للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(ص) : (قَالَ يَحْيَى قَالَ مَالِكٌ فِي رَجُلٍ أَخَذَ مِنْ رَجُلٍ مَالًا قِرَاضًا ثُمَّ دَفَعَهُ إلَى رَجُلٍ آخَرَ فَعَمِلَ فِيهِ قِرَاضًا بِغَيْرِ إذْنِ صَاحِبِهِ أَنَّهُ ضَامِنٌ لِلْمَالِ إنْ نَقَصَ فَعَلَيْهِ النُّقْصَانُ، وَإِنْ رَبِحَ فَلِصَاحِبِ الْمَالِ شَرْطُهُ مِنْ الرِّبْحِ، ثُمَّ يَكُونُ لِلَّذِي عَمِلَ شَرْطُهُ بِمَا بَقِيَ مِنْ الْمَالِ) .

ــ

[المنتقى]

بَيْنَ أَنْ يَدْفَعَ إلَيْهِ مَا أَقْرَضَهُ فَيَكُونَ عَلَى الْقِرَاضِ أَوْ يَكُونَ شَرِيكًا لَهُ بِمَا أَدَّى وَيَكُونَ الرِّبْحُ وَالْخَسَارَةُ بَيْنَهُمَا عَلَى ذَلِكَ.

وَقَالَ غَيْرُ ابْنِ الْقَاسِمِ رَبُّ الْمَالِ مُخَيَّرٌ بَيْنَ أَنْ يَدْفَعَ إلَيْهِ مَا أَدَّى فَيَكُونَ رَبُّ الْمَالِ شَرِيكًا بِهِ لِمَالِ الْقِرَاضِ، فَإِنْ كَانَ نَمَاءٌ أَوْ نَقْصٌ قُصِرَ عَلَى قِيمَةِ الصَّبْغِ وَرَأْسِ الْمَالِ أَوْ يَكُونَ لِلْعَامِلِ فِيهِ أُجْرَةُ الْمِثْلِ وَبَيْنَ أَنْ يُضَمِّنَهُ الثِّيَابَ الَّتِي طَرَّزَهَا وَقَصَّرَهَا بِمَالِهِ وَبَيْنَ أَنْ يَكُونَ الْعَامِلُ شَرِيكًا لَهُ بِقِيمَةِ الصَّبْغِ مِنْ قِيمَةِ الثِّيَابِ.

وَجْهُ قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ أَنَّ الْعَامِلَ لَمَّا صَرَفَ مَا صَبَغَ بِهِ وَقَصَّرَ فِي مَالِ الْقِرَاضِ كَانَ الظَّاهِرُ أَنَّهُ إنَّمَا أَسْلَفَهُ رَبُّ الْمَالِ لِيُلْحِقَهُ بِالْقِرَاضِ، فَإِنْ رَضِيَ ذَلِكَ رَبُّ الْمَالِ كَانَ مِنْ جُمْلَةِ الْقِرَاضِ، وَإِنْ رَدَّ ذَلِكَ عَلَيْهِ كَانَ الْعَامِلُ شَرِيكًا لَهُ؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا أَنْفَقَهُ وَصَرَفَهُ عَلَى وَجْهِ التِّجَارَةِ وَطَلَبِ الرِّبْحِ فِيهِ وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يُضَمِّنَهُ الثِّيَابَ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَتَعَدَّ فِيهَا بَلْ عَمِلَ فِيهَا مَا كَانَ لَهُ أَنْ يَعْمَلَ، وَوَجْهُ قَوْلِ الْغَيْرِ أَنَّ الْعَامِلَ إذَا أَسْلَفَ رَبَّ الْمَالِ وَقَبَضَ صَاحِبُ الْمَالِ السَّلَفَ كَانَ بِمَنْزِلَةِ أَنْ يَكُونَ رَبُّ الْمَالِ دَفَعَ ذَلِكَ الْمَالَ الَّذِي طَرَّزَ بِهِ وَصَبَغَ مِنْ عِنْدِهِ، وَلَوْ فَعَلَ ذَلِكَ لَكَانَ شَرِيكًا بِهِ لِمَالِ الْقِرَاضِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَأْذَنْ لَهُ فِي أَنْ يُلْحِقَهُ بِالْقِرَاضِ، وَإِنَّمَا يَكُونُ لِلْعَامِلِ فِي ذَلِكَ أَجْرُ مِثْلِهِ، وَإِنْ أَبَى رَبُّ الْمَالِ مِنْ قَبُولِ السَّلَفِ جَازَ لَهُ أَنْ يُضَمِّنَهُ الثِّيَابَ؛ لِأَنَّهُ قَدْ تَعَدَّى بِخَلْطِ مَالِهِ بِمَالِ الْقِرَاضِ بَعْدَ الشِّرَاءِ بِهِ فِي وَقْتٍ لَا يَجُوزُ لَهُ خَلْطُ مَالِهِ بِهِ.

(مَسْأَلَةٌ) :

فَإِنْ كَانَ مَا أَسْلَفَهُ اكْتَرَى بِهِ عَلَى مَالِ الْقِرَاضِ فَإِنَّ الْعَامِلَ لَا يَكُونُ بِهِ شَرِيكًا، وَإِنَّ ذَلِكَ لَهُ دَيْنٌ فِي مَالِ الْقِرَاضِ، فَإِنْ لَمْ يَبْقَ مِنْ مَالِ الْقِرَاضِ شَيْءٌ فَلَا شَيْءَ لَهُ، وَوَجْهُ ذَلِكَ مَا احْتَجَّ بِهِ ابْنُ الْقَاسِمِ أَنَّ الصَّبْغَ يُحْسَبُ فِي رَأْسِ الْمَالِ وَلَهُ حَظٌّ مِنْ الرِّبْحِ لِمَنْ بَاعَ مُرَابَحَةً، وَالْكِرَاءُ لَا يُحْسَبُ لَهُ رِبْحٌ؛ لِأَنَّهُ غَيْرُ سِلْعَةٍ قَائِمَةٍ فِي الْبَزِّ، وَإِنَّمَا يَكُونُ شَرِيكًا بِالسِّلْعَةِ الْقَائِمَةِ.

(فَرْعٌ) فَإِذَا أَضَافَ إلَى مَالِ الْقِرَاضِ مَا يَكُونُ بِهِ شَرِيكًا كَالصَّبْغِ، وَالْقِصَارَةِ فَذَهَبَ الْمَالُ إلَى قَدْرِ مَا أَضَافَ إلَيْهِ فَإِنَّهُ لَا يَكُونُ لَهُ مَنْعُهُ إلَّا بِقَدْرِ حِصَّتِهِ، وَإِنْ كَانَ مَا أَضَافَهُ إلَيْهِ لَا يَكُونُ بِهِ شَرِيكًا كَالْكِرَاءِ فَتَلِفَ الْمَالُ إلَّا بِقَدْرِ الْكِرَاءِ فَإِنَّهُ أَحَقُّ بِهِ قَالَهُ ابْنُ الْمَوَّازِ، وَوَجْهُ ذَلِكَ أَنَّ ثَمَنَ الصَّبْغِ وَالْقِصَارَةِ، هُوَ بِهِ شَرِيكٌ، وَالْكِرَاءُ سَلَفٌ قَالَ الْقَاضِي أَبُو الْوَلِيدِ وَعِنْدِي أَنَّ لَهُ أَخْذُهُ مِنْ مَالِ الْقِرَاضِ؛ لِأَنَّهُ قَضَى عَنْهُ مَا لَزِمَهُ كَمَنْ قَضَى عَنْ غَيْرِهِ بِغَيْرِ أَمْرِهِ فَيَكُونُ لَهُ ذَلِكَ فِي مَالِ الْقِرَاضِ.

(مَسْأَلَةٌ) :

وَالْوَجْهُ الثَّالِثُ أَنْ يُقْرِضَ مَالَ الْقِرَاضِ، وَالْوَجْهُ الرَّابِعُ أَنْ يُنْفِقَ، وَلَمْ يَقْصِدْ شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ.

(ش) : وَهَذَا كَمَا قَالَ إنَّ مَنْ دَفَعَ إلَى رَجُلٍ مَالًا قِرَاضًا ثُمَّ دَفَعَهُ الْعَامِلُ إلَى رَجُلٍ آخَرَ فَعَمِلَ فِيهِ عَلَى الْقِرَاضِ دُونَ إذْنِ صَاحِبِ الْمَالِ فَإِنَّهُ لَا يَجُوزُ أَنْ يَدْفَعَهُ إلَيْهِ، وَهُوَ عَلَى حَالِهِ لَمْ يَنْقُصْ وَلَمْ يَزِدْ أَوْ يَدْفَعَهُ إلَيْهِ وَقَدْ دَخَلَهُ زِيَادَةٌ أَوْ نَقْصٌ، فَإِنْ دَفَعَهُ إلَيْهِ وَهُوَ عَلَى حَالِهِ فَدَخَلَهُ نَقْصٌ بِيَدِ الثَّانِي فَالْأَوَّلُ ضَامِنٌ؛ لِأَنَّهُ مُتَعَدٍّ فِي دَفْعِ الْمَالِ إلَى غَيْرِهِ فَلَزِمَهُ الضَّمَانُ بِذَلِكَ التَّعَدِّي.

(مَسْأَلَةٌ) :

فَإِنْ كَانَ مَالُهُ غَيْرَ مَا كَانَ عَلَيْهِ فَلَا يَخْلُو أَنْ يَكُونَ دَخَلَهُ زِيَادَةٌ أَوْ نَقْصٌ، فَإِنْ دَخَلَتْهُ زِيَادَةٌ وَكَانَ أَعْطَاهُ عَلَى مِثْلِ مَا أَخَذَهُ عَلَيْهِ مِنْ الْقِرَاضِ فَإِنَّ صَاحِبَ الْمَالِ يُقَاسِمُ الْعَامِلَ الثَّانِي عَلَى حَسَبِ مَا كَانَ يُقَاسِمُ عَلَيْهِ الْأَوَّلَ، ثُمَّ يَأْخُذُ الْعَامِلُ الْأَوَّلُ مِنْ الثَّانِي مَا كَانَ يَأْخُذُهُ مِنْ الْمَالِ لَوْ قَاسَمَ صَاحِبَهُ يَوْمَ دَفَعَهُ إلَى الثَّانِي وَيَكُونُ رَأْسُ الْمَالِ عِنْدَ الثَّانِي مَا دَفَعَهُ إلَيْهِ الْأَوَّلُ مِنْ الْمَالِ وَرِبْحِهِ وَيَكُونُ لِلْعَامِلِ الْأَوَّلِ نَصِيبُهُ مِنْ الرِّبْحِ الَّذِي ظَهَرَ عِنْدَهُ وَأَسْلَمَهُ إلَى الْعَامِلِ الثَّانِي.

(مَسْأَلَةٌ) :

وَلَوْ دَخَلَ الْمَالَ نَقْصٌ بِيَدِ الْعَامِلِ الْأَوَّلِ، ثُمَّ أَخَذَهُ الثَّانِي عَلَى مِثْلِ ذَلِكَ الرِّبْحِ فَرَبِحَ فَعِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ أَنَّ رَأْسَ الْمَالِ بِيَدِ الثَّانِي مَا كَانَ رَأْسُ الْمَالِ

<<  <  ج: ص:  >  >>