أَرْبَعِينَ فَصَارَتْ بِعَمَلِ الثَّانِي مِائَةً فَقَدْ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ فِي الْمُدَوَّنَةِ إنَّ صَاحِبَ الْمَالِ يَأْخُذُ رَأْسَ مَالِهِ ثَمَانِينَ وَنِصْفَ مَا بَقِيَ بِاسْمِ الرِّبْحِ، وَذَلِكَ عَشَرَةٌ وَيَأْخُذُ الْعَامِلُ الثَّانِي الْعَشَرَةَ الْبَاقِيَةَ وَيَرْجِعُ عَلَى الْعَامِلِ الْأَوَّلِ بِبَقِيَّةِ مَالِهِ مِنْ الرِّبْحِ؛ لِأَنَّ الرِّبْحَ فِي حَقِّهِ سِتُّونَ لَهُ مِنْهَا النِّصْفُ وَذَلِكَ ثَلَاثُونَ قَالَ سَحْنُونٌ، وَقَالَ غَيْرُهُ بَلْ رَأْسُ الْمَالِ مَا بِيَدِ الْعَامِلِ وَذَلِكَ أَرْبَعُونَ ثُمَّ يَأْخُذُ نِصْفَ الرِّبْحِ وَذَلِكَ ثَلَاثُونَ ثُمَّ يَرْجِعُ صَاحِبُ الْمَالِ عَلَى الْعَامِلِ الْأَوَّلِ، وَإِنْ كَانَ أَتْلَفَ الْأَرْبَعِينَ بَعْدَ أَخْذِهَا مِنْهُ فَيَكْمُلُ لَهُ مِائَةٌ وَعَشَرَةٌ، وَإِنْ كَانَتْ تَلِفَتْ بِغَيْرِ نَقْدٍ رَجَعَ عَلَيْهِ بِعِشْرِينَ، وَقَدْ أَخَذَ سَبْعِينَ فَيَكْمُلُ عِنْدَهُ رَأْسُ مَالِهِ وَرِبْحُهُ تِسْعِينَ، وَوَجْهُ قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ أَنَّ أَصْلَ الْمَالِ وَرِبْحَهُ عَلَى مِلْكِ صَاحِبِ الْمَالِ فَهُوَ أَحَقُّ بِهِ مِنْ الْعَامِلِ حَتَّى يَسْتَوْفِيَ رَأْسَ مَالِهِ وَرِبْحَهُ عَلَى مَا أَعْطَاهُ عَلَيْهِ، وَيَدُ الْعَامِلِ لَيْسَتْ بِيَدٍ تَمْلِكُ وَلَا مُسَلَّمٌ إلَيْهَا بِحَقٍّ بَلْ إنَّمَا صَارَ إلَيْهِ الْمَالُ بِالتَّعَدِّي، وَهُوَ مُقِرٌّ بِأَصْلِ الْمَالِ، وَإِنْ كَانَ أَتْلَفَ الْأَرْبَعِينَ مِنْهُ وَرِبْحُهُ لِصَاحِبِهِ، وَهَذَا هُوَ الظَّاهِرُ مِنْ قَوْلِ مَالِكٍ فِي الْأَصْلِ إنَّ لِصَاحِبِ الْمَالِ شَرْطَهُ مِنْ الرِّبْحِ، ثُمَّ يَكُونُ لِلَّذِي عَمِلَ شَرْطُهُ بِمَا بَقِيَ مِنْ الْمَالِ فَجَعَلَ صَاحِبَ الْمَالِ مُقَدَّمًا بِأَخْذِ مَالِهِ بِأَصْلِ عَقْدِ الْقِرَاضِ وَمَا شَرَطَهُ فِيهِ ثُمَّ يَأْخُذُ بَعْدَهُ الْعَامِلُ الثَّانِي؛ لِأَنَّ ثُمَّ لِلتَّرْتِيبِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ، وَوَجْهُ قَوْلِ الْغَيْرِ إنَّ الْمَالَ بِيَدِ الْعَامِلِ الثَّانِي عَلَى وَجْهِ الْقِرَاضِ فَكَانَ أَحَقَّ بِمَا يَدَّعِيهِ مِنْ رِبْحِهِ كَمَا لَوْ اخْتَلَفَ الْعَامِلُ وَصَاحِبُ الْمَالِ فِي الرِّبْحِ فَإِنَّ الْقَوْلَ قَوْلُ الْعَامِلِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

(مَسْأَلَةٌ) :

فَإِنْ أَخَذَ الْمَالَ الْعَامِلُ الثَّانِي عَلَى غَيْرِ الْجُزْءِ الَّذِي أَخَذَهُ عَلَيْهِ الْعَامِلُ الْأَوَّلُ وَذَلِكَ مِثْلُ أَنْ يَأْخُذَهُ الْأَوَّلُ عَلَى النِّصْفِ فَيَدْفَعَهُ إلَى الثَّانِي عَلَى الثُّلُثَيْنِ فَفِي الْمُدَوَّنَةِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ هُوَ ضَامِنٌ عِنْدَ مَالِكٍ، فَإِنْ رَبِحَ الثَّانِي فَرَبُّ الْمَالِ أَوْلَى بِثُلُثَيْ الرِّبْحِ بِجَمِيعِ نِصْفِ الرِّبْحِ وَلِلْعَامِلِ الثَّانِي النِّصْفُ ثُمَّ يَرْجِعُ عَلَى الْعَامِلِ الْأَوَّلِ بِالسُّدُسِ الَّذِي بَقِيَ لَهُ وَيَجِيءُ عَلَى قَوْلِ الْغَيْرِ إنَّ الْعَامِلَ الثَّانِيَ أَوْلَى بِثُلُثَيْ الرِّبْحِ ثُمَّ يَرْجِعُ صَاحِبُ الْمَالِ عَلَى الْعَامِلِ الْأَوَّلِ بِتَمَامِ مَا يَجِبُ لَهُ مِنْ الرِّبْحِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

(فَصْلٌ) :

وَقَوْلُهُ إنْ رَبِحَ فَلِصَاحِبِ الْمَالِ شَرْطُهُ مِنْ الرِّبْحِ يُرِيدُ أَنَّهُ أَوْلَى بِهِ مِنْ الْعَامِلَيْنِ عَلَى مَا تَقَدَّمَ وَقَوْلُهُ ثُمَّ يَكُونُ لِلَّذِي عَمِلَ شَرْطُهُ مِمَّا بَقِيَ مِنْ الْمَالِ يُرِيدُ أَنَّهُ إنَّمَا يَأْخُذُ بَعْدَ اسْتِيفَاءِ صَاحِبِ الْمَالِ مَا شَرَطَهُ فَيَأْخُذُ هَذَا مَا شَرَطَ أَيْضًا مِنْ بَاقِي الْمَالِ، وَذَلِكَ يَكُونُ عَلَى وَجْهَيْنِ:

أَحَدُهُمَا: أَنْ يَكُونَ فِي الْمَالِ رِبْحٌ مِنْ تِجَارَتِهِ فَيَأْخُذَهُ، وَهَذَا إنَّمَا يَكُونُ إذَا قَبَضَ الثَّانِي رَأْسَ الْمَالِ كَامِلًا فَتَكُونُ مِنْ فِي قَوْلِهِ مِمَّا بَقِيَ زَائِدَةً.

وَالْوَجْهُ الثَّانِي: أَنْ يَكُونَ أَخَذَهُ وَفِيهِ نَمَاءٌ وَتِجَارَةٌ الْأَوَّلُ، فَيَأْخُذُ الثَّانِي مَالَهُ مِنْ الرِّبْحِ الَّذِي رَبِحَهُ مِنْ جُمْلَةِ الرِّبْحِ الَّذِي لَهُ وَلِلْعَامِلِ الْأَوَّلِ فَتَكُونُ مِنْ فِي قَوْلِهِ مِمَّا بَقِيَ لِلتَّبْعِيضِ، وَأَمَّا لَوْ أَخَذَهُ الثَّانِي مِنْ الْأَوَّلِ، وَقَدْ نَقَصَ عَنْ رَأْسِ الْمَالِ لَمَا كَانَ فِيمَا بَقِيَ مَا تُسْتَوْفَى مِنْهُ حِصَّتُهُ مِنْ الرِّبْحِ وَيَرْجِعُ بِمَا بَقِيَ مِنْ حِصَّتِهِ عَلَى الْعَامِلِ الْأَوَّلِ وَبِاَللَّهِ التَّوْفِيقُ.

(ش) : وَهَذَا كَمَا قَالَ إنَّ مَنْ أَخَذَ مَالًا عَلَى وَجْهِ الْقِرَاضِ فَتَعَدَّى مَا أَمَرَ بِهِ وَاسْتَسْلَفَ لِيَنْفَرِدَ بِرِبْحِهِ فَإِنَّ ذَلِكَ لَا يَخْلُو مِنْ أَنْ يَظْهَرَ عَلَيْهِ قَبْلَ أَنْ يَبِيعَ مَا اشْتَرَاهُ بِهِ أَوْ بَعْدَ ذَلِكَ، فَإِنْ كَانَ قَبْلَ أَنْ يَبِيعَهُ فَإِنَّ الَّذِي دَفَعَهُ إلَيْهِ بِالْخِيَارِ بَيْنَ أَنْ يَرُدَّهُ إلَى

<<  <  ج: ص:  >  >>